التشكيلية اللبنانية ديمة رعد تطرح أسئلة وجودية وإنسانية
في معرضها في غاليري "كاف" في بيروت، تختزن لوحات التشكيلية اللبنانية ديمة رعد عمقاً إنسانياً وفنياً، وتطرح أسئلة وجودية وفلسفية فائقة الإحراج.
تختزن لوحات التشكيلية اللبنانية ديمة رعد في معرضها الجديد، عمقاً إنسانياً وفنياً يطرح على المشاهد أسئلة وجودية وفلسفية فائقة الإحراج. كأنك أمام كل لوحة في سؤال عن الحياة والحرب والنفس والألم، حين تأخذك الوجوه الغائمة وراء الضربات التشكيلية واللونية إلى ما وراء الفن والتشكيل والهندسة.
في المعرض الذي يستمر حتى 9 نيسان/أبريل المقبل في غاليري "كاف" في بيروت، شيء من صراخ الضمير والقلب والعقل. تجتمع كل المشاعر في عيون مرسومة بدقة وفوضى مقصودة فلا تملك غير التأمل طويلاً بحثاً عن أجوبة، تركتها لك الفنانة بطريقة ذكية. فاللوحة في عرف رعد سؤال للناظر يهزه من الداخل ويترك له حرية أن يندهش أو يبكي أو يقلق ويتوتر.
كل ذلك صنيعة أسلوب يريد أن يسائل النفس البشرية ويدفعها للتفكير والغوص في معنى إنسانيتها وأصالتها وإنتمائها. صحيح أن اللوحات في المعرض تعكس مأساة البلد في تاريخه وحاضره، إلا أنها ربما تبث وجهة نظر شخصية للفنانة لجهة مقاربتها للتاريخ والحاضر، كأنها تريد أن تقول إنها بنت هذه المأساة وخساراتها ولا تريد أن تهرب من الوجود الملتهب والمكسور.
جرأة وشجاعة وتصميم في مواجهة الواقع والذكريات تعبر عنها ديمة رعد كما لو أنها تصفع الحقيقة وتعريها بجماليات شخوصها وألوانها، وذلك الخيط السري الجامع بين اللوحات كأنها وريد ينزف. إمكانات تعبيرية ورمزية مدهشة في لوحة الفنانة رعد تنسج عبرها عوالمها الخاصة الجوانية، وتكشف عنها ببساطة وشغف في مسار ثابت وواثق يَعِد بإمكانات مستقبلية تضيف إلى ثقافة الفن التشكيلي في لبنان.
وتشرح رعد رؤيتها لاختيار موضوع لوحاتها فتقول إن: "هذه الوجوه هي ومضات وبقايا ملامح عبرت في المخيلة جراء الاحداث التي مررنا و نمر بها في حياتنا اليومية، بحيث أصبح الوجه مبهماً والعصب مشدوداً والألم واضحاً والشعور مبعثراً والفرح مشتتاً، والحب على حافة الانتظار والوطن مقبرة جماعية".
وأضافت: "إنه عصر الأحداث السريعة المتقلبة التي لا تسمح لنا باستيعابها كل على حدة. من هنا أردت إعادة ترتيبها وتركيزها بالوجه، أول حروف التعبير والمركز الأساسي لانطلاق أدوات الجسد والتفكير، على أساس لوني وتأليف يرتكز الى مدى العصب الذي يغتالنا يومياً".
وختمت: "لم تعد الطاولة طاولة ولا الطبيعة طبيعة ولا الأشياء كما هي، فما بالنا بالوجه المتغير كالنهر. إني أسارع بالمحاولة لالتقاط هذه التعابير بعصب يتمحور حول لعبة الألوان والتأليف والتوازن والموضوع لتأخذ الحيز الذي تراه مناسباً من دون شروط، علني أصل إلى مداخل أخرى ومجهولة. وبانتظار هذا المجهول، وبما أننا جيل الحرب والويلات، أقدم هذه الوجوه قرابين على مذبح اللانهايات".