كيف أثّرت الحرب في أوكرانيا على الحياة الثقافية داخل روسيا؟
بعد محاربة الثقافة الروسية في الخارج ومنع حضورها، ازدادت النشاطات والمبادرات الداخلية وتفاعلت. كيف واجهت روسيا "ثقافة الإلغاء" الغربية؟ وما أهم أحداث العام 2022؟
نشرت صحيفة "فزغلاد" الروسية مؤخراً، مقالةً بعنوان "العملية العسكرية الخاصة تغيّر الثقافة الروسية"، كتبتها الصحافية أولغا أندريفا، وترصد فيها تأثير العملية العسكرية الروسية الخاصة، التي انطلقت في أوكرانيا في الـ28 من شباط/فبراير من العام الماضي، وما تزال مستمرة حتى اليوم، على الثقافة الروسية، التي عوّضت عن منع مشاركتها في النشاطات والفعاليات الثقافية في الخارج، بتكثيف الأحداث الثقافية الداخلية.
نقرأ فيما يلي ترجمة النص الكامل للمقالة:
أدّت العملية العسكرية الخاصة، بشكل غير متوقع، إلى ما يشبه ثورة ثقافية في روسيا. يمكن تشبيه ما يحدث الآن، بما حدث في الثقافة الروسية بعد تشرين الأول/أكتوبر 1917، بعد رفض الرموز العقائدية السابقة وخلق رموز جديدة. ففي مواجهة "ثقافة الإلغاء"، يُنتج مبدعون روسيون أعمالاً جديدة تدرك مصير روسيا الحديثة.
مع بداية العملية العسكرية الخاصة، حاول الغرب وضع جميع مجالات الثقافة الروسية تحت الحصار. كانت المؤسسات الثقافية الكبرى أول من شعر بذلك في روسيا، ومنها مسرحا "البولشوي" و"مارينسكي"، إذ كانت أنشطة هذه المؤسسات مرتبطة ارتباطاً وثيقاً بالجمهور الغربي. ألغيت الجولات والحفلات الموسيقية، وأغلق الجناح الروسي في "بينالي البندقية"، وطُلب من العديد من الفنانين الروس العاملين في الخارج التنديد علناً بما يقوم به الاتحاد الروسي. آنذاك، قال وزير الثقافة البولندي بيوتر غلينسكي: "الآن، ليس وقت الباليه الروسي، وليس أفضل المواسم لتشيخوف أو بوشكين".
كانت الأمور أسوأ بالنسبة لتوزيع الأفلام الروسية، وبدا الوضع غريباً نوعاً ما، كانت أفلامنا تُعرض في مهرجانات الغرب، في كان والبندقية وبرلين، وبدا أنّ الطريق أمام السينما الروسية الحديثة مفتوحة في تلك المهرجانات. لكنّ الجمهور الروسي بات معزولاً تماماً عن الأفلام الغربية، حيث ألغت استوديوهات هوليوود ومنصات البث عروضها الأولى في روسيا، كما فقدت المنصات حقوق العديد من الأفلام التي تمّ شراؤها. لنكن صادقين، لن يعاني مشاهدونا كثيراً من هذا (بفضل موفري المحتوى البديل)، لكنّ الموزعين الغربيين خسروا سوق الأفلام الروسي المتنامي بسرعة. خسرت "نيتفلكس" وحدها، ربيع العام 2022، 50 مليار دولار، بسبب انقطاع وصول خدماتها إلى 700 ألف مستخدم روسي.
أدّت العملية العسكرية الخاصة، بشكل غير متوقع، إلى ما يشبه ثورة ثقافية في روسيا. يمكن تشبيه ما يحدث الآن، بما حدث في الثقافة الروسية بعد تشرين الأول/أكتوبر 1917، بعد رفض الرموز العقائدية السابقة وخلق رموز جديدة.
ومع ذلك، تخلّص تجّار المنتج الثقافي من الصدمة الأولى بسرعة في الغرب. فلم يكن الجمهور الغربي مستعدّاً للبقاء من دون تشايكوفسكي الحبيب. في الربيع، بدأت الأصوات تُسمع دفاعاً عن التراث الثقافي الروسي. وبحلول الشتاء، غدا من الواضح أنّ المسارح في أوروبا والولايات المتحدة تستمر في عروض المسرحيات والأوبرا والباليه الروسية. لكن، في معظم الأحيان، تُزال أسماء المؤلفين من الملصقات، إذ غالباً ما تكون حِيَل تجار المنتج الثقافي سخيفة. في الآونة الأخيرة، في مدينة بوخوم الألمانية، على سبيل المثال، تمّ الإعلان عن العرض الأول لـ"بحيرة البجع" تحت عنوان "لؤلؤة الباليه الأوكراني الكلاسيكي (!)".
