المصالحة الفلسطينية ما بين وهم صفقة القرن وحقيقة التحالف
المصالحة الفلسطينية هي الموضوع الأكثر أهمية على الصعيد الغزّي والفلسطينى بشكل عام، ولكنها اليوم أصبحت من أهم المواضيع المطروحة عربياً.
صورةٌ بألف حكاية وحكاية
صباح يوم الإثنين الموافق 2/10/2017 ليس كأي صباح عادي، وبريق شمسه لا يشبه بريق أي يوم مضى منذ أحد عشرعاما ً، منافذ غزّة فتحت الشمالية والجنوبية لتطأ أقدام وزراء الحكومة الفلسطينية تراب غزّة وضيوفها من المخابرات المصرية والأمم المتحدة وغيرها ، وكأن ترابك يا غزّة عاد لينتفض حرية من جديد ، كاميرات ومراسلين عرب وآخرون ، بث حي ومباشر، لنقل صوَر أولاد الأكابر،على حافة الطريق اصطف شعبنا ما بين مرحّب وأخر يتمنّى ألا أن يكون حدثٌ عابر، ماذا حدث؟؟؟ فتحت البوابة وانطلق الموكب ، مركبات سوداء أعلاها جنود مدجّجون بالأسلحة، والكل يتساءل هل هذا يحمل رسائل حب أم رسائل حرب باردة ؟؟!!!، سبحان الله معابر غزّة مفتوحة على مصراعيها فقط للوفود أصحاب الوعود والعهود ، في ذاك اليوم شعبنا يحمد الله على زيارة رئيس الحكومة الحمد لله ، أما قادته فيستغفرون الله وعفا الله عما سلف،على مفترقات الطريق يا غزّة يجتمع بك حرس الرئيس وأفراد الأمن والحماية ... صورة بألف حكاية وحكاية ..... شبابك يا غزّة متعطّشون لالتقاط الصوَر، وآخرون يستذكرون العِبَر، لماذا قاتلنا بعضنا يوماً وهاهم قادتنا الذين قادونا إلى القتال يصطّفون على جانبي الطرقات لاستقبال العائدين فرحاً ؟؟؟؟ اجتماعات لمجلس الوزراء في غزّة موثقةً بعد أن كانت على مدى أحد عشر عاماً معطلة ً، لميس وهنية لإجراء مقابلة تلفزيونية ....... لا تستغرب ولا تستعجب فلكل منهم مأرب...
المصالحة الفلسطينية ما بين وهْم صفقة القرن وحقيقة التحالف
المصالحة الفلسطينية هي الموضوع الأكثر أهمية على الصعيد الغزّي والفلسطينى بشكل عام، ولكنها اليوم أصبحت من أهم المواضيع المطروحة عربياً ، بعد أن كانت مطلباً فلسطينياً تحوّلت إلى مطلب اقليمى ،هناك بعض الطروحات التي تم عرضها من قبل المحلّلين السياسيين لتفسير ما يحدث الآن في ملف المصالحة ، ومنها المصالحة لازمة لتمرير صفقة القرن التى تتم من خلال عملية تسوية سياسية ولإنهاء الصراع ، وإني أرى أن هذا الطرح مستبعد وغير عقلاني للأسباب الآتية :ـ1ـ إسرائيل لا تؤمن بإنهاء الصراع ، بل تتبنّى سياسية إدارة الصراع لا حله منذ قيامها .
2 - تقود إسرائيل الآن حكومة متطرّفة بقيادة نتنياهو وهو يُعتبر من أشدّ المعارضين لخطة الانسحاب الأحادى من غزّة التى قدّمها شارون في ذاك الوقت ، ما اضطر نتيناهو لتقديم استقالته وكان وزيرالمالية حينها وذلك احتجاجاً على الخطة ، فكيف الآن وهو يرأس الحكومة الإسرائيلية ويشغل منصب أقوى من المنصب السابق أن يقوم بعملية تسوية وينسحب من بعض الأراضى المحتلة لتسوية الصراع!!!!
3 - نتنياهو خرّيج الهندسة المعمارية وإدارة الأعمال لا يُجيد إلا فن الإدارة، فهو لا يستطيع اتّخاذ قرارات مصيرية، كما أنه هو من عبّأ الرأى العام الإسرائيلى ضد اتفاق أوسلو ، أيُعقل الآن أن يصبح نتنياهو رجل سلام ؟؟؟
4 - عدم التقدّم في المفاوضات خلال عشرين عاماً، في ظلّ استمرار الاستيطان.
