مثقفون أردنيون عن التطبيع: خيانة صارخة لفلسطين والعروبة
الميادين الثقافية حاورت مثقفين أردنيين حول رأيهم في التطبيع الإماراتي - "الإسرائيلي".. وهذا ما قالوه.
"ما كان تحت الطاولة أصبح فوقها"، هذا ما يجتمع عليه اليوم كُتّاب ومُثقّفون أردنيون في تحليلهم لمسار علاقة التطبيع "التاريخية"، التي أعلن عنها قبل أيام بين الإمارات وبين الكيان الصهيوني.
فالعلاقة التي كانت، إلى حدٍ ما، في الظلّ، أصبحت علنية. وكان الجديد حينها هو "اللعب" الفاشل على "حِجَج" تتعلّق بتعليق خطّة الضمّ الإسرائيلية للأراضي الفلسطينية. هذه الحِجَج التي ستدحض في اليوم نفسه من قِبَل رئيس وزراء العدو بنيامين نتنياهو.
حول التطبيع الإماراتي - "الإسرائيلي" حاورت الميادين الثقافية مجموعة من المُثقّفين والكُتّاب الأردنيين، الذين أعربوا عن عدم تفاجئهم من كشف الغطاء عن علاقة كانت قائمة منذ سنوات بين الإمارات والاحتلال.
وكما ذكروا فإن ما كان تحت الطاولة أصبح فوقها، لكنهم في الوقت ذاته لم يخفوا ألمهم من أن علاقة التطبيع تلك أصبحت مُعلَنة، ليس لأنها تُضيف "صديقاً" جديداً للكيان الغاصِب فحسب، بل لأنها تُضاعِف التهديد المُحْدِق بالفلسطينيين.
***
"لا جديد". بنبرةٍ صوت تخلو من حسّ المفاجأة أبدى الكاتب موفق محادين رأيه بالتطبيع الإماراتي، واصفاً ما حدث بأنه "إشهار للتطبيع".
وبحسب محادين فإن "التطبيع الإماراتي قائم منذ 20 عاماً، ضمن العلاقة بين الكيان الصهيوني والنفط، اللذان هما عاملان أساسيان في كل مشروع أميركي".
وأضاف: "لا جديد في التطبيع الإماراتي فطالما النفط خدم إسرائيل منذ تأسيسها. كل ما في الأمر أن العلاقة تحوّلت من السرّية إلى العَلنية وتحت مُسمّيات مختلفة مثل سفارات مُكافحة الإرهاب وإنقاذ المُبادرة العربية وغيرها من المُسمّيات".
أما الشاعر عمر شبانة، وعقب إعلان الإمارات تطبيعها مع "إسرائيل"، فأعلن عبر صفحته الخاصة على "فيسبوك" عن انسحابه من المنابر والمحافل الإماراتية، في ضوء ما وصفه بــ "اتفاق العار"، وقال عنه: "هذا الاتفاق الذي يتمّ تبريره زوراً بأنه لوقف الضم"، وأعلن عن انسحابه من الكتابة في المنابر الإماراتية كافة والتزامه عدم المشاركة في أيٍ من الأنشطة فيها، الذي اعتبره موقف "أضعف الإيمان"، وختم: "تحية لكل مَن يقف موقفاً صحيحاً ليس قومياً ووطنياً فقط بل إنسانياً أيضاً، والخزي والعار لكل مَن فقدوا الحسّ بقضايا الإنسان العربي فضلاً عن القضية الفلسطينية".
وفي حديثه للميادين الثقافية، اكتفى الشاعر شبانة بما أعلنه على صفحته، وكشف عن أنه من المُرجَّح أن تكون هناك مواقف تصعيدية في القريب.
من جانبه، وصف الكاتب والمُحلّل السياسي عريب الرنتاوي الاتفاق الإماراتي الصهيوني الأميركي بأنه: "طعنة في الظهر للشعب الفلسطيني وللأردن أيضاً، وهذا الاتفاق سيُعيد الاعتبار لصفقة القرن بعد أن كانت قد تحوَّلت إلى جثّةٍ هامِدة، وبهذا الاتفاق أحيا عظامها وهي رميم".
كما اعتبر أن هذا الاتفاق سيُساهم في عرقلة الجهود الأردنية لوقف الضمّ، ووضعها "لمَن لا يستحق"، وقال: "الاتفاق ضربة في الصميم للمشروع الفلسطيني، ومساعي الضمّ باقية في جدول أعمال الاتفاق بخلاف المزاعم الكاذِبة بأنه تمّ وقفها، ناهيك أنه سيثمر بجعل طريق القدس من أبو ظبي وليس عمّان، الأمر الذي يُهدّد الوصاية الهاشمية على المُقدّسات في فلسطين، ومن الواضح أن الإمارات ستدخل على خط الوصاية".