لكنَّ المسارح الجادة لا تعبث بهذه الطريقة. في أوائل كانون الأول/ ديسمبر الماضي، افتُتِح الموسم في "مسرح لا سكالا" مع العرض الأول لأوبرا موسورجسكي "بوريس غودونوف"، الذي قدّمه مغنون روس. حيّت النخبة السياسية الأوروبية، التي حضر أعضاؤها الحفل، القيصر الروسي تحية حارة وقوفاً. لذا فإنّ ثقافة الإلغاء، التي يتّبعها الغرب، لا تبدو أكثر من عمل قذر تافه ضد روسيا، سينجو منها الروس بطريقة أو بأخرى.
"مناهضو الحرب" و"الوطنيون"
لم تكمن معاناة المبدعين الذين يعيشون في روسيا في المشاكل التجارية، بل في عذاب الخيار الخُلقي أكثر. في المحصّلة، منهم من غادر مقفِلاً الباب وراءه بفخر، ومنهم من قرّر البقاء مدركاً أنّ ما كان يحدث هو نوع من قيامة الوطن. قال الشاعر إيغور كارولوف لصحيفة "فزغلاد": "كانت ردة الفعل المناهض للحرب عاطفية بالمجمل، وهستيرية أحياناً: لا نريد أن نعيش في بلد كهذا، نشعر بالعار، نحن مع أوكرانيا بالروح. في المقابل، كانت ردة الفعل الوطنية أكثر تحفّظاً، إذ لم يقرع أحد على الطبول، وأدرك معظم الوطنيين أنّ هناك مأساة نحتاج للخروج منها إلى مدة طويلة. لكن هناك واجب يدفعنا للتضامن مع بلدنا. يمكننا أن نقول إنّ ردّة الفعل الأولى كان طفولية، فيما أتت الثانية مواطنين مسؤولين".
وضعت الأحداث الكتّاب أمام سؤال أصيل: هل ينبغي أن تعتمد الثقافة على السياسة أصلاً؟ في روسيا عشرينيات القرن الماضي، تمّت الإجابة على هذا السؤال بشكل قاطع: "الفنّ خيال مستمد من الحياة، ولا تعكس ألوانه أبداً ألوان العلم المرفوع فوق قلعة المدينة"، كما كتب فيكتور شكلوفسكي في كتابه "حركة الفارس". يقول الشاعر والكاتب أندريه بولونسكي: "البرج العاجي ملجأ سيئ. وقد أظهر القرن الـ20 كيف انهار بسبب الرياح التاريخية العظيمة".
على خلفية الأعمال الحربية، حدث ما لا مفر منه، حيث اضطرت السلطات إلى اتخاذ إجراءات صارمة ضد أولئك الذين قد تؤدي مواقفهم إلى تقسيم المجتمع. تسبَّب هذا في غضب الصحافة الليبرالية. ومع ذلك، من الواضح أنّ روسيا ليست الأولى في هذا المجال. فبعد دخول الولايات المتحدة الحرب العالمية الأولى، أصدرت على الفور قانوناً بشأن التجسس، ينصّ على السجن لمدة تصل إلى 20 عاماً بسبب تصريحات تدين الأعمال العسكرية. في العام 1919، أدين سكرتير الحزب الاشتراكي، تشارلز شينك، بموجب هذا القانون (بسبب إرساله بيانات إلى المجندين حول عدم دستورية التجنيد في الجيش). ثم أعلنت المحكمة العليا الأميركية: "عندما تكون الأمة في حالة حرب، فإنّ العديد من الأشياء التي يمكن أن تقال في وقت السلم تشكّل عائقاً أمام المجهود الحربي للأمة، بحيث لا يمكن التسامح معها طوال مدة استمرار الأعمال العسكرية".
