السعودية على طريق الإمارات في اليمن كما يكشف "مجتهد"؟
انسحابات الامارات تفتح صفحة جديدة أمام السعودية التي تفقد ركنها الآخر في العدوان على اليمن. لكن الأسباب التي فرضت على الإمارات المراهنة على إنقاذ نفسها بالانسحاب، قد تفرض نفسها بالمثل على السعودية كما يقول "مجتهد" ولو بعد حين.
انسحابات الامارات من اليمن، تدل على أن تحالف الامارات مع السعودية في العدوان على اليمن قد وصل إلى خواتمه. ولا ريب أن الأسباب التي تدفع إلى انسحاب الامارات كثيرة ومتعددة كما أشارت صحيفة "وول ستريت جورنال" إلى نفقات الحرب الباهظة التي تتجاوز 18 مليار دولار في السنة، وكذلك الضغوط لوقف أكبر كارثة إنسانية، لكن السبب الأهم الحاسم هو فشل العدوان في سنته الخامسة من تحقيق أهداف التحالف، وأن الامارات فقدت الأمل من المراهنة على تحقيق بعض المكاسب الإضافية بل لعلها تعيش قلق تهديد الجيش واللجان بحسب تعليق قائد الحرس الوطني الاماراتي وهو جنرال استرالي متقاعد.
فخيبة الامل التي عبّر عنها ولي العهد السعودي محمد بن سلمان بسبب القرار الإماراتي، وفق "نيويورك تايمز"، دفعت السعودية، التي بقيت وحيدة في التحالف، لأن تتناول احتمال انسحابها من اليمن على غرار السيناريو الاماراتي.
في هذا السياق يكشف "المغرّد" السعودي المشهور باسم "مجتهد"، عن أن انسحابات الامارات أرغمت محمد بن سلمان على استخدام وسطاء من القبائل اليمنية "لإقناع الحوثيين" بالتفاهم، عارضاً تسليم أنصار الله منطقة الشمال بالكامل مقابل عدم التدخل بالجنوب، وغض الطرف عن مشروع أنبوب النفط الذي يمرّ في منطقة المهرة.
في سلسلة تغريدات مجتهد يؤكد أن أنصار الله يرفضون ويصرون على كامل اليمن مع اعتذار سعودي ــ إماراتي وتعويضات تتجاوز عشرات المليارات.
فضلاً عن ذلك، لفت مجتهد إلى وجود توجيهات سرية بإغلاق مطار أبها ليلياً من السادسة مساء إلى السادسة صباحاً، بعد عجز دفاع ابن سلمان الجوي عن حماية المطار من قصف الجيش اليمني.
انسحابات الامارات أجبرت السعودية على سد الفراغ وخوض الحرب بمفردها، وهو ما يفرض معادلات عسكرية جديدة لم تكن في الحسبان، وتسارع إلى محافظة مأرب لنشر منظومة "باتريوت" محلّ المنظومة الإماراتية المنسحبة، إضافة إلى قوات سعودية للغرض نفسه.
قياديان عسكريان يمنيان ومسؤولان بالحكومة اليمنية قالوا لوكالة رويترز إن ضباطاً سعوديين تسلموا قيادة القواعد العسكرية في مينائي المخا والخوخة اللذان استخدمتهما القوات الإماراتية لدعم الحملة العسكرية التي فشلت في السيطرة على الحديدة وتهديد طرق صنعاء وشمال اليمن أو مراقبة الساحل.
كما أرسلت الرياض عدداً غير محدد من القوات إلى مدينة عدن الساحلية وإلى جزيرة بريم الصغيرة البركانية في مضيق باب المندب، وهو ممر استراتيجي للملاحة يربط بين البحر الأحمر وخليج عدن.
