حركة حماس تهزم ترامب في الأمم المتحدة
بدل أن تحاول واشنطن معرفة أسباب فشلها الذريع في تمرير هذا القرار الذي أدخلت عليه دولة الكويت عدّة تعديلات قبل طرحه للتصويت على الدول الأعضاء، صبّت ممثلّتها في مبنى الأمم المتحدة نيكي هايلي جامَ غضبها على الدول الرافِضة للقرار الأميركي، واعتبرتها بأنها دول تعمل ضدَّ السامية، فهذا الخطاب السِّياسي الأميركي الحاد والعدائي يعكس إلى أيِّ مدى أثّر فشلها التاريخي في إقرار مشروع قرارها لاتهام حركة حماس بالإرهاب على صورتها الإعلامية والسِّياسية في العالم أجمع.
إسقاط مشروع الولايات المتحدة الأميركية والذي جاء كالعادة بإيعاز صهيوني واضح، والقاضي بإدراج حركة المقاومة الإسلامية الفلسطينية حماس، ومَن يدور في فلكها في خانة المنظمات الإرهابية التي يجب محاربتها دولياً،عن طريق قطع كافة أشكال الدعم والتمويل المالي واللوجستي والاقتصادي عنها، والتعامل معها إن اقتضى الأمر باستعمال القوّة العسكرية التي أثبتت الحركة التي تقود المقاومة الباسِلة ضدّ الاحتلال الصهيوني منذ سنوات طويلة بأنها لم تعد تُخيفها، وهي التي جعلت القيادة السِّياسية والأمنية والعسكرية في تل أبيب في حيص بيص لأنها لم تستطع إرغام حماس على التخلّي عن سلاحها، أو الرضوخ لشروطها ومطالبها المتعدّدة والتي على رأسها الانخراط في مشروع المفاوضات السياسية العبثيّة، والاعتراف بإسرائيل كدولةٍ وهو الأمر الذي ترفضه حركة حماس جُملة وتفصيلاً، وتعتبره خيانة وطنية كبرى للقضية الفلسطينية المركزية للأمّة جمعاء.
فواشنطن التي أرادت من خلال قرارها الذي طرحته للتصويت في جلسة الأمم المتحدة الأخيرة المُنعقدة في نيويورك، والذي تمَ رفضه بحوالي 87 صوتاً، في مقابل 57 صوتاً داعماً للقرار، وامتناع حوالى 33 دولة عن التصويت، وهو ما يُعدّ ضربة موجِعة للدبلوماسية الأميركية وسياساتها الخارجية التي أصبحت محل سخرية واستهزاء من طرف الكثير من دول العالم، لأنها تعرف منذ مجيء ترامب كرئيس للولايات المتحدة الأميركية تخبّطاً وغياب رؤية إستراتيجية موضوعية واضحة تكون طويلة الأمد للتعامل مع مختلف القضايا الدولية البالغة الصعوبة والدقّة، وخاصة تلك المتعلّقة بالصراع العربي الإسرائيلي. وبدل أن تحاول واشنطن معرفة أسباب فشلها الذريع في تمرير هذا القرار الذي أدخلت عليه دولة الكويت عدّة تعديلات قبل طرحه للتصويت على الدول الأعضاء، صبّت ممثلّتها في مبنى الأمم المتحدة نيكي هايلي جامَ غضبها على الدول الرافِضة للقرار الأميركي، واعتبرتها بأنها دول تعمل ضدَّ السامية، فهذا الخطاب السِّياسي الأميركي الحاد والعدائي يعكس إلى أيِّ مدى أثّر فشلها التاريخي في إقرار مشروع قرارها لاتهام حركة حماس بالإرهاب على صورتها الإعلامية والسِّياسية في العالم أجمع، باعتبارها أقوى دولة فيه وتستطيع تمرير ما تريده من قرارات، وما على دوله إلا السَّمع والطاعة وتنفيذ قراراتها المتّخذة ومن دون أدنى اعتراض.
والشيء الآخر الذي سبّب ربما الصدمة والذهول لدى صنّاع القرار في واشنطن، هو تصويت الكثير من الدول العربية بما فيها تلك الحليفة لها ضدّ مشروع قرارها الذي حاولت فيه أميركا وصْم واحدة من أهم وأكبر الحركات التحريرية المقاومة في الوطن العربي بالإرهاب، وهو ما سيجعلها تفكّر مليّاً في معاقبتها أو إعادة النظر في تحالفاتها الإستراتيجية معها، و ربما أدرك ترامب ومَن معه في البيت الأبيض، بأن بلادهم لم تعد تمتلك زمام المبادرة الدولية، وفقدت بالتالي الكثير من قوّتها الناعِمة نتيجة تضافر عدَّة عوامل داخلية وخارجية وتغيّر موازين القوى الدولية لغير صالحها في السنوات القليلة الماضية بالتأكيد.