في لبنان.. معرضان للكتاب؟
معرضان للكتاب في بيروت هذا العام بدلاً من معرض واحد اعتاد عليه اللبنانيون من 64 عاماً. ما السبب يا ترى؟
معرضان للكتاب في بيروت بدلاً من معرض واحد. هذا ما تبيّن مؤخراً وكان حديث كل من يهتم بهذه التظاهرة الثقافية في لبنان. هكذا سيكون القرّاء ومحبّو الكتاب على موعد مع معرضين، أوّلهما "معرض لبنان الدولي للكتاب" الذي ينطلق اليوم، ثم "معرض بيروت العربي للكتاب" الذي تبدأ فعالياته في تشرين الثاني/نوفمبر المقبل.
إذاً، معرضان لا يفصل بينهما سوى فترة زمنيّة متقاربة، جاءا بعد شدّ حبال بين نقابة "اتحاد الناشرين اللّبنانيين" و"النادي الثقافي العربي". الأول، أي "معرض لبنان الدولي للكتاب"، يقام في الفوروم دو بيروت (الكرنتينا) من 13 إلى 22 تشرين الأول/أكتوبر الجاري، والثاني، من 23 تشرين الثاني/نوفمبر حتى 3 كانون الأول/ديسمبر في الواجهة البحرية لبيروت (البيال سابقاً).
ويشارك في المعرض الأول أﻛﺜﺮ ﻣﻦ 155 دار ﻧﺸﺮ ﻟﺒﻨﺎﻧﯿﺔ ﺧﺎﺻﺔ ورﺳﻤﯿﺔ، ﯾﻤﺜّﻠﻮن 277 ﻧﺎﺷﺮاً ﻣﻦ 21 دوﻟﺔ ﻋﺮﺑﯿﺔ وأﺟﻨﺒﯿﺔ. وﺳﯿُﺮاﻓﻖ اﻟﻤﻌﺮض برنامج ثقافي ﯾﺴﺘﻀﯿﻒ ﻛﺘّﺎﺑﺎً وﺷﻌﺮاء ﻟﺒﻨﺎﻧﯿﯿﻦ، ﻋﺮباً ودوﻟﯿّﯿﻦ. لماذا معرضان؟ حول هذا السؤال قابلت "الميادين الثقافية" كلّاً من المدير التنفيذي لـــ "معرض لبنان الدولي للكتاب" خالد قُبيعة، وأمينة سرّ "النادي الثقافي العربي"، المسؤولة عن "معرض بيروت العربي للكتاب"، نرمين الخنسا.
***
لماذا انقسم معرض الكتاب إلى معرضين؟
قبيعة: قبل الانفصال، عقدت نقابة "اتحاد الناشرين اللّبنانيين" اجتماعاً مشتركاً مع "النادي الثقافي العربي"، ووضعنا ثوابت تقوم على ضرورة تطوير وتحديث معرض الكتاب في بيروت إسوة بتميّز دور النشر اللّبنانية في كل معارض الكتب في العالم، وخصوصاً في الدول العربية، فكان ردّ النادي "إنّ الوضع لا يسمح بذلك"، فأصررنا على ضرورة أخذ المخاطرة للمبادرة بالتقدّم. وضعنا أسساً معينة كان من المفروض العمل عليها سوية، ولكنهم أصرّوا على "أنّ الوقت الحالي ليس مناسباً للتغيير في معرض الكتاب، وليس لدينا ميزانية لذلك".
عندها ذهبنا إلى وزارة الثقافة وتمّ التوقيع على مذكرة التفاهم بين نقابة الاتحاد ووزارة الثقافة، ولعلّ أبرز ما نصت عليه: "إنّ معرض لبنان الدولي للكتاب هو المعرض الرسمي للجمهورية اللبنانية"، وبالتالي إنّ الرعاية الرسمية هي أساسية بالنسبة إلينا.
الحقيقة كان لا بدّ من التقدّم نظراً لتطورنا في معارض الخارج حيث نسجّل أرقاماً كبيرة في المبيعات. إنّ هذا العامل الأخير شكّل دافعاً لنا للمضيّ قدماً بمشروعنا مع الوزارة آخذين بالاعتبار عدم وجود ميزانية مهمة لوزارة الثقافة.
وبناء عليه قامت نقابة "اتحاد الناشرين اللّبنانيين" ببرنامج مهني واستطاعت تأمين رعاية لاستضافة كتّاب وشعراء عرب في معرض لبنان للكتاب، ومنهم: أدونيس، بثينة العيسى (روائية وكاتبة كويتية)، سعود السنعوسي (روائي وكاتب كويتي)، عائشة السيفي (شاعرة عُمانية) وآخرون.
