وداعاً أيها الصديق.. لن تفارقني أبداً
لقد تواصل الكلام بيننا، فيما كانت اليمن تعيش الحرب والفقر والأوبئة، وكان لا ينسى أن يستفسر عما نعيشه في لبنان من كوارث.
توثقت الصداقة بيني وبين عبد العزيز المقالح على مدى ثلاثين عاماً. البداية كانت في العام 1992، عندما تلقيتُ منه الدعوة الأولى إلى اليمن، أستاذاً زائراً في جامعة صنعاء. شعرتُ منذ اللقاء الأول بأن المقالح فتح لي أبواب اليمن، كما فتح لي قلبه وعقله. اكتشفتُ في هذا اللقاء أنه بوابة اليمن الثقافية، وأنه يرعى الشباب اليمني، ويشجع أصحاب المواهب منهم.
توالت لقاءاتنا بعد ذلك. وصرتُ أنطلق من مكتب المقالح في الجامعة، أو من مكتبه في "مركز الدراسات اليمنية"، إلى مختلف أنحاء اليمن، التي ترسخت علاقتي الوجدانية بها، وأوحتْ لي بالعديد من القصائد. وكنتُ أعود دائماً إلى مجلسي الأثير، مقيل عبد العزيز المقالح، حيث ألتقي بأصدقائه الذين أصبحوا أصدقائي.
هذا المقيل كان عبارة عن ندوة يومية متنقلة، إذ كان المقالح يقيمها في بيته أو في بيت أحد الأصدقاء. وكانت تُقرأ فيها القصائد، وتُثار النقاشات الأدبية والفكرية على أنواعها.
كم كانت مؤثرةً فيَّ اتصالاتنا الهاتفية الأخيرة، وهو يعاني من المرض، ويحاول الكلام بشيءٍ من الصعوبة. لقد تواصل الكلام بيننا، فيما كانت اليمن تعيش الحرب والفقر والأوبئة، وكان لا ينسى أن يستفسر عما نعيشه في لبنان من كوارث.
عبد العزيز المقالح وداعاً. ثِقْ بأنك لن تفارقني أبداً.