أما قانون تشويه سمعة قوات الاتحاد الروسي المسلحة، الذي تمّ تبنّيه في آذار/مارس 2022، فهو أكثر إنسانية، حيث الحد الأقصى للعقوبة هو السجن لمدة 5 سنوات. ومع ذلك، فإنّ التشويه هو مفهوم واسع، وبعض الشخصيات الثقافية لم تخاطر. تميّزت الأشهر الأولى من الحملة العسكرية الخاصة بحالات مغادرة رفيعة المستوى من البلاد. خسر المسرح الروسي العديد من الشخصيات البارزة، مثل تشولبان خاماتوفا، كيريل سيريبرينيكوف، دميتري كريموف، تيموفي كوليابين، ريناتا ليتفينوفا، وآخرين. ومن أولئك الذين غادروا المسرح أشخاص تبيّن أنّهم منفّرون بالفعل (على سبيل المثال: يوسف رايخيلغاوز، المدير الفني السابق لمدرسة المسرح الحديث، الذي اشتهر بعبارة "بعد 2 أيار/مايو، أصبح الهواء في أوديسا أنظف"). ومنهم فنانون موهوبون، لكنّ علاقتهم بالسياسة عاطفية أكثر منها تحليلية (مثل تشولبان خاماتوفا). ولم تكن عمليات المغادرة منهجية أو متّسقة، بل فوضوية بالكامل. كثيرون، مثل المدير الفني لمسرح الأمم يفغيني ميرونوف، وقّعوا أولاً رسائل مناهضة للحرب، لكنّهم غيروا موقفهم بعد ذلك.
وضعت أحداث العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا الكُتّاب في روسيا مجدداً أمام سؤال أصيل: هل ينبغي أن تعتمد الثقافة على السياسة أصلاً؟
في مسرح ستانيسلافسكي (الإلكتروني)، انتهى المشروع الضخم، الذي استمر 21 ليلة بعنوان "عالم روما"، وأعدّه المخرج بوريس يوخانانوف. اليوم، يجري هناك العرض الأول للأوبرا الحديثة "نونسينوركي"، التي تَعِدُ أيضاً بأن تكون حدثاً مهماً. بالإضافة إلى "بينالي الفن المسرحي: دروس المخرج"، لمديرها الفنّي ألكسي بورودين، التي انتهى عرضها في كانون الأول/ديسمبر الماضي، فإن مسرحيته "بافل روحي" تجمع بين الأداء الرائع والموضوعية والحدة واللباقة في حل المشكلات الاجتماعية المعقدة. أشارت المديرة الفنية للبينالي أولغا إيغوشينا بحكمة، في هذه المناسبة، إلى أنّ "زمن الطفولة قد ولّى، وحان وقت النضوج". ربما تكون هذه العبارة هي الرسالة الرئيسة لهذا الوقت.
يتوازى معسكرا "دعاة السلام" و"الوطنيون"، وبينهما ما يكفي من ردود الفعل الحادة والتشفّي والاتهامات المتبادلة. ويتميز "الوطنيون" بأنّ ردود أفعالهم تبدو متوازنة تماماً. احتلّ الموقف "الوطني" في المقام الأول مؤلفون في العقد الرابع من العمر، لا يعتمدون في الغالب على الدعم المباشر من المؤسسات والجمعيات، كما يعتقد محررو قناة التلغرام "real cultras"، كالفنان أليكسي تشيزوف والكاتب الكسندر بيليفين، وعند الحديث عن الممثلين هناك سيرغي بيزروكوف، وديمتري بيفتسوف، وفلاديمير مشكوف، وعازف البيانو دينيس ماتسوف.
ومع ذلك، لا تكمن الأهمية هنا في الفئة العمرية وحدها، بل، إذا جاز التعبير، في طبيعة الاختيار. يرى المجتمع الوطني قيمه في التأريخية والاهتمام بمصير روسيا وشعبها. يقول الكاتب دانيال أورلوف: "وطنية الفنان ليست شكلًا من أشكال استمراره في الأداء الفني أو كفاءته الإنسانية، وليست في المشاركة السياسية، ولكنها أعلى مظهر من مظاهر القدرة على الحب. وهي فردية دائماً، حميمية جداً، كالإيمان تماماً".
