نفق الحرية.. هدم منظومة وبناء أخرى
بات مغروساً في وعي المقاومة في الضفة أن الفلسطيني الذي استطاع أن يهزم المنظومة الأمنية الصهيونية ويحرر نفسه من السجن، بإمكانه أن يهزم دولة هذه المنظومة ويحرر وطنه من الاحتلال.
شكَّل عام 2021 تحولاً نوعياً ودراماتيكياً في تاريخ الصراع الفلسطيني الصهيوني. وقد كان ذلك في سياقين؛ الأول عبر معركة "سيف القدس" في أيار/مايو 2021، التي مثلت البداية لوحدة الساحات الفلسطينية (غزة والضفة والداخل والشتات)، والتي استطاعت إحياء الفلسطيني الواحد، بصرف النظر عن مكان وجوده، وغرست في الوعي الفلسطيني ضرورة التوحد في سبيل تحرير كامل فلسطين من البحر إلى النهر.
أما السياق الآخر، فقد بدأ مع تحرر الأسرى الستّة من سجن جلبوع في 6/9/2021، وذلك عبر نفق استمر حفره 6 أشهر متواصلة بأدوات بدائية وبسيطة، وهو ما أحدث تطوراً وتحولاً على صعيدين:
- الأول على صعيد الأمن الصهيوني؛ فقد هدمت عملية نفق الحرية الهيبة الأمنية لدى الاحتلال، التي حاول طوال احتلاله ترسيخها في وعي الجميع، وروّج أنَّ قدراته الأمنية هي قدرات فريدة لا يمكن اختراقها، لأنها مستمدة من العقل اليهودي "المتميز"، كما كان يدّعي، ومبنية عبر تراكم التحديات والخبرات الأمنية الهائلة التي راكمها الكيان الصهيوني.
- الآخر على صعيد المقاومة في الضفة الغربية؛ فقد مثَّلت عملية نفق الحرية النموذج المثالي لشباب الضفة بإمكانية نجاح العمل المقاوم، ولو جُرد من أبسط أدواته. وبهذا، أصبح نفق الحرية محفزاً لهم لاستئناف المقاومة المسلحة ومواجهة التحديات، سواء الأمنية أو اللوجستية.
وقد بات مغروساً في وعي المقاومة في الضفة أن الفلسطيني الذي استطاع أن يهزم المنظومة الأمنية الصهيونية ويحرر نفسه من السجن، بإمكانه أن يهزم دولة هذه المنظومة ويحرر وطنه من الاحتلال، وهو ما تمثل في التطور السريع النوعي والجغرافي في العمل المقاوم في الضفة الغربية.
وبهذا، يمكننا القول إن عام 2021، بأحداثه كلها، كان عاماً مفصلياً في تاريخ الصراع الفلسطيني الصهيوني، وخصوصاً في العمل المقاوم المسلح. وقد سجَّل التاريخ أنه كان العام الفعلي لبدايات معركة التحرير الكبرى.