فريق "موطني" في مسار جديد: مزارع النوباني وعيون ياسوف
تواصل مجموعة "موطني" مساراتها في الأرجاء الفلسطينية مكتشفة الجديد، من قرى وبلدات وآثار وتراث، ومسلطة الضوء عليه للعالم.
-
بعض من الفريق في طريقه إلى قرية مزرعة النوباني -
الوصول إلى قرية مزرعة النوباني
مسار جديد حققه فريق "موطني" في اكتشاف مواقع فلسطين المحتلة، وخباياها، منطلقاً من رام الله باتجاه مزارع النوباني، فعين ياسوف، في فريق صغير لم يتعد السبعة عناصر بسبب الحذر والتدابير المتخذة للوقاية من فيروس كورونا.
اختار الفريق العبور بقرية سردا، ثم قرية أبو قش، فمدينة بيرزيت، وقرية عارورة، وقرية مزارع النوباني، 35 كلم شمال غرب مدينة رام الله، والتي تعد من قرى بني زيد الشرقية التي تضم عارورة ومزارع النوباني وعبوين.
مزرعة النوباني
يبلغ عدد سكان مزرعة النوباني 4 آلاف نسمة، ومساحتها 10 آلاف دونم، وأرضها خصبة جداً، وفيها ما يقارب 50 نبع ماء وعين، بعض هذا العيون اختفت بسبب الإهمال، ومن أشهر عيونها عين الليمون، وعين الجوز، وعين نافع، وعين الكلبة، وعين الخانق، ونزلنا عين النابون.
تصف منسقة فريق "موطني" ابتسام سليمان القرية بأنها "غنية بالمواقع والخرب الأثرية، والمقابر، وفيها سجن انكليزي، ومقام لأحد الطرق الصوفية، معظمها يرجع لعصور قديمة، كالعصر الفينيقي، والعصر الروماني، والعصر الإسلامي.
وصولاً إلى قرية مزارع النوباني، ومنها قائد الثورة الكبرى محمد عمر النوباني الذي كانوا يسمونه ابو شوكت، وهو الذي حرر رام الله من قبضة الانتداب البريطاني الذي احتلها لـ 72 ساعة، ولاحقوه كثيراً، ولم يتمكنوا من اعتقاله.
وتذكر سليمان أن جزءاً من بيته ما يزال قائماً في البلدة، وقد قصفه الاحتلال البريطاني بصفته قائد الثورة في ثورات 1936 و1939.
-
من الآثار الجميلة لبلدة مزرعة النوباني -
بقايا منزل آل النوباني بعد تعرضه للقصف البريطاني -
منزل قصفه الانكليز وكان فيه عدد من الجنود الأتراك
وفي بعض البيوت، بدت أعمال ترميم، ويقوم في إحداها نادٍ ثقافي لأبناء البلدة. كما أن هناك منزل اتخذ منه عدد كبير من الجنود الأتراك مقرا، فقصف الانكليز البيت عندما عرفوا بوجود الجنود الأتراك، وقتل كثير من الجنود.
وادي الشاعر
عبوراً لوادي شاعر، مشى أفراد الفريق 3 كيلومترات ونصف، وعلى مد النظر يميناً ويساراً، تنتشر أشجار الزيتون بكثافة عالية، والنباتات البرية متوافرة بكثرة، البلوط، وورق الغار البري، والمريمية، ونباتات نافعة للصحة.
الملاحظ في هذه المنطقة التابعة لمدينة سلفيت مدى الاهتمام بالأرض حيث يعتمد الناس في حياتهم على الأرض بصورة تامة.
-
أراض مستصلحة ومزروعة في المنطقة
عين ياسوف
تواصل سليمان شرح المسار وتفيد "انتقلنا إلى عين ياسوف، وبرفقتنا الدكتور أحمد نوباني، وهو رئيس دائرة الجغرافيا في جامعة بير زيت، يدرس الجغرافيا البيئية في الجامعة، وهو ابن الأرض، وأصيل بمحافظته على لغة الأرض، والناس، وتعرفنا على مزارع أسسها لزراعة المواد العضوية الخالية من الكيماويات، كما تنتج الأجبان والألبان".
