دوافع تحريض "ولاية سيناء" ضد حماس
ربما تؤثر الأجهزة الأمنية الإسرائيلية وعلى رأسها جهاز الأمن العام (الشاباك)، والذي ينشط في ساحة سيناء بصورة فاعلة منذ عام 2011، في توجيه بعض أعمال التنظيم، إضافة إلى القدرة العالية للشاباك على الاختراق والتجنيد واستغلال المنحرفين في تحقيق بعض أهدافها، وقد تمكنت الأجهزة الأمنية من اكتشاف بعض هذه الحالات، فإحدى معضلات الاحتلال هي تطور قدرات المقاومة القتالية، إلا أن وصول السلاح إلى قطاع غزة يمثل المعضلة الأكبر بالنسبة إليهم.
بتحريض مباشر ضد حركة حماس، نشر "داعش سيناء "إصداره المرئي المتوعد فيه قوى المقاومة الفلسطينية وعلى رأسها حركة حماس وجناحها العسكري، بقطع الإمداد العسكري ومحاربة كل من يقدم العون ويدعم المقاومة في فلسطين، ولم يسلم حتى الشيخ المؤسس أحمد ياسين من فتوى المنحرفين بالتكفير والردة.
ثمة مدلولات عدة تقف خلف هذه العدوانية والنبرة الحادة بالتهديد والوعيد. فهذه ليست المرة الأولى التي يهاجم فيها التنظيم حماس؛ فقبل عام تقريباً كفرها أبو هاجر الهاشمي ودعا لقتالها خلال مقابلة أجريت معه في مجلة النبأ التي تصدر عن التنظيم، كما هدّد بملاحقة من يقدم العون للمقاومة. فما دوافع الإصدار ودلالاته؟
ساهمت الإجراءات الميدانية والملاحقات التي تقوم بها الأجهزة الأمنية في قطاع غزة من الحد بصورة كبيرة من إمداد التنظيم بالأفراد المتأثرين بأفكاره من داخل غزة، فانعكس ذلك سلباً على بنية التنظيم من الانغماسيين ( منفذي عمليات التفجير الانتحاري)، في ظل نفور أبناء قبائل سيناء من التنظيم بعد أن كانوا يشكلون نواته الصلبة، وانحراف أهداف التنظيم من المظلومية والصراع مع الجيش، إلى مواجهة المجتمع والسكان.
كما أثمرت العلاقات الحمساوية ـ المصرية في إحباط العديد من العمليات الموجهة ضد المجتمع السيناوي، فمنذ تحسن العلاقات بين الجانبيين على صعيد ضبط الحدود وملاحقة الهاربين من القطاع والحملات الأمينة المكثفة، شهد أداء التنظيم تراجعاً ملموساً في عملياته، على الرغم من نجاحه في بعض الاستهدافات النوعية، مما دفعه إلى التوجه لتنفيذ عمليات استعراضية كهجوم مسجد الروضة بمدينة بئر العبد في سيناء في ت2/ نوفمبر من العام الماضي، وقتل على أثرها 305 من المصلين.
الصورة السلبية التي نقلت عن حالة التهميش والتحقير التي يعيشها الفارين من قطاع غزة، وعدم تبوئهم مواقع قيادية، مما دفع التنظيم إلى العمل على دحض الرواية، وعمد لإبراز عدد من الهاربين في الإصدار في صورة معاكسة تماماً وتصديرهم كقيادات مرموقة في التنظيم.
كما سعى التنظيم من خلال ذلك وعبر استحضار تاريخ حركة حماس وعلاقاتها والتركيز على فترة الحكم والعلاقات مع إيران والمصالحة مع فتح، بالإضافة إلى تقديم مشاهد عما جرى من مواجهة مع الجماعات المنحرفة في قطاع غزة، وخاصة أحداث مسجد ابن تيمية عام 2009، للتحريض والتأثير على عواطف بعض الشباب المتخلين عن هذا المنهج بعد المعالجات الفكرية من قبل الأجهزة الأمنية في قطاع غزة.
سلوك التنظيم تجاه حركة حماس يعود إلى انتقال عدد من قيادات داعش العراق وسوريا بعد الهزيمة التي لحقت بهم إلى سيناء وتبوئهم مواقع قيادية متقدمة، فتشير بعض المعطيات إلى أن قائد التنظيم من العراق أو من الأردن، يضاف إلى ذلك الثقل المتزايد للهاربين من قطاع غزة ودوافعهم للانتقام، وحالة الصدام بين السكان والتنظيم وغياب العناصر السيناوية المؤثرة في قيادة التنظيم بعد أن قُتل عدد كبير منها، والتي كانت تحافظ على مسافة بينها وبين السكان.
إن محاربة التنظيم للعاملين في خطوط الإمداد العسكري للمقاومة يؤثر بالسلب ولكن بسنبة ضئيلة جداً، لا سيما أن عملية النقل تقوم على العمل السري منذ البداية حتى وصول السلاح إلى داخل قطاع غزة، فمن اليسير التغلب على العقبات والصعوبات مقارنة بالخبرة المتراكمة للمقاومة في ظل الملاحقة المكثفة من قبل العدو الإسرائيلي.
ربما تؤثر الأجهزة الأمنية الإسرائيلية وعلى رأسها جهاز الأمن العام (الشاباك)، والذي ينشط في ساحة سيناء بصورة فاعلة منذ عام 2011، في توجيه بعض أعمال التنظيم، إضافة إلى القدرة العالية للشاباك على الاختراق والتجنيد واستغلال المنحرفين في تحقيق بعض أهدافها، وقد تمكنت الأجهزة الأمنية من اكتشاف بعض هذه الحالات، فإحدى معضلات الاحتلال هي تطور قدرات المقاومة القتالية، إلا أن وصول السلاح إلى قطاع غزة يمثل المعضلة الأكبر بالنسبة إليهم.
لا يشكل الإصدار أية حوافز للشباب الفلسطيني بل على العكس فإنه سيضاعف حالة السخط على التنظيم والمتعاطفين معه. فالتنظيم لا يمتلك في قطاع غزة أية قدرة تمكنه من مشاغبة الأجهزة الأمنية، ولا يفلح التنظيم في قطع إمداد المقاومة الفلسطينية، وربما تشهد المرحلة المقبلة مزيداً من الإصدارات للتنظيم في الاتجاه نفسه لتعويض خسائره بالدعاية الإعلامية.