طبيب بريطاني: مستشفيات غزة تعمل في ظروف أشبه بـ"العصور الوسطى"
المستشفيات في غزة باتت تمارس "طب العصور الوسطى" بسبب ندرة إمكانياتها الطبية والكم الهائل من الجرحى الذين يصلون إليها في ظروف صعبة جداً، وفق ما يصف طبيب جراح بريطاني عايش هذه الأزمة الانسانية عن قرب خلال عمله في غزة.
وصف الجرّاح البريطاني خالد دواس، الذي عاد أواخر نيسان/أبريل الماضي من غزة، المستشفيات هناك بأنها باتت تمارس "طب العصور الوسطى".
وقال دواس - رئيس قسم جراحة المريء والمعدة في مستشفيات كليّة لندن الجامعية University College London Hospitals لوكالة (فرانس برس): "إنه أمر واقعي تماماً أن يوصف بطب العصور الوسطى. هذا الأمر يمكن أن تسمع عنه أو تقرأ بأنه حدث في أوروبا قبل حوالى 300 أو 400 عام".
وتحدّث دواس عن ظروف قاسية في مستشفيات غزة، مشيراً إلى أنّ الطواقم الطبية تعمل من دون إمدادات تقريباً في ظل انقطاع متكرر للكهرباء، فيما يُترك المرضى ممددين على الأرض.
عاد دواس أواخر نيسان/أبريل بعد فترة أسبوعين قضاهما في القطاع لمساعدة الجرّاحين في المستشفيات الفلسطينية الذين يعانون الضغط الشديد. وكانت هذه الرحلة هي الثانية له أثناء الحرب بعدما قضى فترة سابقة في القطاع في كانون الثاني/يناير الماضي.
وأكّد أنهم كأطباء كانوا يشهدون على الكم الهائل والدائم من المرضى الذين يموتون، والجثث التي تأتي إلى المستشفيات، مشيراً إلى أنّ "هذا أمر لا يمكن لأي إنسان تحمّله"، ومضيفاً أنهم "يواصلون العمل لكن يمكنك رؤية تأثير ذلك.. إنهم يعانون من العبء الشديد مما يقومون به".
وأشار إلى أنّ العديد من الجرحى في غزة وخصوصاً أولئك الذين يحتاجون إلى العناية الطبية يحاولون تجنّب التوجّه إلى المستشفيات لأنّ ذلك بالنسبة إليهم بمثابة "حكم بالإعدام"، لأنهم يتخوفون من التهاب جروحهم نظراً للظروف الصعبة في القطاع.
وفيما قال الطبيب البريطاني إنه "يشعر بالذنب" لمغادرته غزة والعودة إلى عمله المعتاد في بريطانيا، الذي قال إنه أخذ إجازة منه، إلا أنه أكّد أنه سيعود إلى غزة، معرباً عن أمله في أن يكون هناك وقف لإطلاق النار عندما يعود المرة المقبلة، "لأنّ متابعة التطورات في غزة وأنت متواجد في بريطانيا أمر لا يمكن تحمله"، وفق تعبيره.
وتابع: "يصبح تحمّل هذا الأمر أصعب في الحقيقة عندما تغادر غزة وتبدأ بالتفكير في ما رأيته وسمعته.. وتتساءل كيف يمكن لأشخاص، لأي إنسان، أن يبقى على قيد الحياة في وضع كهذا كل هذه المدة الطويلة".
ويشار إلى أنّ الجرّاح دواس يزور بروكسل حالياً للحديث عن تجربته أمام مسؤولين في الاتحاد الأوروبي.
وارتفعت حصيلة ضحايا العدوان الإسرائيلي منذ السابع من تشرين الأول/أكتوبر 2023 إلى نحو 36 ألف شهيد وذلك بعد المجزرة التي ارتكبتها قوات الاحتلال الإسرائيلي في رفح، والإصابات إلى أكثر من 80 ألفاً، إضافة إلى ألاف المفقودين في اليوم الـ235 للعدوان، حيث أكّد الدفاع المدني في غزة أنّ حصيلة شهداء المجزرة ليل الأحد، بلغت أكثر من 40 شهيداً إضافة إلى عشرات الجرحى.
مشاهد من المجزرة المروعة باستهدافٍ إسرائيلي مباشر لمخيم للنازحين في البركسات غرب #رفح!#فلسطين #طوفان_الأقصى pic.twitter.com/QDcEHZezLO
— قناة الميادين (@AlMayadeenNews) May 26, 2024
وأفاد مراسل الميادين في وقت سابق بأنّه لا حصيلة نهائية لشهداء مجزرة رفح، بسبب فقدان البعض نتيجة قوة الانفجارات، إلى جانب إصابات الجرحى الخطيرة جداً في ظل انهيار النظام الصحي في القطاع.
وأشار إلى أنّ المستشفيات في رفح منهارة تماماً، والاعتماد الآن على المستشفيات الميدانية التي لا يمكن أن تؤدي الخدمات الطبية المطلوبة للجرحى.
ومنذ بداية العدوان، تعمّدت قوات الاحتلال الإسرائيلي قصف المستشفيات في قطاع غزة والتي كانت تضم ألاف النازحين، منها مجمّع الشفاء الطبي، ومستشفى كمال عدوان وغيرها.
كما تعمّد الاحتلال ارتكاب مجازر وحشية، ونفّذ إعدامات مباشرة للكوادر الطبية والمرضى واعتقل عدداً كبيراً منهم، في مجمّع الشفاء ومستشفيات شمال غزة، وتمّ اكتشاف ثلاث مقابر جماعية داخل أسوار مجمّع ناصر الطبي في خان يونس جنوبي القطاع.
وكانت صحيفة "نيويورك تايمز" الأميركية، أكّدت في وقت سابق أنّ الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة أدّت إلى تدمير نظام الرعاية الصحية، الذي كان يخدم جميع سكان غزة، البالغ عددهم أكثر من مليوني نسمة، بطريقة تصفها مجموعات الإغاثة والهيئات الدولية، بصورة متزايد، بأنّها "منهجية".