قراءة في استراتيجية المقاومة عند حزب الله.. فلسطين نموذجاً
خطوات تفعيل الانتفاضة وتطويرها ووجوب دعم المقاومة في فلسطين بالسلاح بشكل دائم وليس في إطار ردّات الفعل، التي تحدّث عنها أمين عام حزب الله، يوحي أن محور المقاومة الجديد يتّفق على استراتيجية جديدة تجمع ببن الانتفاضة في الميدان وتطويرها نحو انتفاضة شعبية ومقاومة شاملة.
الأمين العام لحزب الله السيّد حسن نصر الله أسّس استراتيجية جديدة للمقاومة العربية والاقليمية وأعدَّ خططاً لهيكل محور المقاومة في المنطقة ليضمّ عدداً من الفصائل الفلسطينية إلى جانب إيران والعراق وسوريا ولبنان إضافة إلى اليمن. الهدف الأسمى لمحور المقاومة يتمثّل بمدينة القدس. ولن تقتصر هذه الاستراتيجية على الشق العسكري، وإن كان هو الأهم بل يستهدف الأبعاد السياسية والاقتصادية والإعلامية والأمنية، لذلك لا بدّ من تشكيل غرفة عمليات مشتركة مع الحفاظ على الخصوصية والأهداف لكل طرف من الأطراف من دون تعارض مع بعضها، على أن تبقى في اتصال دائم مع كافة الأطراف الأخرى في الهدف الجامِع والأسمى في مواجهة المشروع الصهيوني العنصري.
السيّد نصر الله في لقائه على فضائية الميادين كشف عن انضمام فصائل فلسطينية وعلى رأسها حركتا حماس وفتح والجبهتان الديمقراطية والشعبية لتحرير فلسطين لمحور المقاومة الذي يتّسع نفوذه لخلق توازن استراتيجي لهزيمة العدو الإسرائيلي المدعوم بترسانة أميركية ضخمة، وإسقاط مفهوم الجيش الذي لا يُهزَم، والدفاع عن فلسطين والقدس وعن كامل المنطقة العربية والإسلامية.
أوضح السيّد نصر الله أن نهج التسوية بين السلطة الفلسطينية والكيان الإسرائيلي قد مات بإعلان ترامب القدس عاصمة للكيان وقرار الكنيست بقانون القدس الموحّدة، وهذا يُعدّ قراراً تُجمِع عليه الفصائل الفلسطينية وخاصة الُمقاومة منها وأكّدته الوقائع الميدانية بعد قرابة ربع قرن على المفاوضات العقيمة بين القيادة المُتنفّذة في منظمة التحرير والكيان الإسرائيلي بالرعاية الأميركية المنفردة التي وصلت إلى طريق مسدود، ما يتطلّب اعتماد استراتيجية للنضال الوطني كطريق للتحرير تتّفق على خيار الحرب والسلام، أول بنودها إنهاء اتفاق أوسلو وقيوده المُجحِفة والتوجّه نحو استراتيجية جديدة تجمع بين المقاومة والانتفاضة وتدويل القضية والحقوق الوطنية الفلسطينية.
الخطوات الأميركية العدوانية الجديدة وفق رؤية السيّد نصر الله تضع المنطقة أمام وعد بلفور جديد يكشف اللثام عن حقيقة زيف وخداع الإدارة الأميركية وانحيازها ودعمها الكامل للإرهاب بهدف إنهاء القضية الفلسطينية وتمزيق الأمّتين العربية والإسلامية، ما يتطلّب وضع استراتيجية للمقاومة الفلسطينية تضمن تجهيز وإعداد كافة الأدوات القتالية، وتجهيز عشرات الأنفاق للقتال خلف أسوار العدو للوصول إلى الأهداف وحسم المعركة المقبلة، في تطابق مع تهديدات السيّد نصر الله في حال الحرب الكبرى بوضع كل الاحتمالات بما فيها الدخول إلى الجليل في شمال فلسطين المحتلة.
وهناك إجماع من كافة الفصائل الفلسطينية على أن القدس هي عاصمة فلسطين وستبقى فلسطينية ولا تراجع عن ذلك، وهذا ما تحدّث به أمين عام حزب الله، أن ترامب أدخل المنطقة إلى منحى جديد، والشعب الفلسطيني لن يستسلم ولن يتخلّى عن القدس، والمقاومة قادرة على الوصول إلى القدس عاصمة الدولة الفلسطينية وإنهاء الاحتلال الإسرائيلي عنها.
اعتبر السيّد نصر الله أن قواعد الاشتباك في أية حرب مقبلة ستكون خاضعة للمراجعة والظروف والأحداث، وأن أهم عناصر المواجهة مع العدو هو عنصر المفاجأة، وأن المقاومة تحتفظ لنفسها بالمُفاجآت في الميدان، وهذا ما تتّفق معه فصائل المقاومة الفلسطينية في عدم التصعيد الآن، وفي حال تكامل الصورة وأصبح قرار الحرب والعدوان لا محال منه، فإن للمقاومة الفلسطينية المُفاجآت التي تحتفظ بها في الميدان كما عوّدتنا في المعارك الثلاث الأخيرة في عدوان 2008، 2012، 2014 بقصف تل أبيب وما بعد تل أبيب.
خطوات تفعيل الانتفاضة وتطويرها ووجوب دعم المقاومة في فلسطين بالسلاح بشكل دائم وليس في إطار ردّات الفعل، التي تحدّث عنها أمين عام حزب الله، يوحي أن محور المقاومة الجديد يتّفق على استراتيجية جديدة تجمع ببن الانتفاضة في الميدان وتطويرها نحو انتفاضة شعبية ومقاومة شاملة على طريق العصيان الوطني الشامل ضد الاحتلال والاستيطان ، ومواجهة ما يُسمّى صفقة القرن التي بدأت معالمها تتكشّف خطوة بخطوة إلى أن تكتمل صورتها العملية ، وتدفع الولايات المتحدة الأميركية بتنفيذها نحو فرض واقع جديد لتصفية القضية الفلسطينية وتقسيم المنطقة والاقليم بشكل كامل، وبما يفتح الطريق أمام الكيان الإسرائيلي لتحقيق مشروعه السياسي مع توفير كافة أشكال الدعم له، ومواصلة الضغط على الفلسطينيين وابتزازهم لتقديم تنازلات كبيرة للقبول بالعودة إلى عملية التسوية من دون قضيّتي القدس واللاجئين ومن دون حدود 1967.