ضمّ الضفة الغربية خطوة العدو القادمة
انتهت الانتخابات الإسرائيلية وأفرزت النتائج كتلة يمينية كما المُتوقَّع قبيل الانتخابات، وأصبح رئيس حكومة العدو منذ عام 2009 نتنياهو على موعدٍ مع الولاية الخامسة خلال الأسابيع القادمة، وبات واضحاً بألا عقبات حقيقية تواجه تشكيل الحكومة، وأن بوسعه تشكيلها والاستمرار فيها لأطولِ فترةٍ زمنيةٍ مُمكنة، مع ترجيح تمرير ما يُطَلق عليه "القانون الفرنسي" الذي يمنع مُحاكمة رئيس الوزراء مادام في منصبه، ما يُمهِّد الطريق لنتنياهو للمُضيّ في تشكيل حكومة مُستقرّة قد تستمر لأربعة أعوامٍ كاملة.
قُبيل الاقتراع بأيامٍ قليلةٍ وخلال جولة الدعاية الانتخابية، حرص نتنياهو على إبراز قضية ضمّ الضفة الغربية كأحد أهم القضايا على جدول أعمال الحكومة الجديدة، مُقدِّراً بأن الإدارة الأميركية ستقف معه في هذه الخطوة، على غرار ما جرى من الاعتراف بالسيادة الإسرائيلية على الجولان، والاعتراف بكامل القدس عاصمة لدولة الاحتلال الإسرائيلية، حديث لم يكن دعاية انتخابية عابرة لجلب الأصوات فقط، بل هو توجّه حقيقي، فالأحزاب الإسرائيلية اليمينية تؤمن بمبدأ "أرض إسرائيل" وتعتبرها قيمة أعلى من مبدأ دولة ديمقراطية بأغلبية يهودية.
الشركاء التقليديون لنتنياهو وحزب الليكود من الأحزاب اليمينية يشتركون في قواسم جوهرية تجاه الضفة الغربية، فهم يرفضون الانسحاب منها، كما يرفضون تفكيك التجمّعات الاستيطانية ووقف الاستيطان، بل هم دائمو الدعوة إلى تعزيزه، وينادون بضمّ الضفة الغربية وإن تفاوتوا بالرؤى تجاهه، فحزب الليكود الذي تبنّى أواخر عام 2017 ضمّ الضفة الغربية والعمل على تشريع ذلك في الكنيست، يتوافق مع حزب كولان الخارج من رحم الليكود والحاصل على 4 مقاعد في الكنيست، وقد اقترح في مطلع عام 2018 ضمّ الكتل الاستيطانية كخطوةٍ أولى.
كما تتناغم كتلتا الحريديم شاس ويهودوت هتواره الحاصلتان على 15 مقعداً في الكنيست مع ما يطرح الليكود، إلا أن تحالف الأحزاب اليمينية الحاصل على 5 مقاعد يؤمن بضمٍّ كاملٍ للضفة الغربية، بَيْدَ أن زعيمَ حزب إسرائيل بيتنا أفيغدور ليبرمان الحاصل على 5 مقاعد في الكنيست لديه مُقاربة مختلفة، والتي تدعو إلى ضرورة تبادل الأراضي والسكان، بنقل مدن المثلّث الفلسطيني في الداخل المحتل إلى الكيان الفلسطيني، والانفصال عنهم بصورة كلية، ويؤيّد موشيه يعلون وحزبه تليم المكوّن الثالث من قائمة أزرق أبيض المعارض لتكتل اليمين الحاكم، مواصلة الاستيطان بشكل عام.
قد تمضي حكومة نتنياهو المُزمَع تشكيلها في خطواتٍ جديةٍ لضمّ الضفة الغربية مدعومةً من الإدارة الأميركية برئاسة ترامب، وسيعمل رئيس حكومة العدو على استثمار المدة المُتبقية لترامب في الحُكم لكَسْبِ مزيدٍ من الإنجازات المُتعلّقة بقضايا الصراع العربي الفلسطيني مع العدو الصهيوني، في وقتٍ يسعى فيه العديد من الأطراف العربية لبناء علاقات طبيعية معه، وحَرْف مسار الجماهير الرافِضة لوجوده ككيانٍ طبيعي وتدعو إلى إزالته.
أمام النّهم الصهيوني تجاه الضفة الغربية وتوسيع الاستيطان، مازال الموقف الرسمي الفلسطيني عبر السلطة الفلسطينية وحركة فتح الحاكِمة في بعض أجزاء من الضفة الغربية لا يرتقي إلى حجم التحديات الراهنة والمقبلة، وكان مؤسفاً بأن أبو مازن يعوِّل على فوز تحالف أزرق أبيض، ويؤمِّل نفسه بإمكانية التغيير في التركيبة الحزبية الإسرائيلية، رؤية تنمّ إما عن عدم وعي وإدراك بتركيبة المجتمع الإسرائيلي، أو أنه يعيش حالة من التضليل من قِبَل مُستشاريه.
إن المطلوب فلسطينياً وعربياً هو التفكير في كيفية التخلّص من مأزق أوسلو، والاعتراف بفشل مسار التسوية من قِبَل عباس، وإعادة تموضع للعمل المقاوِم المُلاحَق في الضفة الغربية من قِبَل الأجهزة الأمنية المُنسِّقة مع العدو، وأجهزة العدو الصهيونية، فالاحتلال لا يدفع ثمن نَهْب الأراضي، والتعاون الأمني قائم ومتطوّر، لذلك لا بديل عن تفعيل المقاومة بكافة أشكالها، فهي الوحيدة القادِرة على لَجْمِ الاحتلال وإرغامه على التراجع، وما تجربة جنوب لبنان عام 2000 وغزّة 2005 إلا خير دليل على نجاعة النهج الثوري النضالي المُسلّح.