واشنطن وموسكو عند نهاية الدرب.. الصفقة أمْ الحرب؟
في توصيف المشهد السياسي الحاصل في المنطقة، وتحديداً ما يُعمَل عليه أميركياً والأهم إسرائيلياً، لجهة تصنيع ملامح مرحلة ما بعد نهاية "داعش" التي باتت وشيكةً كما قال الروس والإيرانيون، يمكن البناء على جزئية تطابق فيها الخطاب على لسان وزير الخزانة الأميركي خلال جولته في المنطقة، وفي ذروة احتدام الأزمة الخليجية مع قطر، على قاعدة (طيّ الخلافات لمواجهة الأهم).
عسكرياً بدأت ملامح الحسم تتّضح يوماً بعد يوم في جبهة سوريا لصالح دمشق وحلفائها، ولاسيما في تفاصيل الميدان وما يُحقّقه الجيش السوري تحديداً في دير الزور وصولاً إلى الحدود مع الجانب العراقي، حتى الرقة كانت حاضرة في حسابات دمشق، وفي جدول أعمالها العسكري، ما أصدرته الخارجية السورية لجهة أن الحديث عن تحرير الرقة من دون دخول الجيش السوري إليها، هو حديثٌ غير مقبول، وأن فرح واشنطن وحلفائها بطرد تنظيم داعش، إنما كان على حساب دماء وعذابات السوريين، كل ذلك كان رسالة لواشنطن بالدرجة الأولى، ولحلفائها الكرد بالدرجة الثانية، بأن خيار المواجهة مع قوات "قسد" ليس مستبعداً إذا ما اقتضت الضرورة، وأن الأفضل هو الامتثال لصيغة سياسية توافقية، على قاعدة ما قاله السيّد وليد المعلم لجهة أن أي"عطاء" سياسي للكرد لن تسمح له دمشق بالجواز إلا في إطار سيادة وإشراف الدولة السورية.
في توصيف المشهد السياسي الحاصل في المنطقة، وتحديداً ما يُعمَل عليه أميركياً والأهم إسرائيلياً، لجهة تصنيع ملامح مرحلة ما بعد نهاية "داعش" التي باتت وشيكةً كما قال الروس والإيرانيون، يمكن البناء على جزئية تطابق فيها الخطاب على لسان وزير الخزانة الأميركي خلال جولته في المنطقة، وفي ذروة احتدام الأزمة الخليجية مع قطر، على قاعدة (طيّ الخلافات لمواجهة الأهم)، لجهة الجهود التي تبذلها واشنطن والرياض، وكذلك واشنطن والدوحة في مواجهة الإرهاب المُتمثّل ب "داعش" و"النصرة" وحزب الله وغيرها من التنطيمات الإرهابية ومموّليها بحسب التوصيف الأميركي، ولاسيما في وقت يتصاعد فيه الخطاب والصلابة الإيرانية على المبادئ والثوابت، فتعلن إيران دعمها المُطلق لكل ما تطلبه حماس، وتعتبر أن قدراتها الصاروخية ليست موضع تباحث أو تفاوض، ويرفض رئيسها اللقاء بنظيره الأميركي على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة، كل ذلك يشي بالكثير عن ملامح مرحلة جديدة من الصراع.
قيل إن وزير الدفاع الروسي خلال زيارته الأخيرة ولقائه وزير الحرب الإسرائيلي ليبرمان قد ناقشا منطقة عازلة في الجنوب السوري على الحدود مع فلسطين المحتلة، تمتد لعشرة كيلومترات، من هنا نفهم ما كتبه رئيس مجلس الأمن القومي الإسرائيلي الأسبق غيورا أيلند في صحيفة يديعوت أحرونوت لجهة أن الأهم بالنسبة لإسرائيل في المرحلة القادمة ليس النقاش حول الاتفاق النووي الذي لا يمكن تغييره، بل في دفع الولايات المتحدة لإبرام صفقة مع موسكو حول تواجد قوات أجنبية في الجنوب، وكذلك الشكل الذي ستكون عليه حرب لبنان الثالثة.
زيارة بوتين إلى طهران ولقائه الرئيس الإيراني والرئيس الأذربيجاني وعقْد قمّة ثلاثية، وكذلك محادثات ثنائية مع الرئيس روحاني سيتجاوز فيها الحديث عن أستانا، وشكل الحل السياسي السوري، ومناطق خفض التصعيد، والاتفاق النووي، وسيكون عرض بوتين حاضراً لجهة ما يقلق إسرائيل في الجنوب السوري وإمكانية حلّ ذلك، وهو ما يبقى الخلاف الوحيد في نهاية الدرب، والمحدّد الأوحد للصفقة أو الحرب.