باكستان: المتضررون من الفيضانات يجهلون مواقع قراهم بعدما أخفتها المياه

بعد أسابيع من الفيضانات والسيول التي شهدتها باكستان، أهالي المناطق المنكوبة لم يعودوا يعرفون قراهم التي أغرقتها مياه بحيرة شاسعة.

  • مياه بحيرة أغرقت قرية بكاملها تحت عمق 17 متراً
    مياه بحيرة أغرقت قرية بكاملها تحت عمق 17 متراً

من فوق سدّ أقيم على عجل لحماية مدينة ميهار الباكستانية من مياه الفيضانات، يمكن فقط رؤية أعلى مآذن مسجد ولوحة أسعار في إحدى محطات الوقود، بعدما غمرتها مياه بحيرة شاسعة بعرض عشرات الكيلومترات تشكلت أخيراً.

في إقليم السند الجنوبي، اختفت مئات القرى والمساحات الزراعية تحت مياه الفيضانات المدمرة التي طالت قرابة ثلث مساحة باكستان.

وقال أياز علي، الذي غرقت قريته تحت قرابة 17 متراً من المياه لوكالة "فرانس برس"، إنّه "لم يعد أحد يعرف مكان قريته، ولا يمكن لأحد أن يتعرف إلى منزله". ويساعد علي، الذي يعمل مساعد سائق حافلة ويتمتع بذاكرة قوية، قوات البحرية في التعرف إلى كل قرية من خلال أعمدة الكهرباء ونمط الأشجار المزروعة.

وبمساعدة علي، يبحثون عن مساحات لم تغمرها المياه لجأت إليها بعض العائلات رفضت المغادرة رغم وضع مأساوي تفاقمه الحرارة الشديدة.

وتقول حكومة السند إنّ "أكثر من 100 ألف شخص نزحوا بسبب البحيرة التي تشكلت، وفيضان نهر السند عن ضفافه".

وطالت تداعيات الفيضانات قرابة 33 مليون شخص في باكستان، ودمرت قرابة مليونين من المنازل والمؤسسات التجارية، فيما غمرت المياه 7000 كيلومتر من الطرق وجرفت 500 جسر.

ويشقّ متطوعون من سلاح البحرية المياه في زورقي نجاة لتسليم مساعدات تبرع بها الأهالي، وينقلون المحتاجين لرعاية طبية إلى المدينة.

بعد إيقاف المحرك يتنقل القارب ببطء بين رؤوس الأشجار وبصعوبة تحت خطوط الكهرباء أمام تجمع يضم منازل متداعية تحيط بها المياه.

وساعد المتطوعون بعض الذين تراجعوا عن قرارهم البقاء في الصعود إلى القارب الذي يحمل ضعف سعته في رحلة إلى المدينة، من رجال يعانون من الحمى، وأطفال مصابون بالإسهال، وامرأة مسنة أبكمتها المأساة. ومن بينهم أيضاً أم شابة فقدت مولودها عندما غمرت المياه منزلها، وكانت مصابة بدوار بسبب ضربة شمس، فيما طفلها البالغ عامين مرهق تحت شمس الظهيرة الحارقة، فيما كان عناصر البحرية يسكبون المياه عليهما باستمرار.

والسدّ الطيني الجديد البالغ طوله عشرة كيلومترات، تمكن حتى الآن من درء الفيضانات عن مدينة ميهار البالغ عدد سكانها مئات الآلاف. غير أنّ المدينة ترزح تحت عبء النازحين الذين فروا في الأسابيع الثلاثة الماضية إلى مخيمات عشوائية أقيمت في مواقف سيارات ومدارس وعلى الطرق السريعة.

وتزيد المياه الضغط على السدود والخزانات، ما يجبر المهندسين على إحداث فتحات لإنقاذ مناطق مكتظة على حساب مفاقمة الوضع في الريف.

وقبل أيام، حوّلت الفياضانات بلدة البحرين الباكستانية إلى خراب. كان الكثير من السكان يعتقدون أنّ المباني المقامة على ضفاف النهر هي المعرّضة للخطر، لكن سرعان ما تبيّن مع تدفق مياه الفيضان أنّه لا يوجد أي مكان آمن. 

وتشهد باكستان منذ أسابيع فيضانات وسيول عارمة تسببت بأضرار مادية كبيرة ونزوح كبير للسكان في مناطق عديدة.