ميقاتي يقدم قرار ترحيل "الوفاق البحرينية" هدية لن تتحقّق للرياض
قرار ترحيل المعارضين البحرينيين لن يجد طريقه إلى التنفيذ، والجهاز المعني بترحيلهم لن يقدم على مداهمة مركز جمعية "الوفاق"... وبناء عليه، قرار المولوي سينضم إلى قرارات استعراضية مشابهة.
يحاول رئيس الحكومة اللبنانية نجيب ميقاتي استرضاء الدول الخليجية، طمعاً بزيارة للرياض ولقاء ولي العهد السعودي، فقرار ترحيل أعضاء جمعية "الوفاق البحرينية" جاء ضمن هذا السياق، لكن هل تستطيع الحكومة تنفيذه؟
قرار وزير الداخلية والبلديات بسام المولوي بترحيل أعضاء جمعية "الوفاق البحرينية" إلى خارج لبنان يعدّ سابقة في تاريخ بيروت، التي تميزت، ولعقود طويلة، بأنها الملجأ الآمن للمعارضين العرب، من الدول العربية كافة، فلبنان الذي ينظر إليه العالم على أنه واحة حرية في صحراء عربية لم يعمد سابقاً إلى ترحيل معارض سياسي إلى أي دولة.
عندما أرسل المولوي كتاباً إلى الأمن العام لترحيل أعضاء جمعية "الوفاق البحرينية" إلى خارج لبنان، كان يعلم أن المطلوب ترحيلهم يقيمون في الضاحية الجنوبية لبيروت، ولهم عناوين معروفة، ويمارسون نشاطهم السياسي بشكل علني، تنقله أحياناً محطات تلفزة لبنانية وغيرها.
إنَّ المولوي العاجز عن تنفيذ مذكّرات توقيف بحق المئات، بل آلاف المطلوبين - وأماكن إقامتهم معروفة - ليس في موقع يسمح له بترحيل معارضين مدعومين ومحتضنين من أكبر حزب لبناني في الإقليم.
وقد علمت "الميادين نت" أنَّ وزير الداخلية سمع استفساراً من مراجع أمنية عما إذا كان قرار الترحيل سينسحب على معارضين عرب آخرين، وتحديداً المعارضين السوريين. ليس لدى المولوي إجابة عن ذلك الاستفسار، وإن كانت دوافع القرار المنعدم الوجود سياسياً معروفة، وهي الاستجابة لطلب خليجي بتوقّف بيروت عن إصدار البيانات، لأنَّ المطلوب، بحسب الرياض وحلفائها، أفعال، وليس أقوالاً.
وفي السياق عينه، إنَّ الرئيس نجيب ميقاتي لا يتمتّع بتلك الهالة التي تمتّع بها الرئيس الشهيد رفيق الحريري، عندما قرّر الأخير في العام 1997 تسليم المناضل الياباني أوكاموتو للأردن، بعد أن أتمَّ الأخير فترة سجنه واعتقاله في "تل أبيب" وبيروت.
أما "حزب الله"، المعنيّ الأوَّل باحتضان جمعية "الوفاق البحرينية"، فلم يعلّق حتى تاريخه على قرار وزارة الداخلية، وإن كان ذلك القرار قد أغضبه، لأن الانتفاضة البحرينية، في رأيه، محقّة ومشروعة، فضلاً عن أنَّ هذه المعارضة تنظم أنشطة علنية في دول حليفة للبحرين والسعودية، ومنها بريطانيا والولايات المتحدة الأميركية، مع تسجيل صمت خليجيّ على تلك الأنشطة، وعدم توجيه المنامة أيّ كتاب استنكار إلى الخارجيتين البريطانية والأميركية.
قرار وزير الداخلية سيزيد الأزمة السياسية اللبنانية تعقيداً، وسيراكم التباينات بين حارة حريك والسرايا الحكومية، وخصوصاً أنَّ "حزب الله" يشعر بأنَّ استقالة وزير الإعلام جورج قرداحي كانت مجانية، وأن الاتصال الهاتفي الشكلي بين محمد بن سلمان وميقاتي، بوساطة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، لم يغير الإجراءات السعودية ضد لبنان قيد أنملة.
وفق هذه الوقائع، إنَّ قرار ترحيل المعارضين البحرينيين سينضم إلى قرارات مشابهة لن تجد طريقها إلى التنفيذ، والجهاز الأمني المعني بالدرجة الأولى بترحيل هؤلاء، لن يقدم على مداهمة مركز جمعية "الوفاق البحرينية" في الضاحية الجنوبية، من دون التنسيق مع اللجنة الأمنية في "حزب الله"، وكذلك ليس على أجندة المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم فتح صدام دامٍ مع حزب صديق وحليف.
وبناء عليه، إنَّ قرار المولوي سينضم إلى قرارات استعراضية مشابهة. عندها، ستكون الكرة في ملعب ميقاتي الذي ينتظر تأشيرة دخول إلى السعودية الأسبوع المقبل.