5 - غالبية الأحزاب الإسرائيلية تتجه نحو اليمين فهي تنادي بإقامة المستعمرات ومصادرة الأراضى والحفاظ على الأمن الإسرائيلي وترحيل الفلسطينيين، فهل تعتقدون أن إسرئيل يوماً ما تفكر بتكرار تجربة الانسحاب من غزّة مرة أخرى، وإن تغيّرت الحكومة الإسرائيلية الحالية فمن سابع المستحيلات أن تقبل إسرائيل بصفقة القرن حتى لو كان فيها ما يخدم القضية الفلسطينية.
6 - إسرائيل لم تتخل يوماً عن جوهرها العقائدي ولم تستطع إلغاء مشروع إسرائيل الكبرى من النهر إلى البحر .
7 - كون الصراع بين الفلسطينيين والاسرائيلين صراع وجود لاحدود فلا يمكن التوافق والتعايش بين الطرفين .
8 - هذه الأرض غير قابلة للتقسيم من المنظور الإسرائيلي والفلسطيني .
9 - القيادة الفلسطينية لا تستطيع تحمّل مسؤولية التنازل عن التوابث وحقوق الفلسطينيين ليس مخافة من الشعب بل من لعنة التاريخ .
صفقة القرن لا يمكن تحقيقها فهي مجرّد سيناريو سيتبث فشله في الأيام القادمة ، أما السيناريو الآخر وهو إقامة تحالف سنّي عربي اقليمي تقوده إسرائيل ضد إيران من منظورهم ، لذلك يجب عودة السلطة إلى غزّة ومن ثم إيهام المتحالفين بموافقة إسرائيل على حل سلمي للقضية الفلسطينية ، وكل من يقرأ التاريخ يدرك أن إسرائيل لا تعتمد إلا أسلوب المراوغة والتحايل ، فمنذ عام 2009 أشار نتنياهو إلى ضرورة دخول إسرائيل في تحالف اقليمى بآلية متفق عليها وبضمانات أميركية ودولية ، والتحالف يتكوّن من الدول العربية المعتدلة مثل مصر والأردن والسعودية ودول الخليج بحجّة مواجهة الخطر الإيراني ، عِلماً بأن ما سبق هو من متطلّبات إسرائيل الأمنية خلال هذا العقد ، باختصار إسرائيل تريد زجّ الدول العربية في حرب اقليمية ضد إيران وبالتالي تعمل على إضعاف ما تبقّى من دول عربية.
2 - تحالف إسرائيل مع الدول العربية بمثابة شهادة للعالم بأن إسرائيل جزء لا يتجزّأ من المنطقة العربية ولا تمثل أي خطر عليهم .
3 - تذويب القضية الفلسطينية بحيث تصبح قضية هامشية لا رئيسية .
4 - تحوّل إسرائيل من دولة منبوذة إلى حليف استراتيجي للعرب .
5 - اعتماد إسرائيل على دول التحالف لحماية أمنها القومي وبالتالي ستصبح مشاركاً أساسياً في عمليات صنع القرار لدى دول التحالف في المنطقة.
6 - سياسية التحالف تقلّل من عزلة إسرائيل الاقليمية إضافة لذلك وقف الإعلام العدائي بين إسرائيل وجاراتها . .
إسرائيل أوهمت العرب بأنها مستعدة لحل الصراع من خلال اتفاق سلام جديد وهذا ما أشار إليه الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي في خطابه خلال كلمته المسجّلة في اجتماع مجلس الوزراء الفلسطيني في غزّة ، ولكن هل إسرائيل تنوي الانسحاب من أراض ٍ فلسطينية أخرى ؟؟ وكيف في ظل الهجمة الاستيطانية المسعورة على أراضي الضفة ؟؟ وسؤال آخر لماذا حماس وافقت على المصالحة بعد أحد عشر عاماً من السيطرة على غزّة ؟؟؟ فقط لأنها لا تستطيع ركوب الموجة، فالمنطقة العربية في الأيام القادمة على أعتاب حرب اقليمية ضد إيران الداعم الرئيسي لحماس ولذراعها العسكرية ، إضافة إلى الضغط الشديد من الطرف المصري ، ورمي الكرة في ملعب عباس وإحراجه دوليا ً ، كما أنها ترغب فى إقامة علاقات بينها وبين الدول العربية بحيث تصبح مقبولة عربياً ودولياً وللتأكيد على مبدأ المحاصصة والمشاركة مع فتح .