عندما تصف آلا بوغاتشيفا، التي تعيش الآن في "إسرائيل"، منتقديها بـ "الأقنان" و"العبيد"، فإنّها تردد فكرة كان العديد من "دعاة السلام" يرددونها بنشاط في العقود الأخيرة. مثلًا، في العام 2012، صرّح الكاتب ديمتري بيكوف برأيه علانية، قائلاً إنّ غالبية السكان الروس غير قادرين على القيام بأي شيء، ولا جدوى من إعادة تثقيفهم، فهم لا يعرفون كيف يفعلون أي شيء ولا يريدون العمل، ولكن يجب إعطاؤهم الفرصة للنوم بسلام أو الموت بسبب الشيخوخة. من المنطقي أن بيكوف غادر روسيا في الخريف الماضي ولن يعود.
ومن الواضح أن الجمهور الروسي الواسع لم يكن لديه مشاعر دافئة تجاه مثل هذه الشخصيات.
الأسلوب الوطني الجديد
من المفرح أنّه بدأت تظهر في روسيا، في السنوات الأخيرة، مشاريع تنشر لمؤلفين ذوي توجه غير ليبرالي. أصدرت "دار بيتر للنشر" للتو مختارات من الشعر المناهض للحرب، بعنوان "بعثُ الحرب العالمية الثالثة"، وديواناً للشاعر الوطني إيغور كارولوف. ببطء ولكن بثبات، بدأ اللوبي الليبرالي يفقد قوته.
هذا الاتجاه له تأثيرات غير متوقعة. فعلى سبيل المثال، وعلى الرغم من ضغط "الآباء" الليبراليين، اختار شباب العاصمة بسعادة الأسلوب الوطني الجديد. الوطنية، وفق قناة "real cultras"، تتمثل في أشكال فنية جديدة، مع لغة جديدة وعرض تقديمي. وقد أصبحت اليوم واحدة من أكثر الاتجاهات العصرية وذات الصلة بالشباب التقدمي. كل هؤلاء الشباب من حانات بوكروفكا، والمعارض الفنية والمشاريع الفنية، يقدمون أمثلة حية على هذا الاتجاه عبر مجموعاتهم المحلية، مثل "جرح الروح"، و"الروسي الطيب"، ومحل بيع الكتب "أوراق الشجر" (غادر معظم أفراد طاقمه إلى دونيتسك كمتطوعين)، وغيرها من المجموعات.
العمل الخيري من المبادرات المهمة للوطنيين. أعلن المدير الفني لمسرح "أوليغ تاباكوف" في موسكو، فلاديمير مشكوف، في الأيام الأولى من العملية العسكرية الخاصة، عن تحويل رسوم المسرحيات لدعم إقليم دونباس. انضمّت نحو 12 مؤسسة ثقافية في موسكو إلى هذا النمط على الفور. في الخريف الماضي، استخدمت فرقة "زيملياني" عائدات جولتها الفنية لتعبيد الباحات أمام مستشفى المدينة - الرقم 2، على الجبهة في غورلوفكا. كما دعم الفنانون إقليم دونباس، إذ نظمت جمعية "بعد الأيقونة" مزادات لأعمالها، وحوّلت الأموال المتلقاة لمساعدة اللاجئين والمشاركين في العملية العسكرية الخاصة. هناك العديد الأمثلة على أعمال مشابهة من جانب الشخصيات الثقافية.
لكن ماذا عن الدولة؟ من منتصف نيسان/أبريل إلى أوائل أيار/مايو، وبدعم من السلطات، أقيم ماراثون الروك "زا راسيّو" على نطاق واسع، مغطّياً 31 مدينة، بمشاركة 34 فناناً وفرقة موسيقية. بشكل عام، إذا نظرنا إلى القائمة الكاملة للمبادرات الثقافية التي أعلنتها الدولة ودعمتها خلال العام الماضي، فإنّ الحديث عن التراجع أو التقهقر في قطاع الثقافة الروسية سيبدو غريباً.
في أوائل شهر تموز/ يوليو، على سبيل المثال، استضافت حديقة غوركي في موسكو، للمرة الثالثة، أكبر منتدى لـ"الأسبوع الإبداعي الروسي" في تاريخها، والذي جمع ممثلين عن جميع الصناعات الإبداعية في البلاد، إلى جانب القطاعين العام والخاص. حضر المنتدى 350 ألف شخص، وحصد أكثر من 10 ملايين مشاهدة عبر الإنترنت، وأقيم فيه نحو 350 فعالية بمشاركة 1300 متحدث، وحضره ممثلون من 62 منطقة روسية.
