متاهات الملف العراقي.. إياك أعني واسمعي يا جارة
فهم جديد تريد واشنطن إعادة تجربة وإنشاء أفكار تُبنى على أساسها الدولة العراقية، عنوانها "أولوية التركيز العراقي على الإدارة قبل الميدان"، وهنا يقع خطأ ليس أقل من خطأ غزو العراق يرافق الأفكار الجديدة، وجود أميركي على الأرض في الأنبار ونينوى وصلاح الدين ويزداد انتشاراً كلما اتجهنا شمالاً وغرباً، وتزداد معه الأفكار التي يُراد لها أن تُشغل بغداد حتى يُقضى أمرٌ لا يعلمن أحد إن كان مفعولاً.
أبرق المجلس الإسلامي الأعلى أحد أبرز الكيانات الشيعية لرئيس الحكومة العراقية واضعاً استقالة وزرائه بين يديه، بشروط وسقوف وخيارات اقترب تحالف القوى العراقية، أحد أبرز ممثليات السُنة من الخطوة، وأبدى استعداد الوزراء لأن يغادروا مناصبهم، وقبلهم واكب الصدريون التحرك وقدّموا شروحاً لإصلاح ما أعطبته السياسة والدهر.
حراك نموذجي وسباق في الإيثار ليس مألوفاً سياسياً، وتقلبات هي مدعاة لأن يتم التوقف عندها لأن الخيارات لا تتوقف عند الاستعدادات للتغيير، بل تصل إلى ما بعدها وصولاً إلى تفويض لا استبدالاً لوزراء ولخوض غمار المعركة الوطنية، ولمنع ما سبق من أن يتكرر ولما كان ما يعيشه العراق والعملية السياسية ينفي ما سبق بحكم واقع توافق ومحاصصة تستبق أية عملية تنفيذية، ولأن الحلفاء والخصوم والأفرقاء اتفقوا على الاختلاف لأسباب رسم أمريكي ابتدأ مع العام 2003، في رسم إدارة العراق وسُنة سار عليها الأفرقاء ولا نية لتعديلها أو تحديثها، وعلى هذا الأساس لن يحمل التغيير جديداً فعلياً بقدر هدف أبعد يتصل بمستقبل ضيق وبخيالات لامستها عصا السحر الأميركية سابقاً وشروط واشنطن الصعبة لاحقاً، وحشر للجميع من أجل الوصول إلى نتيجة مُعيّنة ومحدّدة مسبقاً قبل السير بشكل صحيح في معادلة يُفترض أن تصل إلى النتيجة. فهم جديد تريد واشنطن إعادة تجربة وإنشاء أفكار تُبنى على أساسها الدولة العراقية، عنوانها "أولوية التركيز العراقي على الإدارة قبل الميدان"، وهنا يقع خطأ ليس أقل من خطأ غزو العراق يرافق الأفكار الجديدة، وجود أميركي على الأرض في الأنبار ونينوى وصلاح الدين ويزداد انتشاراً كلما اتجهنا شمالاً وغرباً، وتزداد معه الأفكار التي يُراد لها أن تُشغل بغداد حتى يُقضى أمرٌ لا يعلمن أحد إن كان مفعولاً.
دعوات الترشيق والتغيير الجوهري لها أهداف آنية طلبتها تظاهرات وقاربتها مرجعيات ودعت لها قوى في كل هذه المعمعة وتحت ضغط وحرارة التطورات النافرة من الميدان الى السياسة، من برلمان بغداد الى حكومتها وصولاً إلى اقليم كردستان، ليس التغيير الجوهري لأصل تشكيل الحكومة هدفاً استراتيجياً لأسباب منها ما قد يصل حد المس بقانونية الإصلاحات وإلغاء مناصب دستورية، ولذا فالعين يجب أن تترك مداخل الأزمات وترّكز على أعماقها وتوجب أن يربط الذهن الخيوط قبل بعثرتها وأن يُشركَ التروي والتركيز، وبعد توافر العناصر في كل ما سبق نقف عند ملامح صورة لها علاقاتها بتحجيم أدوار وممارسة ضغوط ونهج لأن يترك الحشد الشعبي أو فصائل عراقية حاربت داعش ولا تزال في مهب صراع بين من يقود ومن يُخطّط، ومن يرسم العمل الميداني ومن يمنع التحرك ومن يفرض أن تكون مدناً خارج أولويات التحرير، ومن يُصرّ على بقاء مقاتلين في مهمة الصدّ، وهكذا قدمت أوراق قائد جديد ليس لحاجة ماسّة لقدراته العسكرية والأمنية بقدر إبعاد عدد من أركان قُدامى عن إدارة وضع الحرب ضد داعش.
الترشيق قد يجد طريقه إلى التطبيق بدمج وزارات عراقية بأخرى وتغيير شخوص بآخرين وصغ منهج جديد بديل من الحالي، لكن ذلك كله لن يمر من دون توافق ومن ودون اتفاق ومحاصصة، وقد يُشغل العراقيون بنص هامشي من دون التركيز على جوهر الحبكة على المسرح ومع الأوراق وتعددها واللامركزية وحيرة إدارتها. هناك جند وسلاح وآلة أميركية وعمليات وصراع وتنسيق في الداخل العراقي وللداخل العراقي وعابر للحدود، وحتى القائمين على أصول اللعبة لم يضعوا ختاماً لها لأنهم بانتظار كل خطوة ونتائجها، والخطوة اليوم ليست ما يندفع إليه الشارع العراقي بقدر حِراك أجنبي على الأرض العراقية، والثابت أن لا شيء في السياسة يتحوّل إلى حقيقة ثابتة إلا بعد التجربة، فإن مرت التجربة وعاشها الجميع، فإن ثمنها سبق له أن دفع كاملاً والأيام بيننا.