ما بين موسكو وواشنطن وأنقرة والتصعيد الإسرائيلي.. مخاض نهاية الحرب السورية
في قراءة معمّقة للسلوك الإسرائيلي، يبدو الإسرائيلي داعماً لتسليم التركي دفّة صوغ وتفصيل المواجهة في شرق الفرات، إذا ما كان الهدف توريط تركيا في البقاء في سوريا، وتالياً التأسّيس لمواجهة تركية سورية تزيد من عُمر الحرب السورية، وتحقّق المزيد من الاستنزاف للجيش السوري.
مُجدّداً يدخل الإسرائيلي على خط الجديد الحاصل في المشهد السوري، ويعتدي بالقصف من الأجواء اللبنانية على مواقع قرب دمشق من خلال إطلاق عشرة صواريخ أسقطت دفاعات الجو السورية ثمانية منها، لم يكن مستغرباً السلوك الإسرائيلي القديم المُتجدّد، ولاسيما بعد سلسلة وجملة من الأحداث الطارئة على المشهد، التي كاثرها ترامب خلال الفترة الماضية تتعلّق بالانسحاب عسكرياً من سوريا، والدفع نحو دعم أميركي لتركيا للإجهاز على ما تبقّى من فلول داعش، وهو ما يعنيه بالضرورة دفن أية تطلّعات كردية في الانفصال على التراب السوري، ولا ننسى الإعلان الصريح من قِبَل ترامب نفسه لجهة ضرورة أن تتكفّل المملكة السعودية بفاتورة إعمار سوريا، ما يؤسّس بالمعنى المادي لتثقيل انتصار دمشق، وتأكيد نهاية الحرب في سوريا، من هنا يأتي التصعيد الإسرائيلي للسعي لتحقيق غايتين رئيستين :
الأولى: التشويش على كل ما يُسمعه ترامب، والتغطية على الهزيمة السياسية لجهة كل ما أفرزه الميدان السوري من تعزيز حضور خصوم إسرائيل، وإسقاط مشروع تقسيم سوريا.
الثانية: هي رسالة إسرائيلية لما حُكي عن صفقةٍ أميركيةٍ روسيةٍ تقضي بانسحابٍ إسرائيلي من الجولان، وانسحاب أميركي من سوريا، مقابل انسحاب ايراني لمئة كيلومتر بعيداً من الحدود السورية مع فلسطين، هذه الرسالة مفادها أن أية صفقة يجب أن تتضمّن فعلاً التزامات فاعلة بإنهاء أية تهديدات عسكرية للجانب الإسرائيلي مصدرها الأرض السورية.
في قراءة معمّقة للسلوك الإسرائيلي، يبدو الإسرائيلي داعماً لتسليم التركي دفّة صوغ وتفصيل المواجهة في شرق الفرات، إذا ما كان الهدف توريط تركيا في البقاء في سوريا، وتالياً التأسّيس لمواجهة تركية سورية تزيد من عُمر الحرب السورية، وتحقّق المزيد من الاستنزاف للجيش السوري، من هنا نفهم حديث وزير الخارجية الإيراني محمّد جواد ظريف للميادين عن تفهّم بلاده للقلق التركي من تطوّرات الشمال على الأمن التركي، وأن بلاده تدعم تركيا ،إذا ما كانت قاعدة تحرّكاتها بالتنسيق مع الحكومة السورية، إضافة لعدم العِلم الإيراني بنيّات واشنطن في سوريا كما قال ظريف.
قبل أشهر كتبنا هنا في "الميادين نت" أن أيّ رفض إسرائيلي لما يُحكى عن صفقة روسية أميركية هو رفض أوليّ سينتهي آجلاً بموافقة إسرائيلية، ربما يسبقها قصف إسرائيلي لمواقع سوريّة في رسالة أن الإسرائيلي يذهب للموافقة من منطق قوّة وليس من منطق ضعف وهذا ما يحدث بالفعل.
المرحلة القادمة سيكون عنوانها صفقة شاملة تراعي دعماً لتركيا لتصفية وإنهاء ما يشكّل خطراً على أمنها مقابل حسم ملف إدلب لصالح دمشق وحلفائها، وعلى الجهة الأخرى صوغ هدنة طويلة الأمد غير مُعلنة ربما، تحدّ من القلق الإسرائيلي في الجنوب السوري.