ما زالت تنتظر سلّة التوت من عهد التميمي ... من هي ملاك الغليظ؟
ترتسم ابتسامة لطيفة على وجه ملاك:"بعدها تحدثّنا عن رام الله ودوار المنارة وعن الملابس الجديدة (الموضة) لهذا العام. حينها أخبرتني عهد التميمي أنها عندما تتحرّر ستجلب لي توتاً من شجرةٍ مثمرة في دارها وتأتي لزيارتي في منزلي، وأنا مازلت أنتظرها إلى الآن".
كيف يمكن أن تكون حياتك في ظلّ الاحتلال الإسرائيلي مع انعدام الأمان في أرضك في مخيّمك في غرفتك مع اعتقالك وسجنك وأنت مازلت تعيش طفولتك؟
ملاك الغليظ واحدةٌ من الأسيرات الفلسطينيات الصغيرات، إعتقلها جنود الاحتلال الإسرائيلي في شهر أيار/مايو من العام 2017 عند حاجز قلنديا، بتهمة حمل سكّين.
لكن الأسيرة المُحرّرة لم تعد طفلة. تتذكر وتقول للميادين نت"كبرت دهراً خلال أشهر الاعتقال السبعة". بحزن تروي ملاك لحظات الاعتقال، وكيف رشّ جنود الاحتلال على وجهها غاز الفلفل المسبّب للعمى المؤقت، وكيف كبّلوا يديها إلى الوراء ووضعوها في باص الاعتقال بمساحةٍ ضيّقة.
بدأت ملاك أشهر اعتقالها في سجن "هشارون" بكثيرٍ من الذلّ. "أقسى ما تعرّضت إليه عند دخولي إلى السجن هو التفتيش العاري، وبعدها نقلوني إلى الغرفة رقم تسعة"، تتحدث ملاك ثم تردف "نُقلت بعد ذلك للتحقيق، من دون وجود محام، فالاحتلال تعامل معي وكأني امرأة كبيرة بالسن بل ربما تعامل معي وكأني رجل، وعند الانتهاء من التحقيق معي أجبرني جندي إسرائيلي على التوقيع على أوراق باللغة العبرية لم أفهم ما بداخلها".
تصمت ثم تكمل "في عيد الفطر وعيد الأضحى، وفي عيد ميلادي يحق لي كطفلة أن أكون بين أهلي لنحتفل في المنزل سوياً، لكن أطفأت شمعتي الخامسة عشرة داخل جدران السجن من دون أن أرى والدتي ولا مرة واحدة خلال الأشهر السبعة لاعتقالي"، لكنها رغم ذلك تتحدث عن ذكريات الاعتقال بلهجتها الفلسطينية: "كل يوم بمر عليك بالسجن لازم تتعلم إشي منو. لقد تعلّمت صناعة الخرز والتطريز، وحضرت صفوفاً لتعلّم اللغة الإنكليزية عند الآنسة خالدة الجرار، وقرأت روايات عدّة أقربها إلى قلبي (ستائر العتمة)".
بملامح المحب تتحدّث ملاك عن رفيقة الأسر. عن لحظات ربما لن تتكرّر بعد اليوم. عن التشابه العميق مع غيرها إذ تقول "صديقتي المفضلة في السجن كانت الأسيرة ملك سلمان، توجد أشياء متشابهة بيننا. إسمها ملك محمّد يوسف سلمان وإسمي ملاك محمّد يوسف الغليظ. إسم أخيها الكبير يوسف وكذلك أخي. والدي يعمل في سائق سيارة أجرة ووالدها كذلك. طعامي المفضّل هو ذاته طعامها. أنا وهي نشجّع فريق كرة قدم مشترك "ريال مدريد". بالفعل كانت أختي. لا بل نفسي، وأنا لا أنام يومياً قبل أن أتذكّرها".
تتذكر الطفلة الفلسطينية مواقف الحزن والفرح عند لحظات دخول المناضلة عهد التميمي وانضمامها إلى الغرفة رقم تسعة في السجن. "يومها لم أنم طوال الليل. كنت أتحدّث مع عهد عن موقف اعتقالها وعن سجنها في "المنفردة" وكيف كانت الجندية الإسرائيلية تطرق باب سجن عهد بكل ما أوتيت من قوّة حتى لا تغمض عيني عهد ولا تنال أي قسط من الراحة". ترتسم ابتسامة لطيفة على وجه ملاك:"بعدها تحدثّنا عن رام الله ودوار المنارة وعن الملابس الجديدة (الموضة) لهذا العام. حينها أخبرتني عهد أنها عندما تتحرّر ستجلب لي سلة من فاكهة التوت من شجرةٍ مثمرة في دارها وتأتي لزيارتي في منزلي، وأنا مازلت أنتظرها إلى الآن".
ترحب الصفحة الثقافية في الميادين نت بمساهماتكم بنصوص وقصص قصيرة وشعر ونثر، وكذلك التحقيقات التي تتناول قضايا ثقافية. بإمكانكم مراسلتنا على: [email protected]