وفي ظل هذا الوضع كانت الصفة الرسمية لمعرض الكتاب هي الأهم بالنسبة للنقابة متكلين على أنفسنا في التنظيم.
ونشير إلى أنّ قدرة الناشر اللّبناني في مواصفات الكتب من ناحية الجودة واختيار العنوان وتسويق الكتاب لا تقلّ أهمية إطلاقاً عن الناشر الأجنبي، بغض النظر عن المحتوى الشرقي. فالقارئ لا يستطيع على سبيل المثال التمييز إن كان الكتاب مشغولاً في لبنان أو في بريطانيا. لذلك وضعنا برنامجاً لمعرض الكتاب يليق بلبنان، ومعرضنا معرض مهني مئة في المئة ولا شأن لنا بالسياسة.
نحن مصرون على أن يكون المشهد الثقافي اللّبناني واحداً، مع العلم بأننّا دَعونا "النادي الثقافي العربي" للمشاركة في معرضنا لكنّه رفض. وفي المحصلة أتى اشتراك الناشرين في المعرض على الشكل التالي: منهم من قرّر الاشتراك في معرض لبنان الدولي للكتاب فقط، ومنهم من فضّل الاشتراك في المعرضين، والبعض الآخر لم يشترك إطلاقاً، وهذه الفئة الأخيرة شكّلت 4%.
هل لدى اللبناني اليوم قدرة مالية على شراء الكتاب؟
قبيعة: أتعجب من القدرة المالية للقارئ اللبناني، وبرأيي فإنّ القرّاء ينقسمون إلى 4 فئات. فئة تدّخر أموالها من سنة إلى سنة لتصرفها في معرض الكتاب، وفئة ثانية تقترض المال لكي تشتري الكتب، خصوصاً تلك التابعة لدور نشر عربية أو أجنبية وليس من السهل الحصول عليها. وفئة ثالثة من القرّاء تشتري الكتب على حساب أشياء أخرى أقلّ أهمية. أمّا الفئة الرابعة فمقتدرة مادياً وليس لديها مشكلة في سعر الكتاب المطلوب. في الواقع لبنان حالة خاصة فعلاً، ونلمس حماسة الناس للمعرض.
***
ما سبب الانفصال بين شركاء الأمس؟
الخنسا: هي رغبة نقابة "اتحاد الناشرين اللّبنانيين" ونحن احترمنا هذه الرغبة. في الماضي قاموا بتنظيم معرض الكتاب ولم يكن هناك أي مانع. كلّ معرض لديه جمهوره وقرّاءه. وكما أن هناك معرض إنطلياس للكتاب أو معرض البقاع أو الجنوب، فليكن في بيروت معرضان، لتكن منافسة ثقافية جميلة، وربما هذه المنافسة تحسّن من أداء الفريقين. ما علينا سوى النظر إلى الجانب الإيجابي من الموضوع.
هل يملك القارىء اللبناني القدرة المالية لزيارة معرضين خلال فترة زمنية قصيرة؟
الخنسا: طبعاً الوضع الاقتصادي اللّبناني صعب، لكنّ القارئ أو المتلقّي هو الذي يختار ما يراه مناسباً، منهم من يفضّل التريث ليشتري لاحقاً ما يريده. وهو الأدرى باختياراته وبظروفه.
ما الذي سيميز "معرض بيروت للكتاب العربي" هذه السنة؟
الخنسا: نحن في ظل تلقّي طلبات المشاركة لدور النشر والعارضين. سيكتمل العدد النهائي قبل 10 أيام من المعرض. نأمل من دور النشر أن تقوم بحسومات على الكتب. صحيح أنّ النشاط الثقافي لم يكتمل تنظيمه إلى الآن، إنما ما أستطيع تأكيده أنّ البرنامج الصباحي لمعرض بيروت سيكون غنياً في توجّهه لتلاميذ المدارس والأطفال وهو برنامج تثقيفي ترفيهي. أمّا برنامج المعرض بشكل عام فسيكون حافلاً بالنشاطات الثقافية.
وتختم الخنسا حديثها بأنّ "معرض بيروت للكتاب العربي" هو "عميد المعارض العربية لكونه أول معرض للكتاب في العالم العربي، ويحتفل في تشرين الثاني/نوفمبر المقبل بسنته الــ 65. متطلعة بإيجابية إلى أي شيء يصبّ في إحياء الثقافة في لبنان وتنوّعها.