منتدى "أسبوع الإبداع الروسي" هو نوع من الصدمة الإبداعية، وفرصة لمرة واحدة في العام للتصادم بشكل خلّاق، وخلق طاقة جديدة لتطوير الصناعات، للفرد والعائلة والبلاد ككل، كما ترى مارينا أبراموفا، مديرة المنتدى، التي تقول: "لدينا هذا العام عدد هائل من المشاركين من المناطق. لكل فريق طلب محدد لمشاريع، وخطط محددة لتطوير الصناعات الإبداعية. سنستمر في وضع الاستراتيجيات الناشئة مع الحكومات والمبدعين في المنتديات الإقليمية".
منتدى "أسبوع الإبداع الروسي" هو نوع من الصدمة الإبداعية، وفرصة لمرة واحدة في العام للتصادم بشكل خلّاق، وخلق طاقة جديدة لتطوير الصناعات، للفرد والعائلة والبلاد ككل.
لخصت نهاية العام العمل في اتجاه كل أنواع الإبداع، وهذه النتائج مبهرة. في بداية شهر كانون الأول/ ديسمبر، أقيم في موسكو الحفل الثاني لمنح الفائزين بالجائزة الوطنية الروسية في مجال الصناعات الإبداعية جوائز الإبداع الروسي. وتجدر الإشارة إلى أنّ هذه هي الجائزة الوحيدة في العالم، التي توحّد جميع الصناعات الإبداعية الـ16. أقيم الحفل في شكل العرض الأول لأوبرا. للمرة الأولى في العالم، تُعرض أوبرا حول الصناعات الإبداعية، كُتبت ونظمت خصيصاً للجائزة (من تأليف بيوتر آيدو). كان المشاركون قد تقدّموا بنحو 190 ألف طلب للجائزة في 11 فئة. كان أفضل مشروع اجتماعي إبداعي هو سلسلة "المراهقون الصعبون" من "مجموعة الإعلام الوطني". في فئة "الكود الثقافي"، فاز مشروع إحياء مصنع الساعات "راكيتا" في بيترغوف. وكان أفضل "مشروع رقمي" في العام 2022 هو البينالي العالمي "فن المستقبل"، وفازت منطقة ياقوتيا في فئة المناطق الأكثر إبداعاً. دعم "أسبوع الإبداع الروسي" 315 مشروعاً بقيمة إجمالية تزيد عن مليار و945 مليون روبل. يتمّ تنفيذ المشاريع في كلٍّ من الأراضي المحررة وفي المناطق الروسية، بمشاركة مواطنين روسيين جدداً.
أثار "عام التراث الثقافي لشعوب روسيا"، الذي أقيم بمبادرة من وزارة الثقافة، اهتماماً كبيراً، مع وجود أكثر من 78 ألف حدث على جدول أعماله. كجزء من "عام التراث الثقافي"، تمّ عقد مؤتمر "عموم روسيا للفولكلوريين"، الذي جمع 250 متخصصاً من 50 منطقة روسية، و14 دولة في العالم. في المؤتمر، تمّ تقديم "المختارات الذهبية للثقافة الشعبية"، التي سجّلت 100 نصب تذكاري للثقافة الشعبية. في التراث غير المادي لروسيا، أعيد إحياء "رابطة المتاحف الإثنوغرافية في روسيا". أفرز "عام التراث الثقافي" العديد من المبادرات الجديدة. تحت رعايته، نُظّم هذا العام للمرة الأولى "المنتدى الثقافي للأطفال"، و"مهرجان فرق الأطفال الوطنية"، و"مهرجان الأوركسترا الوطنية المهنية في روسيا".
النتيجة الرئيسة لعام 2022، هي أنّ الثقافة الروسية ليست فقط على قيد الحياة، ولكنها أيضاً في حال من التطور السريع والازدهار. وقد ظهر هذا بوضوح. يشارك كلٌّ من المبدعين والسلطات ومنظمي الثقافة والمجتمع الروسي نفسه بنشاط في عملية فهم المعنى التاريخي لكلمة "روسيا". ولّى عصر الثقافة الاستعمارية وغرق في النسيان. نحتاج أخيراً إلى إعادة بناء أجندة قيمنا، وبناء صورة جديدة عن مستقبل بلدنا والعالم.
ترجمة: عماد الدين رائف