التخبط السعودي بعد انسحابات الامارات، تحدثت عنه صحيفة "نيويورك تايمز" في مقال لها قائلةً إن "السعوديين لديهم خبرة قليلة على تلك الجبهة، وأثارت التغييرات المفاجئة المخاوف من أنه من دون الإماراتيين المدججين بالسلاح للحفاظ على السلام، يمكن أن يبدأ اليمنيون في الخلاف فيما بينهم".
كما أشارت الصحيفة إلى أن "الشيء الوحيد الذي يمنع الحوثيين من السيطرة على اليمن هو القوات الإماراتية المسلحة. الآن يتم سحب الغراء الذي كان يمسك اليمن ببعضه".
كذلك، رأت الصحيفة أنه "يمكن أن يدفع الانسحاب أنصار الله إلى الاستفادة من الفراغ وإطلاق محاولات جديدة للاستيلاء على الأرض التي خسروها أمام مجموعات مقاتلة بقيادة الإماراتيين العام الماضي، حيث اشتد القتال بالفعل في بلدات استراتيجية عدة في السهول جنوب الحديدة، ما يهدد خطوط الإمداد للقوات التي تقودها السعودية المتمركزة حول المدينة".
من جهتها، نقلت وكالة "رويترز" عن عدة مصادر، إن القيادة العسكرية السعودية تسلمت المقر الرئيسي لقيادة عمليات التحالف السعودي في الساحل الغربي من القوات الإماراتية في مدينة المخا غربي تعز، الذي يعد مركزاً رئيسياً للعمليات الميدانية في الساحل الغربي.
بالتوازي مع ذلك، أعلنت قيادة الغرفة الجديدة التي تشمل "حراس الجمهورية" وهي قوات طارق محمد عبد الله صالح و"المقاومة التهامية" (ميليشيات من المحافظات الشمالية) و"ألوية العمالقة" (ميليشيات جنوبية مدعومة إماراتياً)، في بيانها الأول، "استمرار النضال حتى تحرير كل مناطق البلاد".
هذا التخبط يستغله الجيش اليمني واللجان الشعبية في كل الجبهات سياسياً وعسكرياً فرئيس وفد صنعاء المفاوض محمد عبدالسلام أكّد في تغريدة أن "دول العدوان السعودي باتت في حاجة لمن يساندها وينقذها من مستنقع الموت والهلاك".
العمليات العسكرية في مواجهة السعودية، لا تزال قائمة عل أكمل وجه فقد قتل وجرح عدد من قوات التحالف السعودي جراء استهداف مواقعهم بعملية مشتركة لسلاحي الجو المسير والمدفعية غربي جبل السُدَيْس الحدودي بنجران السعودية وذلك بعد ساعات من مقتل وجرح عدد من قوات التحالف إثر قصف مدفعي استهدف تجمعاتهم شرقي جبل جحفان بجيزان السعودية رداً على القصف المكثف للتحالف السعودي على مناطق حدودية متفرقة في محافظة صعدة شمال اليمن.
فأمام السعودية اليوم عقبات وتحديات، أهمها تطور القدرات القتالية للجيش اليمني وازدياد الضغوط الدولية على الرياض وآخرها تجلى بتقدم رئيس لجنة العلاقات الخارجية في مجلس الشيوخ الأميركي، السيناتور جيم ريش، بمشروع قانون يدعو إلى مراجعة العلاقات مع السعودية، وإلى حل سلمي للصراع في اليمن، دون استفزاز الرئيس الاميركي دونالد ترامب ودفعه لاستخدام الفيتو لرفض قرارهم، وذلك بتشريع استراتيجية جديدة وهي حرمان بعض أفراد العائلة الحاكمة من تأشيرة الدخول إلى أميركا.
انسحابات الامارات تفتح صفحة جديدة أمام السعودية التي تفقد ركنها الآخر في العدوان على اليمن. لكن الأسباب التي فرضت على الإمارات المراهنة على إنقاذ نفسها بالانسحاب، قد تفرض نفسها بالمثل على السعودية كما يقول "مجتهد" ولو بعد حين.