الحلفاء من طهران: على كلا الجبهتين السياسية والعسكرية.. قادرون
المُتابِع لتلافيف وحيثيات الحرب السورية يتلمّس بوضوح أن العَقَبة الرئيسة التي كان يصطدم بها دائماً الحل السياسي في سوريا، هي مسألة التواجد الإيراني في سوريا، وما يشكلّه من تنامٍ مستمر للقلق الإسرائيلي ولاسيما في الجنوب السوري.
لم يشكّل الترحيب الإيراني بزيارة الرئيس السوري من خلال جُملة الابتسامات والعِناق الحار والاحتضان التي بثّتها الكاميرات، مشهداً استثنائياً أو صورة سياسية مُستغرَبة، فما يربط بين الجانبين أعمق بكثير من مُجرّد صداقة أو بلدين شقيقين، فالحديث عن دمشق وطهران والعلاقة بينهما، هو حديث عن متانة واستراتيجية التحالف الحاصِل بينهما، فما أفرزته الحرب في سوريا يُدلّل قطعياً على وحدة الرؤى السياسية والقراءة العميقة المشتركة للأبعاد المتقدّمة لما أريد لسوريا على مدى ثماني سنوات، وتداعيات كرة النار التي لم تكن ستقف مُطلقاً عند حدود الجغرافية السورية، فيما لو سقطت الدولة السورية، الزيارة تأتي ليس فقط لتصدير رسائل سياسية للخصوم، بل للبحث المطوَّل في عنوان المرحلة القادمة وتحدياتها وعقباتها ومسارات الرؤيا والحلول.
للبحث في أبعاد الزيارة لا بد لنا من الانطلاق من ثلاثة أحداث مهمة أرخت بظلالها على الساحة السياسية خلال الفترة القصيرة الماضية:
الأول المتعلّق بمصير جبهة إدلب وشكل ومضمون التصرّف في هذه الحغرافية، ولاسيما بعد جُملة من الاستدارات الأميركية والتركية، لجهة إعلان ترامب عن إبقاء 200 جندي أميركي في الشمال السوري بعد الإعلان عن الانسحاب الكامل من سوريا، وعودة أردوغان للجري في الملعب الأميركي بعد تفاهمات سوتشي الأخيرة، وهو ما رأى فيه مراقبون ومُحلّلون بأنه تمهيد تركي ربما لنسف اتفاق سوتشي، والتملّص من الوعود التركية في الشمال السوري، من هنا نقرأ ونفهم حضور الجنرال قاسم سليماني فقط خلال لقاء روحاني بالأسد.
الثاني مُتعلّق بتكالُب الدول وخصوم طهران لرسم شكل المواجهة مع إيران من خلال مدلولات ما سمّي بحلف وارسو، وتالياً يأتي اللقاء للرد على التصعيد السياسي ضد طهران وتعزيز أكثر لمتانة محور دمشق طهران حزب الله.
الثالث حديث أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي شمخاني لوكالة تسنيم الإيرانية السبت الماضي، لجهة أن إيران حقّقت 90 بالمئة من أهدافها في سوريا، وهنا بيت القصيد والهدف غير المُعلَن ربما من الزيارة.
المُتابِع لتلافيف وحيثيات الحرب السورية يتلمّس بوضوح أن العَقَبة الرئيسة التي كان يصطدم بها دائماً الحل السياسي في سوريا، هي مسألة التواجد الإيراني في سوريا، وما يشكلّه من تنامٍ مستمر للقلق الإسرائيلي ولاسيما في الجنوب السوري، وفي كل مرة كانت تفوح فيه روائح التوافقات الدولية والاقليمية، كانت إسرائيل تهرع لشنّ غارات على سوريأ في محاولة لخلط الأوراق وتخريب أية توافقات، فهل حان موعد الانسحاب الإيراني من سوريا؟ وهل ستطلب الحكومة السورية ذلك في المرحلة المقبلة تمهيداً لتوجيه الرسائل للأميركي الذي يستطيع وحده في ظلّ هكذا تمهيد إزالة أية عوائق في طريق الحل السياسي السوري سواء على جبهة الكرد أو حتى تركيا.
لِمَ لا؟ لطالما تحقّقت الأهداف وهُزِم داعش، والأهم إن كان ذلك سينهي العقوبات على طهران، وسيكون مولّداً لتواففات طال انتظارها.
ما يُميّز الزيارة أن جاءت وفق مسارين سياسي وعسكري، لسان حال الحلفاء يقول فيها: في كلا الجبهتين قادرون.