جرعة زائدة
ربما يخرج من كف يدي أطفال المجاعة ومن نظراتي مشاهد الموت ورائحة الدماء وفجور الحاقدين ودموع الفقراء ومن قلبي آخر قصة حب ومن دمي آخر نبض حياة، ومن فمي بحر من دخان سجائري الأخيرة.
أحياناً أحاول أن التصق بجسدي التصاقاً كاملاً، علّنا نصبح واحداً لا يتجزّأ.
نحن خلاصة هذه الورطة البشرية. صورتك التي تتمعّن بها الآن ليست سوى ملامح حديثة لوجه ولد مع الشمس، وما زال ينتظر شروقها مع كل صباح. يسكب لك قدحاً آخر وتفيض في سكب الصوَر خارج الكادر.
ربما يوماً ما ستقف أمام كائن فضائي بكل ما تملك من دهشة وذهول. ستردّد صدى أحلامك عند حافة الكرة الأرضية، وتكتشف أن أوهامك كانت مجرد كذبة، وجنونك مجرد خلايا طائشة، وأحزانك بعض من الهرمونات الفائضة، وتكوينك جرعة الوعي. سيبتسم لك ابتسامة الواثق.
ماذا سنقول لهذا الغريب؟ إننا خلاصة معاناة متجذّرة عبر الزمن. أنظر إلى وجهي. تمعن أكثر، ربما تقرأ هذه الفوضى وتوثّق كل الحروب والموت والتشرّد والمجاعة والحزن والألم والذهول والفاجعة.
ربما يخرج من كف يدي أطفال المجاعة ومن نظراتي مشاهد الموت ورائحة الدماء وفجور الحاقدين ودموع الفقراء، ومن قلبي آخر قصة حب ومن دمي آخر نبض حياة، ومن فمي بحر من دخان سجائري الأخيرة.
ماذا سنقول لهذا الغريب؟ كنا نجهل أنك لست بغريب وإننا لم نعطّل فيروس الجهل، بل قدّمنا له خلايا الدماغ كطبق طازج على مائدة الفضاء الافتراضي.
ترحب الصفحة الثقافية في الميادين نت بمساهماتكم بنصوص وقصص قصيرة وشعر ونثر، وكذلك التحقيقات التي تتناول قضايا ثقافية. بإمكانكم مراسلتنا على: [email protected]