"كبيرة عليك" يا بن غفير
كيف لبن غفير الذي عاش حياته داعياً لقتل العرب الفلسطينيين بخلفيّته القومية الدينية المتطرفة أن يتحوّل إلى الشخص المسؤول عن منع جرائم القتل المستفحلة في المجتمع العربي الفلسطيني في الداخل المحتل وإن كانت لأسباب أخرى؟
الهدية الكبرى التي لم يكن ليحلم بها ايتمار بن غفير هي أن يكون وزيراً للأمن القومي، الوزارة المسؤولة عن مجمل الحالة الأمنية الداخلية للكيان الصهيوني وإدارتها للأجهزة الأمنية المتعددة والحساسة، كقيادة الشرطة، والعمليات الأمنية الميدانية على مساحة البلاد.
الإرباك في مشهديّة بن غفير الحالية نابع من تعرّجات حياته الملتوية المتمثّلة بالفوضى والتمرّد على المنظومة التي يقودها اليوم، والمحرّض الدائم لأشباهه من متطرّفين عنصريّين يعملون على استهداف الاستقرار والوضع الراهن في المناطق.
ومن هذه التعرّجات الهجوم الدائم على جهاز الشاباك الصهيوني باعتبار امتلاكه قسماً خاصاً بمتابعة قضايا الإرهاب اليهودي، الذي برز فيه بن غفير كهدف يجب متابعته للموقع الذي أصبح فيه وريثاً لكيانها وشخصيات إرهابية أخرى، الداعية إلى استهداف المركب العربي الفلسطيني داخل الكيان الصهيوني، وإلى تعميق الاستيطان في مناطق الضفة الفلسطينية، كامتداد لأيديولوجيا جماعة "غوش أيمونيم" الاستيطانية.
وعلى مدى سني عمره برز كعنصر إرباك وجدل في الوقت نفسه، فهو قد يشكّل بفعالياته الشعبوية رمزاً لخرق القانون الاستعماري القائم على ناظم المستعمرة وديمقراطية المستوطنة، لتُقدَّم ضدّه لوائح اتهام في جوهرها ممارسة الأعمال الإرهابية والانتماء إلى منظمات محظورة وغيرها.
ومع تعمّق الصدوع في النسيج الاجتماعي الصهيوني والتحوّلات المرافقة للتمايزات القطاعية ومنها السياسية، صعد بن غفير من المنبوذ المتهم إلى أشبه ما يكون بالمنبوذ الواعي المؤثّر والمسيطر. طارحاً بذلك تساؤلات يقدّمها العسكر المخالف لبن غفير وما يمثّله تدور حول منطقيّة تولّيه لوزارة لها علاقة مباشرة بنشاطات حساسة لجهاز الشاباك ومنظمات أمنية أخرى، كان قد حاربها ووقف في وجهها طويلاً خلال سنوات حياته، بالتزامن مع ذلك تصنيفه كهدف للمتابعة والمراقبة، والملاحق من قبل تلك المنظومات الأمنية؟
ويضاف إلى ذلك ما هو معلوم عن بن غفير من كرهه للعرب والفلسطينيين، حيث دعا وما زال إلى قتلهم والسيطرة عليهم أو طردهم وغيرها من أدوات عنف مستخدمة من قبله ضد العرب الفلسطينيين، ما يقودنا إلى التساؤل حول كيفية توفيقه بين الخلفية الأيديولوجية العنصرية السابقة وعمله كوزير مسؤول عن أمن مستوطني الكيان بكل مركّباته، ومن ضمنهم (جبراً) المواطنون العرب الذين تجاوز عدد قتلاهم حتى اليوم 102 قتيل ضمن حروب منظّمات الإجرام.
فكيف لبن غفير الذي عاش حياته داعياً لقتل العرب الفلسطينيين بخلفيّته القومية الدينية المتطرفة أن يتحوّل إلى الشخص المسؤول عن منع جرائم القتل المستفحلة في المجتمع العربي الفلسطيني في الداخل المحتل وإن كانت لأسباب أخرى؟
في الخاتمة داخل الكيان الصهيوني تنتشر الدعوات لإقالة بن غفير للأسباب السابقة وغيرها، قبل الوصول إلى المأساة المقبلة التي ستقود البلاد إلى فوضى داخلية لا يمكن السيطرة عليها.
وعليه فهي "كبيرة عليك" الوزارة يا بن غفير.