بين لبنان وإسرائيل صراع وجود

ولأن الصراع مع إسرائيل صراع وجود لا نزاع على حدود وانطلاقاً من الحق بتحرير الأراضي المحتلة التي نصّت عليه المواثيق الدولية انطلقت مسيرة المقاومة في لبنان في سبعينيات القرن المنصرم، حيث راكمت خلالها المقاومة قدراتها وخبراتها مُسجّلة انتصاراً تاريخياً للبنان والعالم العربي في الصراع مع الاحتلال الإسرائيلي عامي 2000 و2006 وفق معادلة الحق يهزم الظلم والاحتلال إلى زوال. 

جانب من الجدار الاسمنتي الذي بنته اسرائيل على الحدود مع جنوب لبنان (أ ف ب)

على مسافة أيامٍ من ورشة تطبيع بعض العرب مع إسرائيل المُزمَع عقدها في البحرين الشهر المقبل تواصل واشنطن ضغوطها لانتزاع اعتراف عربي بهذا الكيان الإسرائيلي اللقيط ولو من الباب الاقتصادي . زيارات مكوكية لوفودٍ أميركيةٍ إلى بيروت عنوانها ترسيم الحدود البحرية مع فلسطين لكنها بأبعادٍ اقتصاديةٍ وأمنيةٍ واستراتيجية. تُقدّم واشنطن نفسها وسيطاً لحل أزمة الحدود بين لبنان وإسرائيل ..ديفيد ساترفيلد زار بيروت ثم غادر إلى الأراضي المحتلة ليعود مُجدّداً إلى بيروت، في لقاءاته يدسّ ساترفيلد سمّ المفاوضات بعسل النفط والغاز .. فهل استدراج لبنان للمفاوضات ينتهي عند المصالح الاقتصادية ؟ وما هي نتائج هذه المفاوضات في حال تمّت ؟

- السعي الإسرائيلي الأميركي إلى فتح مفاوضات غير مباشرة بين إسرائيل ولبنان لترسيم الحدود البحرية والبرية مع فلسطين المحتلة يؤكّد النزاع على هذه الحدود ، ما يفتح الباب على شرعية مطالب لبنان بالسيادة عليها وتحريرها.

- مفاوضات إسرائيل مع لبنان فيما لو حصلت تمنح تل أبيب ورقة إضافية للضغط على المقاومة وانتزاع حقها في تحرير الأرض وتعزّز الانقسام الداخلي اللبناني. وتشكّل فرصة إسرائيلية لضرب ما أكّدته قرارات مجلس الأمن الدولي 425 و509 520 التي نصّت كلها على وجود "حدود لبنان المعترف بها دولياً".

- جاء في البند الثالث من اتفاق الطائف وتحت عنوان تحرير لبنان من الاحتلال الإسرائيلي: بسط سلطة الدولة حتى الحدود المُعترَف بها دولياً وإزالة الاحتلال إزالة تامة بكافة الإجراءات اللازمة لتحرير الأراضي اللبنانية والتمسّك باتفاقية الهدنة الموقّعة في 23آذار/مارس 1949.

عندما أطلقت عملية السلام في تسعينات القرن الماضي في العاصمة الإسبانية مدريد ، أعلن لبنان المشاركة في هذه المفاوضات على أساس الحقوق الوطنية وليس التفاوض (على إسرائيل الانسحاب من الأراضي اللبنانية التي احتلتها والالتزام باتفاق الهدنة) وللمفارقة أن الاتفاق لا يأتي على ذِكر إسرائيل بل تحدّث عن عودة السلام إلى فلسطين وأن خط الهدنة هو الحدود الدولية بين لبنان وفلسطين ، هذا يعني أيضاً تمسّك لبنان بعدم الاعتراف بإسرائيل وأن حدودها الجنوبية مع فلسطين التي اعترفت بها المواثيق والاتفاقات الدولية  .ماذا جاء في اتفاق الهدنة ؟؟

اتفاق الهدنة بين لبنان وإسرائيل صدر بقرار عن مجلس الأمن الدولي في 23 آذار 1949 وقد ورد في المادة الخامسة من نصّ الاتفاق

"يتبع الخط الفاصل للهدنة الحدود الدولية بين لبنان وفلسطين "،

"لا يكون في منطقة الخط الفاصل للهدنة من القوى العسكرية للفريقين سوى العناصر الدفاعية ويجري سحب القوى إلى الخط الفاصل للهدنة وخفضها لعناصر دفاعية ".

في المادة الثامنة أكّدت أن "الاتفاق يصبح نافذاً منذ توقيعه".

إسرائيل لم تلتزم بالاتفاق لا بل تمادت باعتداءاتها ومجازرها وقد وصل التمادي بالعدوان على لبنان إلى اجتياح العاصمة بيروت واحتلالها وارتكاب أبشع المجازر بحق اللبنانيين والفلسطينيين.

ولأن الصراع مع إسرائيل صراع وجود لا نزاع على حدود وانطلاقاً من الحق بتحرير الأراضي المحتلة التي نصّت عليه المواثيق الدولية انطلقت مسيرة المقاومة في لبنان في سبعينيات القرن المنصرم، حيث راكمت خلالها المقاومة قدراتها وخبراتها مُسجّلة انتصاراً تاريخياً للبنان والعالم العربي في الصراع مع الاحتلال الإسرائيلي عامي 2000 و2006 وفق معادلة الحق يهزم الظلم والاحتلال إلى زوال.