مسار طاروجة - المزارع: تراث فلسطيني عريق..والاحتلال يسرق
مسار جديد ل"موطني" يكشف المزيد من ثراء فلسطين، طبيعياً وتراثياً وأثرياً، والمزيد من استمرار العدوان والسرقات يمارسها المحتل الإسرائيلي.
يسيرون فيكتشفون مستجدات تاريخهم، وتاريخ عدوان الاحتلال الصارخ. بذلك يواصل مسار "موطني" نشاطه كاشفاً المزيد من غنى فلسطين، والمزيد من وحشية الاحتلال.
"طاروجة - المزارع" من آخر مسارات فريق "موطني"، طوله ناهز 15 كيلومترا، واكتشفت فيه مناطق جديدة، وآثار قديمة تاريخية تعود للحقب الرومانية، والبيزنطية، والعثمانية، ومن أهم ما تم التعرف عليه قصة قيام أحد كبار قادة العدو بسرقة نواويس أثرية من المرمر.
تقود مسار "موطني" الناشطة ابتسام سليمان، الشغوفة بفلسطين، تروي بمتعة، وتفاصيل دقيقة، نتائج اكتسبها فريقها في مساراته، وفي آخرها نحو قمة طاروجة باللبان الشرقية التي تقع بين رام الله ونابلس، وتتبع قضائياً لنابلس، وقرية عمورية، فأطراف قرية خربة قيس الوادعة، وينتهي المسار بمزارع النوباني كما أفادت الميادين نت.
تتابع سليمان روياتها، وتقول: "انطلقنا من رام الله الساعة السادسة باكراً، محافظين على إجراءات الوقاية من كورونا، برفقة الدليل الدكتور أحمد نوباني- رئيس دائرة الجغرافيا في جامعة بيرزيت- وهو من قرية مزارع النوباني".
قصة تسمية جبل طاروجة
وصل أعضاء الفريق جبل طاروجة المرتفع نحو 812 متر عن سطح البحر، ثم قاموا بجولة حول الجبل، تعرفوا فيها على القرى المطلة من جبل طاروجة، ومنها مزارع، وسلفيت، واللبان الشرقية، وعمورية، وأطراف قرية عطارة، وبيرزيت، وعبوين، وقرى أخرى، بحسب سليمان.
تتحدث سليمان عن أسطورة شعبية يرددها السكان حول تسمية جبل طاروجة، حيث يقال إنه كان هناك رجل صالح يعيش في المنطقة، يتجاذب نسبه إليهم كل من أهالي قرى عمورية، واللبن المجاورتين، وعند وفاته، وأثناء نقله للدفن، طار جثمانه، ووصل إلى جبل طاروجة، فأقيم له مقام صغير حيث يوجد قبره، وصار الموقع بمثابة جامع صغير، وحوله أشجار ضخمة جداً.
تابع الفريق مسيره بعد قمة طاروجة، نزولاً بمنحدر طويل باتجاه قرية عمورية، قريبة من رام الله، وهي صغيرة وجميلة، تشتهر بأشجارها المثمرة كاللوز، والحرجية كالسنديان، ونباتاتها المتنوعة.
تذكر سليمان أنه "تتوافر العديد من الآثار في عمورية، وتعود للعصور الرومانية، والبيزنطية، والعثمانية. وفيها أشجار ضخمة معمرة، منها شجرة توت كبيرة قرب المسجد القديم، يقال أن عمرها يتراوح بين 400-500 سنة، وفيها العديد من ينابيع المياه، وفيها جبل مشهور هو جبل الباطل، وتل الراس".
سرقات المحتل
يتحدث السكان عن سرقات قادة الاحتلال للآثار الفلسطينية، ومن الروايات تعرضها سليمان حيث وقعت حادثة في القرية في السبعينات، ويروي المتقدمون بالسن أن شخصا أنهى عمله في أرضه، وبينما يغادرها، فجأة حضرت مجموعة كبيرة من جيش الاحتلال، ثم هبطت مروحية، وتصاعد منها دخان أحمر، ونزل منها شخص عرف لاحقا إنه موشي دايان (وزير الدفاع الإسرائيلي السابق وكان مميزاً في تغطية إحدى عينية برقعة سوداء)، وقصد وفريقه المرافق مغارة، وبعد بضع دقائق، أخرجوا من المغارة ناووسين من حجر المرمر، وسرقوهما، ونقلوهما بالمروحية، وقد شاع في عمورية عن دايان أنه "كان يسرق الآثار".
المغارة يسمونها مغارة الذهب أو مغارة الملوك، ويقال، بحسب الأهالي، إنه وجدت كميات كبيرة من الذهب في عدد من النواويس، لكن حتى اليوم، لا تزال الرواية غامضة، ومن غير المعروف ما الذي وجدوه في النواويس التي باتت في "المتحف الفلسطيني" في القدس، لكن الاحتلال غيّر تسميته ويسمونه حالياً متحف "روكفلر" (من أكبر وأثرى العائلات اليهودية والعالم).
عند أطراف القرية، لاحظ أعضاء الفريق وجود مقابر رومانية، وتابعوا باتجاه جبال القرية، حيث شاهدوا مجموعة كبيرة من النباتات تقول سليمان: "أشجار كثيرة، ونباتات متنوعة تنتشر في المنطقة، منها الحرجي كالسنديان، والسريس، والبطم الفلسطيني، والسلمون، والزهور المختلفة كشقائق النعمان، ونبات البسباس، والخردل، والقبار، وعصا الراعي، والخس البري، والشومر، والقنديل باللون الأصفر الجميل"، وبعد ذلك اتجه المسار نزولاً نحو وادي الشاعر، بين الأشواك، والأشجار في بيئة جميلة ومتنوعة".
وصل الفريق إلى مزارع النوباني في طريق تصاعدية حادة الانحدار، وزار عين الليمون، وقام بجولة في المنطقة، وأخذ حاجته من الخبز المرقوق بطرق خاصة على يد نساء فلسطينيات، وهو مصنوع من القمح البلدي الذي اعتاد عليه المشرقيون، قبل عودته إلى رام الله.
مشاهدات
تقع عمورية 26 كيلومتراً جنوب نابلس، واسمها تحريف لاسم "عامرية" السريانية، بمعنى سكان الأديرة، أي الرهبان. والقرية تتوسط قرى عبوين، وخربة قيس، وعارورة، واللبن الشرقية، وهي قرية جميلة جداً، ترتفع نحو 800 متر.
تعلق سليمان على انطباعات الفريق: "ونحن على جبل طاروجة، رغم الجمال المحيط بنا، إلا أن غصةً بالروح ونحن ننظر إلى مغتصبة (مستوطنة) معالي لبونة، والتي أقيمت على قسم من أراضي اللبان الشرقية، وهؤلاء الغرباء يحاولون دوماً العربدة على طلاب المدرسة خلال ذهابهم، ورجوعهم، أما الطلاب فيتصدون لهم دائماً".
".. مرّ المسار بخان قديم يرجح أنه من العصر العثماني، ويزيد عمره عن 300 سنة. وتقول سليمان إن غرباء الاحتلال يقومون دائماً بالهجوم عليه بحماية الجيش لتأدية شعائر تلمودية، فيكسرون أشجار الحمضيات، والأبواب، والشبابيك، ويسدون الينابيع على الساكنين فيه. إنهم لا يتوقفون عن التخريب والتدمير في فلسطين ليخفوا هويتها، تأكيدا على زيف إدعائهم. لكن.. هيهات منا الذل".