نوباني لفت بحسب سليمان إلى أن "الاعتماد على النفس في الزراعة المنزلية يساهم بالتحرر من النزعة الاستهلاكية والتبعية للاقتصاد الاسرائيلي، كما يقينا من المواد المسرطنة".
-
إحدى ينابيع المياه -
من الآبار التي جرى تنظيفها
في عين ياسوف، القرية التي تبعد 7 كيلومترات عن سلفيت، فيها 5 عيون مياه، أشهرها عيون الدلبة، وحواليها جنائن يسمونها جنائن ياسوف. تفيد عضو الفريق ميسون بسيسو: "نزلنا الأراضي فإذا مشهد ينسيك الدنيا وما فيها، صوت العصافير ممزوجاً بخرير مياه الجداول، وسلاسل القصب، وأنواع الأشجار من تين، وتوت، وخضروات مختلفة كالبندورة، والخيار، والملوخية، والكوسا".
وتضيف: "في الأرض ما يشير إلى أنه لا يزال هناك أناس متمسكين بها ويزرعونها، ومنهم سيدة شرحت نظم الزراعة، وتوزيع ري المياه بالدور، على ما كان سائداً في كل تاريخ فلسطين بين المزارعين الذين جمعتهم محبة كل منهم للآخر".
-
الفريق والأهالي في ساحة البلدة
التقى الفريق بشاب أصر على النزول إلى أرضه، وهو يزرع كل أنواع الخضار، وتمنى بحسب سليمان أن "نأخذ ما نشاء، وعرفنا أنه يعيش ويشتغل في ألمانيا، ولكنه مع تفشي كورونا، حوصر ولم يعد قادراً على العودة، فأمضى وقته بالاهتمام بالأرض، وهو مسرور جداً بما يقوم به".
سلفيت
ثم اتجه الفريق باتجاه مدينة سلفيت. وهي معروفة ويعتقد أن الاسم يعني "سل العنب" أو سلال الخبز. نتيجة خيراتها.
يعرف حسين لوباني في "معجم أسماء المدن والقرى الفلسطينية" بسلفيت: "بلدة عربية تقع 26 كيلومتراً جنوب غرب نابلس، وتعلو 520 متراً عن سطح البحر، والمعنى أنها أرض مسواة بالمسلفة، وهي آلة يستعملها المزارع لتسوية الأرض، وتغطية الحبوب. تحيط بها أراضي قرى: إسكاكة، اللبن الشرقي، عمورية، خربة قيس، فرخة، مزارع النوباني، إبروقين، حارس، كفرحارس، ومردا. تجاورها خرب أثرية منها خربة الشجرة، وخربة اللوز، وخربة مرار، وخربة بنت الحبس، وخربة جلال الدين. صادر الاحتلال الاسرائيلي جزءا من اراضيها، وأقيمت عليها مستعمرتا أرئيل، وتفوح".
كان الفريق يواجه بإصرار مستضيفيه على نيل جزء من المزروعات، وفي ذلك تعبير عن خصب الأرض وخيراتها.
-
دروب قروية وجداول
مزرعة سعد
فإلى عين الليمون، حيث تقوم مزرعة بيئية للمهندس سعد داغر، تفيد سليمان أن "لديه جبلاً حوّله لمزرعة بيئية، فيها كل أصناف الخضار، والفاكهة. وقد شهدت المنطقة عملية تنظيف واسعة من قبل متطوعين فلسطينيين وأجانب. كما كشفوا الآبار المطموسة، ونظفوها من الأتربة والأوحال التي تراكمت فيها، وهذه المزرعة هي مثال للانتماء واستعادة الحق.
عضوة الفريق حنان مصلح أفادت أنه "كلما التقطنا صورة نشعر اننا التقطنا فلسطين بعيوننا، وتنشقنا هواء بلادنا النظيف، شعرنا بأرواحنا محلقة بالسماء العالي في بلدنا، وكلما زادت معرفتنا بالأرض، كلما زاد انتماؤنا إليها، وكلما أحببناها أكثر فأكثر.
وأكدت مصلح "الاستمرار في المسارات، لأنها تجعلنا أكثر التصاقاً بالأرض، وكذلك بهدف المزيد من التعلق بالأرض".