التطبيع العربي – مسار أميركي
بحسب المزاج الأميركي، فإن الكيان الصهيوني ملزم أن يقدم للفلسطينيين شيئاً ما. واستباقاً لتلك التقديمات، فإن الكيان يؤكد بأنه لن يتم تجميد الاستيطان حتى لو لثانية واحدة.
في الكيان الصهيوني، وحتى لا يتم خلط الأوراق، يعتقدون بأن التطبيع بينهم وبين المملكة العربية السعودية هو هدف أميركي بحت، باعتباره تقدماً نوعياً للسياسة الأميركية في المنطقة العربية، وقطعاً للطريق على النشاط الصيني، وإلى حد ما الروسي في الوطن العربي والقارة الأفريقية عموماً.
المعركة بالنسبة إلى واشنطن هي كيفية تحجيم الدور الصيني وتقليص الامتداد التجاري لها، كونها تمثل الخطر الوجودي عالمياً لسلطة أميركا الطويلة.
المحرك لهذا المسار انطلق إثر تدخل الصين في وساطة ناجحة بين السعودية وإيران، شكلت اختراقاً غير مسبوق في المنطقة.
ومؤخراً، أعاد الأميركيون التأكيد لأنفسهم ولحلفائهم بأنهم لن يتخلوا عن المنطقة العربية؛ لحساسية الصراعات الناشئة فيها، ولوجود الكيان الصهيوني على رأسها.
بيد أن الكيان لا يظن أن الفعل الأميركي في الوساطة والعودة بقوة إلى المنطقة هو عمل خير يصبُّ في صالحه؛ بل الحاصل هو العكس، إذ يقوم اللوبي اليهودي بدعم الديمقراطيين في وجه الجمهوريين في كثير من القضايا الملِّحة.
بحسب المزاج الأميركي، فإن الكيان الصهيوني ملزم أن يقدم للفلسطينيين شيئاً ما. واستباقاً لتلك التقديمات، فإن الكيان يؤكد بأنه لن يتم تجميد الاستيطان حتى لو لثانية واحدة.
وبين ما هو مقبول وغير مقبول، فإن اللعبة السياسية التي تُدار في المنطقة تعمل على تهيئة الأجواء لقبول المملكة العربية السعودية كلاعب استراتيجي مهم في التطبيع العربي مع الكيان الصهيوني.
الثمن كما هي العادة، استنزاف القضية الفلسطينية أكثر، وتقديم الفُتات الممكن، طبعاً إن كان هناك فُتات، ومن جهة أخرى ترتيبات أمنية وعسكرية لصالح هذا النظام أو ذاك.
في الجانب الفلسطيني، وتحديداً قيادة السلطة الوظيفية في رام الله، ينتظرون ما يُعينهم على الصعود أمام صعود مشروع المقاومة وقدرته على تحدي الكيان الصهيوني وجيشه ومستوطنيه.
بما يعني سحب الشرعية أو بقايا الشرعية الموجودة لدى سلطة رام الله وإعادة الشرعية إلى الشارع الفلسطيني الذي يدعم بأكثريته المقاومة وفصائلها.
أما على الصعيد العربي، فإن الأمنيات كثيرة من عملية التطبيع، وعلى رأسها كيفية السيطرة أكثر على الشعوب العربية وموارد البلاد بما يخدم مصلحة العائلات الحاكمة لهذه الدول لا غير!
وبالتالي، يعتقد الكيان أن عملية التطبيع المستمرة منذ وقت ليس بقريب تقود حتماً إلى استقرار وجودي أمام عديد المخاطر التي لا تنتهي.
وفي النهاية، صاحب الكلمة هو جهاد الشعب الفلسطيني الذي بوجوده يفشل المشاريع الاستسلامية، المرة بعد الأخرى، حتى ينال حقوقه العادلة في دولة عادلة على كامل جغرافيا فلسطين المحتلة، رغم أي تطبيع أو مسارات أميركية.