سوريون يسهمون في تطوير العلاجات بالأكسجين المضغوط
يجري العمل حالياً على تصنيع أجهزة بأحدث المواصفات بالاستعانة بخبرات سوريّة، وأجنبية بعد دراسة النماذج
تحيي كثير من مراكز الأبحاث، وتطوير تقنيّات العلاجات الصحيّة، عمليّة العلاج بالأوكسيجين، وتطوّر تقنيّاته بما يجعلها أكثر خدمة للجمهور. وفكرة اللجوء للأكسجين ليست غريبة طالما أنه عصب الحياة على الكرة الأرضية.
الملفت في هذا الإطار، دخول سوريا على خط تطوير العلاج بالأوكسيجين، وتطوير أجهزة تسهّل العمل، وتوسّع مجالات الاستفادة منه، مستفيدة من التجارب العالميّة في هذا الإطار.
قطاعات الصناعة السورية تلقت ضربة كبيرة جرّاء الحرب ، ورغم كل الحصار الاقتصادي، والظروف التي تواجهها سوريا، فهي تنبعث اليوم من بين الركام لتواكب مهارات الدّول المتقدّمة، والمتطوّرة التي لم يسبق لها أن عاشت حروباً منذ زمن طويل.
الجهاز الذي يجري تطويره ونشره في سوريا أطلق عليه اسم "بوابة المستقبل"، ويتركز في مركز أوّل في مدينة طرطوس الساحليّة، وينتشر نحو مراكز متعددة في مختلف أنحاء سوريا.
المسؤولة الإعلامية عن المركز صبا غانم عرّفت "الميادين نت" به، ذاكرة أن صاحب الفكرة علاء حسين علم سنة 2018 بتقنية العلاج بالأوكسيجين، وأجهزتها، عبر وسائل الإعلام، وبعد مراسلات مع شركات عالميّة، خضع لدورة مكثفة لدى شركة صينيّة، وحاز منها على شهادة أول مدرّب دوليّ في الشرق الأوسط على هذه الاجهزة العالميّة، ومنها الألمانيّ، والبريطانيّ، والروسيّ"، وذلك بحسب غانم، "اعتماداً على دراسات حسين على النموذج الصيني في المعمل الأم، وانتقاء أفضل التقنيّات لجمعها في جهاز واحد، والتطوير عليها".
العلاج بالأوكسجين المضغوط
يشرف على العمل في مركز "بوابة المستقبل” الدكتور بسام الياس، الذي أوضح أن "العلاج بالأوكسيجين يتم تحت الضّغط العالي، ويُعتبر علاجاً طبيّاً حديثاً حيث يتنفس المريض أوكسيجين نقي 100% تحت ضغط أعلى من الضغط الجويّ المعتاد، في حجرات ضغط مخصّصة لهذا العلاج".
يقدّم هذا العلاج العديد من الفوائد للمرضى ومنها زيادة قدرة خضاب الدم (الهيموغلوبين) على حمل الأكسجين إلى أعضاء الجسم بنسبة حوالى 15 ضعف الحالة الطبيعية، وحسب قوانين الفيزياء، يمكن زيادة نسبة الأكسجين المُذاب بالبلازما بإعطائه بتركيزٍ عالٍ، وتحت ضغطٍ جويٍّ مرتفع.
ويردف الياس أنه عبر التقنيّة المذكورة "تتشبّع البلازما بالمزيد من الأكسجين الذي يُمكنه من الوصول لمناطق في الجسم، السيّئة التروية، لا يستطيع الدم بالأوعية الدموية الوصول إليها بسبب انسداد الأوعية، أو التضيّقات الشديدة، او بسبب الوذمة (التورم)، أو الاحتقان الوريدي".
فوائد الأكسجين المضغوط
ويعدّد الياس فوائد الأكسجين المضغوط حيث يسبب انقباض الأوعية الدموية، مما يقلل من الوذمة (الورم)، ويزيد من جذور الأوكسيجين الحرّ والتي تقوم بأكسدة البروتينات، ودسم الخلايا الميّتة، وتثبيط استقلاب، ونمو البكتيريا خاصة اللاهوائية منها.
كما إنه يقلل من معدل ضربات القلب، ويحافظ على الناتج القلبي، ويوقف تَمَوُّت الخلايا في الحالات المرضيّة الحادّة، واعادة وظائف الخلايا المريضة، كذلك يعزّز وظائف الجهاز المناعيّ، ويحرّض إنتاج خلايا جذعيّة جديدة، ويساعد على تكوين كولاجين جديد، وخلايا جلديّة جديدة عن طريق تكوين أوعية دمويّة شعريّة جديدة، وتحفيز البلازما على إنتاج مواد معيّنة مثل عامل النمو البطانيّ للأوعية الدمويّة، وهذا بدوره يجذب، ويحفّز الخلايا البطانيّة اللازمة للشفاء، وعناصر أخرى كثيرة.
