اليوم الأسود لكشمير
لم يُجرَ أي استفتاء شعبي في كشمير رغم تعهّد الهند أكثرَ من أربعين مرة تنفيذه.
مضى أكثر من 70 عاماً على تعرُّض إخواننا الكشميريين للفظائع المرتكَبة من جانب القوات المحتلة الهندية. ومع ذلك، فشل الاحتلال الهندي الوحشي لوادي كشمير في إخضاع رغبة الشعب الكشميري في الحرية، وفي قمع المطالبة بحق تقرير المصير.
في عام 1947، في وقت تقسيم الهند البريطانية، تمّ الاتفاق، بموجب خطة التقسيم، على منح الولايات الأميرية في شبه القارة الهندية خيارَ الانضمام إلى الهند أو إلى باكستان، أو البقاء مستقلة. وإدراكاً لمشاعر شعب كشمير المؤيِّدة لباكستان المزدهرة، انتهكت الهند القوانين الدولية، وغزت كشمير في 27 تشرين الأول/ أكتوبر 1947، الأمر الذي أدّى إلى اندلاع أُولى الحروب الهندية ـ الباكستانية في عام 1948. وفيما بعد، ساعدت الأمم المتحدة على إنفاذ وقف إطلاق النار بين البلدين.
إن قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، الصادر في 21 نيسان/أبريل 1948، هو أحد قرارات الأمم المتحدة الرئيسية بشأن كشمير، والذي ينصّ على أن "مسألة انضمام جامو وكشمير إلى الهند أو باكستان يجب أن تُحسَم وفق الطريقة الديمقراطية التي تتمثّل بإجراء استفتاء شعبي حرّ ونزيه". وافقت الهند على إجراء استفتاء شعبي في الولاية، وتعهّد قادتها، أكثرَ من أربعين مرة، تنفيذَ هذا الاستفتاء. ومع ذلك، وعلى الرغم من التزاماتهم، فإن أيّ استفتاء لم يُجرَ في كشمير.
عادةً، يدلي القادة الهنود بتصريحات مراوِغة من أجل خداع المجتمع الدولي. ويتهم القادة الهنود الكشميريين بـ"الإرهاب"، لكنّ ميثاق الأمم المتحدة، والإعلان العالمي لحقوق الإنسان لعام 1948، وإعلانات الأمم المتحدة الأخرى، تسمح، في الواقع، للشعب الكشميري بالقتال من أجل حقه في تقرير المصير.
في الخامس من آب/أغسطس 2019، ومن خلال إلغاء الوضع الدستوري الخاص بكشمير، ارتكبت الحكومة الهندية انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، وجعلت حياة الكشميريين بائسة. وكل هذه المناورات الهندية تضرّ قرارات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، والقوانين الدولية، ولاسيما اتفاقية جنيف الرابعة، التي تحظر على دولة الاحتلال أن ترحّل ـ أو تنقل ـ جزءاً من سكانها المدنيين إلى الأراضي التي تحتلّها.
وُضِعَ القادة السياسيون لكشمير، من مختلف الأطياف، رهنَ الإقامة الجبرية واعتُقل الشبّان الكشميريون بصورة غير قانونية. وحتى الآن، تم اعتقال أكثر من 13 ألف كشميري في تُهَم ملفَّقة. وتُعتبر هذه الأعمال الهندية إهانةً للقيم الاجتماعية والسياسية والأخلاقية والدينية والقانونية، التي يتبنّاها المجتمع الدولي.
يرتكب الجيش الهندي والقوات شبه العسكرية انتهاكات صارخة لحقوق الإنسان ضد الكشميريين. ووفقاً لتقارير صادرة عن خبراء في الأمم المتحدة، استخدم الجيش الهندي أساليب وحشية، كعمليات القمع، وفرض حظر التجوّل، وتنفيذ اعتقالات غير قانونية، وارتكاب المذابح والقتل المستهدَف والحصار، وتخريب الممتلكات، والتعذيب، والإخفاء القسري، والعنف الجنسي ضد النساء، والقتل خارج نطاق القانون، والإساءة إلى النضال من أجل الحرية للسكّان الأصليين من خلال اعتباره أعمالاً "إرهابية".
