وعد

ماذا يعني اسم وعد؟ وما الفرق بين الوعد والوعيد؟

إنّي إلَيكِ بِما وَعَدتِ لَناظِرٌ
نَظَرَ الفَقيرِ إلى الغَنِيِّ المُكثِرِ
يَعِدُ الدُيونَ ولَيسَ يُنجِزُ وَعدَهُ
هذا الغَريمُ لَنا ولَيسَ بِمُعسِرِ
ما أنتِ والوَعدَ الذي تَعِدينَه
إلّا كَبَرقِ سَحابَةٍ لم تٌمطِرِ

هذه الأبيات لجميل بن مَعمِر (701م) المعروف بجميل بُثَينة نسبة إلى حبيبته بُثَينة بنت حَيّان. وهو من أشهر شعراء الحب العُذري الذي يتميّز بصدق المشاعر  وعذوبة الألفاظ والعفّة في مخاطبة الحبيبة. أحبّها وأحبّته وحال تشبيبُه بها وما نظمه فيها من شعر الغزل دون موافقة أهلها على تزويجه إيّاها، وزوّجوها من رجل آخر مضى بها إلى دياره. وكان جميل يزورها ويلتقيها دون ريبة بعد زواجها فشكاه أهلها إلى الوالي الأُموي فأهدر لهم دمَه إن عاود زيارتها، فهرب إلى مصر حيث وافته المَنِيّة.

لهذه الأبيات التي قالها جميل قصة. وذلك أنه كان قد تواعد وبُثينة على اللقاء في مكان خفيّ غير بعيد من مضاربها، لكنها لم تأت لأن أهلها فطنوا لقدوم جميل فأقاموا الحراسة وترصّدوه ليقتلوه فلم تذهب إلى حيث كان ينتظرها حتى لا ينكشف أمره ويتعرّض للأذى.

أما هو فلم يعلم بما يُدبّر له وظنّ أنها أخلفت الوعد. فقال موجّهاً الخطاب إليها إنه ما زال ينتظر قدومها ويطمع فيه،  كما يتطلّع الفقيرٌ إلى الغنيً ويطمع في ما عنده. وما بالُ هذا الغريم، أي المَدين الذي هو أنت، يعِد بسداد ما عليه من دَين فلا يوفي بوعده مع أنه موسر غير مُعسِر. وما أنت والوعد الذي تعدينه إلا كمثل سحابة برقت فظُنّ أنها ستمطر لكنّ بَرقَها كان خُلّباً لا طائل من ورائه.

والوعد الذي ظَنّ جميل أن بُثَينة أخلفته هو ما يُقطَع من عَهد ولا بدّ من الوفاء به، ولذلك قيل إنّ وَعدَ الحُرٍ دَين. ومنه اشتُقّ اسم العلم "وَعد" المشترك بين الإناث والذكور.

والوعد كلمة تدلّ على تَرجِيَة بِقَول. أي أنّ الوعد يبدأ بكلمة تُقال ويُنتظر أن يُصبح فِعلاً. ولطالما اشتكى المحبّون من عدم الوفاء بالوعد، كما يفعل الشاعر الأندلُسي ابن سعيد المغربي (1213 - 1286م) حيثُ يقول:

طالَ انتظاري لِوَعدٍ لا وَفاءَ لهُ
وإن صَبَرتُ فقد لا يَصبِرُ العُمُرُ
يا غُصنَ بانٍ سَقتهُ أدمُعي مَطراً
وليسَ لي منهُ لا ظِلٌّ ولا ثَمَرُ

والوعدٌ مصدرٌ الفعل وَعَدَ، يكون ذلك بِخَير وشَرّ. يقال: وَعَدَهُ الشَيءَ، ووعده بالشيءِ، يَعِدُه، عِدِةً ووَعداً، إذا قال
له إنه سَيُجريه،أو يفعله، أو يُنجِزه له،ويُنيله إيّاه.

وأمّا الوعيد فلا يكون إلا بِشَرّ. يقال: وَعَدَه وعيداً، أي وَعَدَه شَرّاَ،وتَهَدّده. والوعيدُ والإيعادُ والتَوَعُّد: التهديد. يقال:
أوعَده، وتَوَعّده.

والعرب إذا أرادوا الخيرَ قالوا: وعَدته واكتفوا بذلك. فَإن أرادوا الشَرَّ قالوا: أوعَدته ولم يزيدوا.

وإذا كان الوعد يبدأ بالقَول على أمل أن يصبح فِعلاً، فَإنّ مِن الوَعد ما يَسبِق الفعلَ، وهو ما يذهب إليه أبو الطيّب
المُتنبّي (915 - 965م) في بعض مديحه لأمير حلب سيف الدولة الحمداني حيث يقول:

ووَعدُكَ فِعلٌ قبلَ وَعدٍ لأنه
نَظيرُ فَعالِ الصادِقِ القَولِ وَعدُهُ
إذا كُنتَ في شَكٍّ مِنَ السَيفِ فابلُهِ
فَإمّا تُنَفّيهِ وإمّا تُعِدُّهُ