خلال تفاعله مع التجربة الجديدة عالميّاً، لمس حسين انتشاراً واسعاً للتقنيّة في أوروبا، وأميركا، وكندا، وأستراليا، وروسيا، والصين، وعاين نتائج مبهرة للعلاج، وفي ضوء ذلك، أفادت غانم أنه "تقرّر استيراد الجهاز، وفتح مراكز لـ "بوابة المستقبل" في جميع المحافظات السورية".
أحدث المواصفات بخبرات سورية
وتذكر غانم أنه "انطلاقاً من الشعار الذي أطلقه الرئيس بشار الأسد "الأمل بالعمل"، يجري العمل حالياً على تصنيع أجهزة بأحدث المواصفات بالاستعانة بخبرات سوريّة، وأجنبية بعد دراسة النماذج
ينتقل الياس لتعداد عدد من الحالات المؤهّلة للعلاج، منها حالات يعتبر علاجها أساسيّ بالأكسجين تحت الضغط العالي منها: التسمم بأول أوكسيد الكربون، والفقاعات الهوائيّة، ومرض إزالة الضغط عند الغطّاسين، ونقص السمع المفاجيء الحديث، وتنخُّر الأنسجة، والعظام بعد العلاجات الشعاعيّة، واختلاطات داء السكريّ.
حالات أخرى يعتبر علاجها مساعداً مثل: نقص تروية رأس الفخذ عند الأطفال(داء بيرتس)، ونقص تروية رأس الفخذ عند الكبار (النخرة الجافة)، ومتلازمة الألم الليفي العضلي المزمن، والجروح غير الشافية، وذات العظم والنقي غير الشافية، واعتلال الأوعية والأعصاب السكرية، وشلل العصب الوجهي المحيطي (اللقوة) الحديثة العهد، والحروق عامّة، وعمليات تطعيم الجلد، وصعوبات التعلم عند الأطفال، وحالات أخرى.
يساهم العلاج في تأخير ترقّي بعض الأمراض مثل التصلب اللويحي، والألزهايمر، والباركنسون، واعتلال الأعصاب الوراثي.
ويتناول الياس جانب "البشرة والنضارة"، حيث يشكل العلاج ثورة في هذا المضمار، لأنه يؤخّر الشيخوخة عن طريق عكس عمليتين مرتبطتين بآلية حدوث الشيخوخة، وهما قِصر طول الجسيم الطرفي (للصبغيات)التيلوميرات، وتراكم الخلايا الهرمة والمريضة في الجسم.
نماذج تطبيقية
ويقدم نماذج تطبيقية على تطوير هذا الجانب من العلاجات، حيث إنه في إحدى التجارب الاكلينيكيّة الطبيّة شارك فيها 35 شخصاً بالغاً، أعمارهم فوق 60 عاماً خضعوا للعلاج اليومي بالأكسجين المضغوط لمدة ساعة واحدة، وعلى مدى 3 أشهر، وفي نهاية الاختبار أفاد العلماء أن التيلوميرات الخاصة بالمشاركين ازدادت في طولها 15 الى 20% في حين انخفضت اعداد الخلايا الهرمة بنسبة 20 إلى 30%، وذكر الباحثون ان هذا التحول يعادل الحالة التي كانت عليها اجسامهم قبل 15 إلى 20 عام.
يمكن معالجة حالات كل الأعمار تقريباً، وتحديداً من 1-80 سنة، وتتم المعالجة عبر أجهزة مكوّنة من
حجراتٍ فرديّة لشخص واحد، وحجراتٍ جماعيّة تتسع لعدة أشخاص معاً، إضافة إلى أن "الحجرات الحديثة تعتمد جميعها على ضغط الحجرة بالهواء، وإعطاء الأوكسجين 100% عبر القِناع، أما عدد الجلسات فيتوقف على كل حالة منفردة".
ويستدرك الياس أن "هذا العلاج لا يُغني عن الأدوية الموصوفة من قبل الأطباء لمرضاهم، بل يكمّل علاجاتهم في أغلب الأحيان، وقد يكون علاجاً منفرداً في حالات أقلّ"، مؤكّداً أنه "لا توجد أيّة مخاطر من العلاج، ولا يحتاج أي تحضيرات قبل الجلسة أو بعدها”.