شتاءُ "السترات الصفر" يُسقِط صَنَم الرئيس المُنتخَب!
"السترات الصفر" المستمر يُعطى براهين على أن الانتخابات لا تمنع عدم القيام ضدّ الرؤساء الشرعيين الذين جلبتهم، وإن رئيساً كُرِّس ديمقراطياً لا يعني دائماً أنه قَدَر الناس الذي لا حياد عنه، بحسب المخدر المشهور إن "الخروج على رئيس منتخب ليست من الديمقراطية؟".
ما أريد أن أقرأه في العصيان التظاهري، الذي رفعته "حركة السترات الصفر" الفرنسية المُستمرّة منذ أسبوعين أو يزيد في العاصمة باريس وفى باقي المدن الأخرى؟ والتي انجلت سريعاً إلى ما يُشبه "شتاء فرنسياً" ما لبث أن جمع حوله مُفردات الفوضى والحرق والنهب والسلب، لعلّ متجر "آبل للهواتف الذكيّة" في "بردو الفرنسية" كان برهاناً على غياب التربية المواطنية وعلى الهمجيّة في بلدِ الجنّ والملائكة! ثم أن متحفاً راقياً في الجادّة الباريسية يُعتدى عليه فيصيبه كسراً وتدميراً وتخريباً!.
لقد أعطت جموع "السترات الصفر" صوَراً من السيارات المحترقة والجموع الغاضِبة وجميع الأشكال الفوضوية التي كانت حصرية على العرب في دولهم في ما كان يُسمّى "ربيعاً عربياً" والغريب أن جميع تلك الصوَر جاءت ضدّ رئيس مُنتخَب ديمقراطياً في اقتراعٍ نزيهٍ في أعظم دول الديمقراطية في العالم فرنسا، لكن يبدو أن النزاهة الانتخابية لم تحمه من التمرّد عليه، إذ خرجت ضدّه "السترات الصفراء" تعبث فساداً وتدميراً وفوضى مُلقية بتعابير الديمقراطية والرئيس الشرعي في نهر السين؟.
على كل حال، ما أريد قوله، إن شتاء "السترات الصفر" المستمر يُعطى براهين على أن الانتخابات لا تمنع عدم القيام ضدّ الرؤساء الشرعيين الذين جلبتهم، وإن رئيساً كُرِّس ديمقراطياً لا يعني دائماً أنه قَدَر الناس الذي لا حياد عنه، بحسب المخدر المشهور "إن الخروج على رئيس منتخب ليست من الديمقراطية؟".
هذه هي الفكرة الأخيرة التي تستشفّ من حركة السترات الصفر، كأبلغ ملمح سياسي لما ترسله الأحداث الفرنسية منذ أسبوعين أو يزيد. وهي مُعطيات بالقدر الذي تكرّس تلك الفكرة في الغرب ، فهي تقدّمه للقوى السياسية في العالم العربي، وعلى رأسها "الإخوان المسلمين" ممَن يرون أن الانتخابات النزيهة حدٌ من حدود الله، وإن الرئيس المُنتخَب ديمقراطياً وشرعياً مُقدَّس لا يجوز الخروج عليه بالتظاهرات ولا المطالبة بتبديله، بعد "السترات الصفر" تبدو هذه الأفكار نوعاً من الهراء؟.
الخروج المصري ضدّ "مرسي" كان مؤشّراً؟
ربما لا يُستساغ هذا الكلام، على أن الخروج المصري كان مؤشِّراً على أن الديمقراطية النزيهة والاقتراع الانتخابي ليسا حاميين للرئيس الشرعي؟ إذا ما اقترب من تخوم تكون مضرّة بالدين انتخبوه؟ وإذ أستجلب التجربة المصرية ضدّ "الرئيس مرسي" وأربطها بالتظاهرات الفرنسية العارِمة التي ما تزال تحصد الفوضى وعدم الاستقرار، والتي أضحت مقرونة بعملٍ إرهابي نُفّذ في مدينة "ستراسبوغ" الفرنسية ، فلأجل تفكيك رسالة إلى "الإخوان المسلمين" بصفةٍ خاصةٍ، الذين سيرفعون أصواتهم بالنزاهة الانتخابية والشرعية الرئاسية، لأقول إنهما ليسا كافيين لحماية الرؤساء وإن "السترات الصفر" برهان لمَن يتبصّرون؟.
إذ يمكن للناس القيام ضدّ الرئيس الشرعي والرئيس المُنتخَب ديمقراطياً، إذا ما أخلّ ببعض الأسُس الأساسية التي فوِّض لأجلها؟ وأن "السترات الصفر" ضدّ الرئيس ماكرون برهاني، وماكرون هو مَن هو كرئيسٍ مُنتخَب ديمقراطياً، في فرنسا وهي مَن هي من بلد الأكثر ديمقراطية في العالم.
على هذه المقاسات بدا أنه لا يمكن الاحتجاج بالشرعية الرئاسية، إن جاز لنا التعبير هكذا، أو بالاقتراع النزيه، وبجميع الأشكال الديمقراطية المُصاحبة. لأنه تخوم الناس وحدها الجذر الديمقراطي والانتخابي والاقتراعي الشفّاف الذي يضبط كل شيء، ولا يمكن الالتفاف عليه أبداً. عِلماً أن جميع الذين خرجوا ضمن "حركة السترات الصفر" الفرنسية، هم جزء لا يتجزّأ من الكتلة التي انتخبت الرئيس ماكرون وهم اليوم من الكتلة نفسها التي تقود عصياناً بالتظاهرات ضدّه، قد يقود لا سمحَ الله إلى تنحيته.