مرحلة أكثر سخونة بعد عام على المواجهة الروسية الأطلسية
معركة أرتيوموفسك-باخموت تسير عملياً وفق المخطط المتوقع، ومن المنتظر أن تتمكن القوات الروسية في وقت قريب من تطويق كامل الحامية الأوكرانية،أو زحزحتها إلى خارج حدود المدينة.
مضى عام على المواجهة الروسية الأطلسية، التي دخلت مرحلة أكثر سخونة وقرباً من الاشتباك المباشر، ولم يعد لدى روسيا حكومةً وشعباً أي لبس في تشخيص هوية العدو، ولا سيما أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين سماه بالاسم، الولايات المتحددة الأميركية.
بيد أن الرئيس بوتين، بقراره تعليق مشاركة روسيا في معاهدة الحد من الأسلحة الهجومية الاستراتيجية، لم يغلق الباب أمام مفاوضات قد تنضم إليها قوى نووية أخرى، هي الصين، فرنسا وبريطانيا. وذلك انطلاقاً من ضرورة تحقيق توازن يشمل الأطراف جميعاً للتوصل إلى معادلة أمن دولي أكثر استقراراً ريثما تبرد بعض الرؤوس الحامية في الغرب الجماعي، لا سيما في أوروبا، التي وضعتها الولايات المتحدة في خط المواجهة الأول مع القوة النووية الروسية العظمى.
بكين من ناحيتها دخلت على خط الوساطة بين موسكو وكييف بمبادرة سلام. وعلى الرغم من استبعاد نجاحها، فإنها سجلت نقطة متقدمة في إطار المنافسة مع الولايات المتحدة.
أما على صعيد العمليات الميدانية، وفي حين يحتفل مقاتلو وحدات القوات الروسية اليوم، على طول خط المواجهة وفي الجبهات كافة بعيد حماة الوطن، الذي يحتفل به كل من شارك في الدفاع عن بلده من الروس، فإن ملامح الحدث الأبرز لا تزال تتشكل حول مدينة أرتيوموفسك-باخموت، حيث شهد القسم الشمالي والشمالي-الغربي من المدينة مواجهات طاحنة حول منطقة بيرخوفكا السكنية، التي تمكنت قوات شركة "فاغنر" الأمنية الروسية الخاصة من السيطرة عليها، وتطهيرها من القوات المسلحة الأوكرانية، بحسب المعطيات الميدانية لمساء 22 شباط/فبراير، بينما تحاول القوات المسلحة الأوكرانية التمسك اليائس بضواحي هذه النقطة السكنية.
وبهذا الإنجاز وسعت القوات الروسية وقوات "فاغنر" محيط نطاق عملياتها لإحكام الطوق على المدينة الاستراتيجية أرتيوموفسك-باخموت، لتقترب وحداتها من طريق خروموفا السريعة، وهي الطريق الأخيرة التي تستخدمها القوات الأوكرانية لدعم حامية المدينة. الأمر الذي يصبح أكثر صعوبةً يوماً بعد يوم.
من ناحية أخرى، أصبحت القوات الروسية تخوض معاركها داخل أحياء المدينة الشرقية باتجاه المركز، في سبيل زحزحة خط التماس باتجاه نهر باخموتوفكا. كذلك فإن عمليات التقدم الهجومية مستمرة في جنوب المدينة، وذلك في مسعى لفصل الوحدات الأوكرانية المسلحة بعضها عن بعض ومنعها من التجمع.
ويمكن القول إن معركة أرتيوموفسك-باخموت تسير عملياً وفق المخطط المتوقع، ومن المنتظر أن تتمكن القوات الروسية في وقت قريب من تطويق كامل الحامية الأوكرانية،أو زحزحتها إلى خارج حدود المدينة.
إلى ذلك، نفت مصادر ميدانية شائعات حول توغل القوات الروسية عدة كيلومترات في ضواحي خاركوف الشمالية في محيط نقطة فولتشانسك السكنية، غير أن عمليات التمهيد المدفعي والصاروخي مستمرة في ضواحي خاركوف وضواحي بيلغورود الروسية، إضافة لتسخين مدفعي لمحاور جبهة ضواحي سومي جنوب خاركوف. والأمر ما زال ضمن حدود التراشق المدفعي ولم تسجل عمليات تقدم هجومية بعد.
وبالانتقال إلى محاور اتجاه كوبيانسك وسفاتوفا وكريمينوي، تستمر علميات التقدم الهجومية للقوات الروسية، ولو بأسلوب الزحف البطيء، والسيطرة على نقاط ارتكاز دفاعات القوات الأوكرانية واحدة تلو الأخرى مع تسجيل عجز الأخيرة عن القيام بعمليات هجومية مضادة.
وبصورة عامة، ينتقل خط الجبهة غرباً ببطء ولكن بثبات، ولذا لا يمكن توصيف المشهد بالعملية الهجومية الواسعة،فهي بحسب المراقبين العسكريين لم تبدأ بعد على خطوط تماس هذا الاتجاه.
وبالنزول جنوباً إلى محاور اتجاه سيفيرسك، يمكن القول إننا لن نشهد عملية هجومية واسعة روسية في سيفيرسك قبل حسم معركة أرتيوموفسك-باخموت، وخاصة أن معظم تشكيلات قوات "فاغنر" منشغلة الآن. وبعد السيطرة على أرتيوموفسك فقط سوف يتحرر عدد من التشكيلات الكافية لخوض معركة سيفيرسك المتوقعة، والتي لا تقل أهمية عن باخموت.
وإلى أقصى جنوب غرب الدونباس، إلى أفدييفكا، التي لم تشهد محاورها تطورات بارزة سوى تسجيل ضربات جوية مركزة في الأيام القليلة الماضية، وذلك في انتظار تطور وتسخين ديناميكي لهذه الجبهة.
وإلى مارينكي، حيث تستمر القوات الروسية في تنفيذ عملية تطهير الأقسام الغربية من المدينة. أما أوغليدار فتشهد معارك طاحنة لكن من دون متغيرات جغرافية في مواقع التموضع والتقدم.
أما فيما يتعلق بجبهة زابوروجيا، فإنها تشهد تسخيناً نسبياً متفاعلاً للمواجهة على طول خط التماس... القوات الروسية تنفذ عمليات استطلاع بالنار من دون تسجيل مبادرات قتالية هجومية نشطة من الجانب الأوكراني، الذي يركز جهوده للرد على مصادر نيران المدفعية الروسية.
من ناحية أخرى، يزداد خطر اتساع رقعة المواجهة وتوريط مولدوفا في المواجهة بعد معلومات استخبارية وردت في تصريحات وزارة الدفاع الروسية حول محاولة استفزاز تقوم بها قوات "آزوف" الأوكرانية النازية القومية المتشددة باستخدام زي القوات المسلحة الروسية لاتهام روسيا.
والهدف هو جر الغرب لدعم القوات الأوكرانية بغرض "مساعدة كيشيناو" للسيطرة على مخازن السلاح الضخمة في القاعدة الروسية في ترانسنيستريا القائمة منذ الحقبةالسوفياتية، والتي يوجد فيها ما يكفي لخوض معارك لأكثر من عام.
ويؤكد ذلك ما جاء في بيان لوزارة الدفاع الروسية اليوم الخميس من أن "نظام كييف يعد في المستقبل القريب لاستفزاز مسلح ضد جمهورية ترانسنيستريا المولدوفية، والذي ستنفذه وحدات من القوات المسلحة الأوكرانية".