أفلام خالدة | كفر قاسم: رصد مجزرتها برهان علوية بتمويل سوري
المجزرة التي إرتكبتها "إسرائيل" قبل 65 عاماً وقتلت بوحشية 49 فلسطينياً من قرية كفر قاسم إدعت أنهم لم يمتثلوا لقرار حظر التجول، حوّلها المخرج اللبناني برهان علوية إلى فيلم هز المشاعرأينما عرض.
مجزرة كفر قاسم التي إرتكبها الإسرائيليون في 29 تشرين الأول/ أكتوبر عام 1956 تواكبت مع اليوم الأول للعدوان الثلاثي (إسرائيل، فرنسا، وبريطانيا) على مصر بعد إعلان الرئيس الراحل جمال عبد الناصر تأميم قناة السويس، وهو ما لحظه المخرج اللبناني برهان علوية (من الذين خسرتهم السينما عام 2021) في شريطه القيّم عندما أظهر أهالي البلدة الهادئة على بعد 18 كيلومتراً شمال يافا في فلسطين المحتلة وهم يتابعون أخبار العدوان، إستناداً إلى القصة التي كتبها السوري عاصم الجندي (زوج المذيعة إلهام شقيقة برهان) وصاغ الحوار الكاتب عصام محفوظ، بينما تولى السيناريو برهان نفسه، والذي تميز في تركيبته بروح سينمائية مغايرة لما صنعه آخرون في تناولهم القضية الفلسطينية، فتعامل مع الإنسان بصورة الآدمي المحكوم بالأمل في إستعادة حقه المسلوب.
صوّر الفيلم عام 1974 وعرض العام التالي، وهي الحقبة التي عرفت ظهور أفلام أخرى في دمشق بتمويل من المؤسسة العامة للسينما منها ما أنجزه المخرجان السوريان: نبيل المالح ومحمد شاهين: رجال تحت الشمس (1970)، وما أبدعه المصري توفيق صالح: المخدوعون (1974)، لكن علوية أخذ القضية إلى رحاب أخرى تحدث عن حياة الناس وقرارهم الحاسم بعدم التهاون أبداً في مسألة مقارعة العدو وتحديه ليعرف أنه يقف في أرضه ولن يسمح له بالبقاء طويلاً فوقها، فإما أن يرحل أو يدفنه فيها، وجاءت المؤثرات الداعمة لتوجه الفيلم خصوصاً موسيقى الفنان الراحل وليد غلمية،ولعب المونتاج (الفرنسية إيليان دوبوا) دوراً نموذجياً في شحن المشاعرضد الإسرائيليين الذين تجاسروا على إرتكاب مجزرتهم.
متعة مشهدية مؤثرة على مدى ساعة و48 دقيقة، مع ممثلين إختارهم علوية من عدة أقطار عربية (عبد الله عباسي، أحمد أيوب، سليم صري، شفيق منفلوطي، شارلوت رشدي، زينة حنا، وآخرون) وحاز الفيلم جوائز ونقديرات بينها التانيت الذهبي من أيام قرطاج السينمائية، وإدراجه في مكانة مميزة من قائمة أفضل مئة فيلم عربي نشرها مهرجان دبي السينمائي، وبالمقابل بات كل ما يُنجز من نتاج مرئي عن القضية الفلسطينية يُقارن بما أنجزه علوية في: كفر قاسم.