إسرائيل تلعب في النار مع حزب الله
منذ قرابة الشهر تشهد الحدود اللبنانية حدثاً غريباً يمكن اعتباره مهزلة جديدة إسرائيلية، عملية درع الشمال والتي تختصر تحت عنوان "البحث عن أنفاق حزب الله".
هذه الذريعة، سلّطت الضوء من جديد على مدى خوف إسرائيل من قدرات حزب الله، والبحث عن أسباب لتقليب الرأي العام اللبناني عليه وكذلك الإقليمي والدولي. تستفيد إسرائيل دائماً من الشَرخ السياسي ما بين الأفرقاء اللبنانيين والذين لديهم رغبة في القضاء على قوّة حزب الله الداخلية والتي يعتبرونها تخطّياً للدولة اللبنانية. ها نحن نرى نتنياهو يحثّ اللبنانيين على التصدّي والوقوف في وجه حزب الله. بعد أن خذله المجتمع الدولي عند عرضه الصوَر والخرائط عن مخازن الأسلحة تارة في ملعب وتارة أخرى بالقرب من المطار. فما كانت ردّة الفعل اللبنانية المتمثّلة في وزير الخارجية جبران باسيل الذي دعا سفراء الدول للقيام في جولةٍ حول الأماكن المزعومة والبحث عن مخازن الأسلحة وبذلك أسقطت مهزلة إسرائيل دولياً.
هل استفاقت إسرائيل من سباتها الآن وبدأت عملياتها النوعية لجيشها وحشدت الصحافة بحثاً عن أنفاق حزب الله والعمل على تدميرها. هذه الأنفاق إن وجِدَت هل تعتبر إسرائيل حزب الله خصماً مرناً تستهزئ من قدراته الإستراتيجية والعسكرية ويعمل على حفر أنفاق على مرأى من الجميع وقابلة للكشف في هذه السهولة؟ الآن خافت إسرائيل على أمنها واعتبرت هذه الأنفاق تهدّدها، وبناءً على مزاعم نتنياهو فإن خطة الحرس الثوري الإيراني تهدف إلى استخدام هذه الأنفاق وإرسال آلاف المُحاربين لاحتلال بلدات في الجانب الشمالي من فلسطين المحتلة. ولكن ألم يُهدّد السيّد حسن نصر الله إسرائيل بإمكانية دخول نُخَب من مقاومي حزب الله إلى الجليل والسيطرة عليه في غضون ساعات، في حال أقدمت إسرائيل على مُهاجمة لبنان؟ ألم يؤخَذ كلامه على محمل الجد وقتها. والصهاينة يعرفون أن قوله يصبح فعلاً عندما يحين الوقت.
لِما لم تبحث عن تلك الأنفاق منذ ذلك الحين أم أنها مُستحدَثة من صنع خيال نتنياهو؟ هل هم بحاجة إلى تلك الأنفاق والموقع الجغرافي للبنان يضع جميع العوامل ومقوّمات الجغرافية في تصرّف حزب الله. أضف إلى ذلك الإعلام الحربي لحزب الله يلتقط صوَر الجنود الإسرائيليين يزرعون أجهزة التنصّت هل التقطوا تلك الصوَر من أنفاقهم؟ ماذا تخفي خطة الأنفاق هذه، أهو خوف نتنياهو على وضعه الداخلي وانغماسه في الفساد، فوجد هذه الطريقة الأفضل لتحييد الرأي العام الإسرائيلي عن فساده والتوجّه نحو خطر حزب الله على الأمن الإسرائيلي .
دخل الجيش الإسرائيلي بأمر من نتنياهو في لعبة الأنفاق، ولكن هل يعرفون كيف سيخرجون منها. مدى الآثار السلبية التي ستتركه هذه اللعبة الخطيرة والتي حتى الآن لم يعلّق حزب الله على هذه السخافة. هل ننتظر خطاباً نارياً وحاسماً للسيّد حسن نصر الله يضع فيه النقاط على الحروف. هل سيدخل نتنياهو جيشه في حرب مع حزب الله وذريعته الأنفاق، أم أنه يخشى هذه المخاطرة والتي يعلم أنها ستتحوّل هذه المرة إلى حرب شاملة تبدأ من الحدود اللبنانية إلى الجولان المحتل فالداخل الفلسطيني بمساعدة القوات الإيرانية والسورية معاً.
هل تسعى إسرائيل إلى جرّ حزب الله إلى هذه الحرب والتي ستحرق إسرائيل قبل لبنان، لأن حزب الله اليوم ليس كما كان عام 2006 حيث خرجت إسرائيل مهزومة ومقهورة؛ تتخبّط إسرائيل في ما بينها وهُزِمت هزيمة نكراء في غزّة المُحاصَرة وانقلب وضعها الداخلي رأساً على عقب؛ كيف إن دخلت في حرب مع خصمها اللدود حزب الله، هل تلعب لعبتها الأخيرة وتحدّد مصيرها ومصير الشعب الفلسطيني المقاوِم؟
هل ستتمكّن إسرائيل من النيل من سلاح حزب الله الشغل الشاغِل للكيان الغاصِب، الأيام القادمة سترسم الجنون الإسرائيلي ومدى تهوّره إن فكّر خوض هذه الحرب في مواجهة ليس فقط حزب الله إنما الجيش اللبناني الجاهِز للتضحية من أجل أمن وسيادة لبنان والمُرابِض على الحدود وجهاً لوجه مع جيش الكيان الصهيوني..