أما الكاتب والناقد الدكتور زياد أبو لبن فاعتبر أن الاتفاق ما هو إلا جزء من "صفقة القرن"، وبحسب رأيه فإنه من المُتوقّع أن يتبعه توقيع من دول خليجية وعربية أخرى، واصفاً الاتفاق بأنه خيانة صارِخة للقضية الفلسطينية، فما كان في السرّ أصبح في العَلَن، وما كان تحت الطاولة أصبح فوقها.
ورجَّح أبو لبن أن قبول الإمارات يأتي "ردّاً على التوسّع الإيراني في المنطقة باعتباره خطراً يُهدِّد الخليج"، كما يظنّون، و"كأن إيران تشكّل خطراً أكثر من "إسرائيل"، فتحتمي تلك الكونتينات الخليجية بأميركا وإسرائيل"، والغريب في الأمر بحسب قوله إن "الإمارات ودول الخليج لا تشكّل خط تماس أو حدوداً مع دولة الاحتلال ما يدفعها إلى توقيع اتفاقية أو اتفاقيات، والمُستفيد الأكبر هو "إسرائيل" على كافة الصُعد، والخاسِر الأكبر هم الفلسطينيون".
أبو لبن قال إن أحداثاً قادمة ستهزّ الخليج عاجلاً أم آجلاً، فالرهان دائماً على الشعوب التي ترفض اتفاقيات الذلّ والعار بدءاً من كامب ديفيد وأوسلو ووادي عربة إلى اتفاقية العار، وإن الجامعة العربية في أضعف المراحل التي مرَّت عليها. وعليه فإن كل هذا "سيؤجِّج الصراع أكثر في المنطقة وعلى رُقعة أوسع مما هي عليه، ومن المتوقَّع أن تُبادِر البحرين وعُمان والسودان إلى عقد اتفاقيات الذلّ مع "إسرائيل". أظنّ أن المفاجأة الكبرى ستأتي من السعودية وإن لناظره قريب!".
وكان للفنانة جولييت عواد رأيها في ما جرى، خاصة وأنها ناشطة في مقاومة التطبيع منذ سنين، حيث قالت "عندما كان التطبيع يُمارَس من بعض الأفراد ضِعاف النفوس كنا نقول إن هذا فعل خيانة يستحقّ المحاسبة والعقاب، وتساءلت: ماذا نقول الآن لدولةٍ عربيةٍ تجاوزت حدود التطبيع، هل نقول لدولة الإمارات إن ما قمتم به خيانة للتاريخ وللكرامة وللشهداء؟".
من جهتها، أصدرت "رابطة الكتّاب الأردنيين" بياناً حصلت عليه الميادين الثقافية، اعتبرت فيه الاتفاق بين الإمارات والعدو "اعتراف جديد بالارتباط بين قوى البترول العربي والصهيونية والإمبريالية لنهب ثروات الأمّة وتكريس الهيمنة الاستعمارية الصهيونية على وطننا العربي عامة وفلسطين خاصة".
وأضافت الرابطة في بيانها أن "الحرب في اليمن وما يجري في ليبيا والوضع في سوريا والعراق واليمن ولبنان ومصر، كلها مؤشّرات على الهجمة الإمبريالية الصهيونية على بلادنا وعلى رأسها صفقة القرن ومشاريع الضمّ للأغوار، مشددة على أن الرابطة "مع عموم المُثقّفين العرب وأحرار العالم وأبناء فلسطين ماضون في تحدّيهم لمواجهة القنبلة الثقافية الصهيونية مُمثلة بالمُعاهدات والاتفاقيات مع العدو، التي تريد إبادة شعبنا بأسمائه ولغته وتاريخه وإرثه النضالي، وحقّه في وطنه وصولاً إلى تصفية القضية الفلسطينية".
ووصفت "رابطة الكتّاب الأردنيين" الاتفاقية بأنها "تريد التشكيك بصواب النضال الأخلاقي لتحرير فلسطين وتريد الاستسلام للعدو الغاصِب"، وتابعت "دولة الإمارات تطعن أمّتنا العربية في أعزّ ما تمتلك: حقها في وطنها وتاريخها وسعيها إلى وطن عربي حر، وهي تشكّل طعنة في ظهر المسيرة النضالية لشعبنا ضدّ الاحتلال وخيانة لجماهير أمّتنا ولعروبة فلسطين وبُعدها القومي".