غموض صفقة القرن
ولم يتّضح بعد من أية دول سيكون تجنيس العدد المطلوب، وهل سيشمل ذلك الموجودين في الضفة و القدس المحتلتين والمهجرين في المملكة وخارجها، خاصة أن من بقوا في الأردن من غير المجنّسين لا يتجاوزون 200 ألف".
يبدو أن إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب التي لطالما أزعجتها مراراً وتكرراً الفضائح والتسريبات الإعلامية وجعلت من رئيس الولايات المتحدة عدواً لدوداً لوسائل الإعلام المحلية وعلى رأسها سي أن أن لم تنجح في حماية ملفاته من التسريبات الصحفية والصحافة الأميركية إلا في ما يتعلق بفحوى خطة السلام في الشرق الأوسط التي وضعها جاريد كوشنر وجيسون جرينبلات مستشارا الرئيس دونالد ترامب.
لا توجد مبالغة إطلاقاً أن صفقة القرن كانت أحد المواضيع إن لم تكن على رأس الأكثر غموضاً في السنوات الأخيرة التي صعب على وسائل الإعلام باختلاف مؤسّساتها فكّ شفراتها ، وإن لم تتوقّف التسريبات من مصادر مختلفة داخل الإدارة الأميركية حول ملامح الصفقة وأبرز النقاط فيها ، كان آخرها ما نشرته إحدى الصحف العربية أنّ الإدراة الأميركية تُعيد صوغ خطة السلام المعروفة بـ "صفقة القرن"، وتسعى إلى عرضها على الأطراف الإقليمية المعنية، ومنها مصر والأردن، قبل الإعلان عنها بشكلٍ رسمي، والذي لن يتم قبل الانتخابات "الإسرائيلية.
وبيّنت الصحيفة أن واشنطن خفّفت بنوداً في الصفقة كانت ترفضها القاهرة، مثل توسيع قطاع غزّة بأراضٍ من سيناء، فيما بقيت عمّان ورام الله على المحكّ وأن البنود "المُخفّفة" كانت تمسّ الخطوط الحمر للقاهرة، أو مشروعية الوجود السياسي لعمّان، خاصة في مسألة "تبادل الأراضي"، وكشفت أنه "طُلب من الأردن توطين نحو مليون لاجئ فلسطيني على دفعات، تكون أكبرها الدفعة الأولى بنحو 300 ألف (تشمل الغزّاويين داخل المملكة)، على أن يحصل مقابل ذلك على نحو 45 مليار دولار على صورة مشاريع ودفعات مالية تساعد في إحداث انفراجة في الأزمة الاقتصادية التي يمر بها منذ أشهر (يتقارب هذا المبلغ مع الدَين العام للمملكة المقدّر بـ53 ملياراً).
ولم يتّضح بعد من أية دول سيكون تجنيس العدد المطلوب، وهل سيشمل ذلك الموجودين في الضفة و القدس المحتلتين والمهجرين في المملكة وخارجها، خاصة أن من بقوا في الأردن من غير المجنّسين لا يتجاوزون 200 ألف". ومن ضمن التصوّرات، التي اطّلع عليها الملك عبد الله، التنسيق بشأن منطقتي الباقورة والغمر اللتين انتهى استئجارهما من قِبَل الاحتلال الإسرائيلي، ورفض الملك بقاء وضعهما على ما كان عليه، حيث تقترح الخطة الأميركية الحصول على قطعة أرض تعادل مساحتهما من السعودية، على أن تتكفّل الأخيرة بالشراكة مع الإمارات و قطر بتمويل هذا التبادل.وفي التفاصيل، يفترض أن تكون الدوحة صاحبة النصيب الأكبر في السداد، فيما سيكون دور الرياض تمرير التبادل، مع إمكانية دفع السعودية مالاً للأردن في مقابل تنازل الأخير عن توسعة حدوده إذا قبل، لكنه احتمال تراه الإدارة الأميركية صعب التنفيذ حالياً.
مع هذا فإن بقاء خطة السلام طيّ الكتمان أمر لافت للنظر في البيت الأبيض الذي عبّرت وكالة رويترز عن حالة أن "مسودات الأوامر التنفيذية والحوارات السرّية والمداولات الداخلية تجد طريقها إلى الصفحات الأولى للصحف" وبقاء خطة السلام إلى هذا الحد بعيداً عن وسائل الإعلام لصهر الرئيس جاريد كوشنر، فوفقاً لوسائل إعلام دولية قصر كوشنر عدد من يحق لهم الإطلاع على الخطة طوال العامين اللذين عكفا فيهما على وضعها، وقال مسؤول كبير في الإدارة الأميركية لرويترز إنها ظلت سرية "لضمان أن يتناولها الناس بذهن مفتوح" عند الكشف عنها ، وأضاف المسؤول أن أربعة أشخاص فقط هم الذين لهم الحق في الاطّلاع على تطوّراتها بانتظام وهم كوشنر وجرينبلات والسفير الأميركي لدى إسرائيل ديفيد فريدمان وآفي بركويتس مساعد كوشنر.
بل إن ترامب نفسه إلى الآن وهو المعروف بالحماقة البالغة في فضح نفسه لم يقرأ التفاصيل النهائية والمسودّة الكاملة لصفقة القرن التي تتكوّن من عشرات الصفحات.