إن كشمير هي أكثر منطقة عسكرية في العالم، بحيث ينتشر فيها أكثر من 800 ألف عسكري من قوات الأمن الهندية، والذين يشاركون في انتهاكات حقوق الإنسان وارتكاب الفظائع. ومنذ عام 1989، قُتل أكثر من 96 ألف شخص خارج نطاق القانون، واعتُقل تعسفاً وعُذِّب نحو 162 ألف شخص، وأُصيب أكثر من 25 ألف شخص برصاص مسدّسات معدنية، واغتُصبت 11 ألفاً و250 امرأة، وترمّلت نحو 23 ألف امرأة، بينما يُتِّم أكثر من 108 آلاف طفل. كما دمّرت قوات الاحتلال الهندي أكثر من 110 آلاف من ممتلكات الكشميريين خلال عمليات التطويق والتفتيش.
منذ بدء الأعمال غير القانونية في الخامس من آب/أغسطس 2019، كانت حكومة مودي تتآمر لتمهيد الطريق أمام الهنود للاستقرار في كشمير، من أجل تلبية مطلب المنظمة الهندوسية المتطرفة، وهي منظمة التطوع الوطنية (آرا أس أس). وبالإضافة إلى إصدار لجنة ترسيم الحدود، وقانون الإقامة في آذار/مارس 2020، إلاّ أن التحول الديمغرافي قيد التنفيذ لتحويل الأغلبية المسلمة إلى أقلية، والتأثير في نتيجة أيّ استفتاء بشأن الوضع المستقبلي لكشمير.
يتعيّن على المجتمع الدولي أن يدرك مسؤوليته بموجب ميثاق الأمم المتحدة من أجل حل قضية كشمير. وإذا كانت قرارات الأمم المتحدة بشأن العراق وكوسوفو وتيمور الشرقية قابلة للتنفيذ، فلماذا لا يتم تنفيذ القرارات الخاصة بكشمير؟
أصبح العالم صغيراً، ويمكن لصراع إقليمي أن يجتاح العالم بأسره، ولاسيما أن الهند وباكستان قوتان نوويتان، وخاضتا أربع حروب في الماضي. لذلك، لا يجب أن يبقى المجتمع الدولي غافلاً عن قضية كشمير، كونها نقطة اندلاع نووي، بحيث إن دولتين نوويتين في خلاف. ويجب أن يتقدم، ويوقف الظلم الذي يتعرض له الكشميريون على أيدي الهنود.
استمرت حكومة باكستان في إثارة قضية كشمير مع المجتمع الدولي، ولاسيما رئيس وزراء البلاد عمران خان، الذي سلّط الضوء، في كلمته خلال الدورة السنوية للجمعية العامة للأمم المتحدة، على الفظائع الهندية المرتكَبة في كشمير. كما كشف الخُطّة الشريرة لحكومة مودي وحزب بهاراتيا جاناتا، وأيديولوجيتهما الهندوتفا المتطرفة، وذكر التمييز الذي تواجهه مجتمعات الأقلية في الهند، كالمسلمين والمسيحيين والسيخ والهندوس من الطبقات الدنيا. وبالإضافة إلى ذلك، سلّط الضوء على الرعاية التي منحتها الحكومة للسفاحين المنتمين إلى منظمة التطوع الوطنية (آر أس أس). فهؤلاء السفّاحون هم طرف مجنون يرتكب أعمال عنف ضد المجتمعات المسلمة، باسم حراسة البقر.
تجدر الإشارة هنا إلى أوجه الشبه بين شعبَي فلسطين وكشمير، بحيث يعاني كلاهما الوحشية على أيدي قوات الاحتلال، ووعدتهما الأمم المتحدة بتقرير المصير عام 1948. فلم يستعِد الفلسطينيون دولتهم بعدُ، ولم يُمنَح الكشميريون بعدُ الحقَّ في اختيار مصيرهم المستقبلي، من خلال إجراء استفتاء عام.
إن الاحتلالين متشابهان على نحو كبير، من حيث التكتيكات التي استخدمتها الحكومتان الهندية والإسرائيلية لإخضاع الشعبين اللَّذين تحتلانهما، والأعمال الوحشية المرتكَبة ضد سكان هاتين المنطقتين المحتلتين، فضلاً عن الاستخدام المفرط لكلمة "إرهاب" كمبرِّر لجرائمهما ضد الإنسانية.
نحن نناشد، مرة أخرى، المجتمعَ الدولي، ولاسيما الأمم المتحدة ومنظمات حقوق الإنسان، التحقيقَ في عمليات قتل الكشميريين خارج نطاق القانون على أيدي قوات الاحتلال الهندي، وتقديم مرتكبي هذه الجرائم الشنيعة إلى العدالة.
ستستمرّ باكستان في دعم شعب كشمير في نضاله المحقّ ضد الاضطهاد الهندي، إلى أن ينال حقه غير القابل للتصرف في تقرير المصير، على النحو المنصوص عليه في قرارات مجلس الأمن ذات الصِّلة.