حروب الأمس واليوم من النافذة اللاتينية
لا بد في الوقت عينه من أن يقوم إعلامٌ تحرّري يتجاوز المُزايدات والشعارات الفارغة، ويعمل على تطوير فعّالية أنظمة التواصل والإعلام البديل وكذلك الخيارات الإعلامية الأخرى وأن يُبْنى جسر من التعاون في ما بينها، سواء على المستوى الداخلي في البلدان أم على المستوى الاقليمي والدولي، لنشر الحقائق والمواقف والإنجازات التي حقّقتها القوى السياسية والاجتماعية التقدمية وحكوماتها بقوّة أكبر. إضافة إلى ما تقدّم فقد برزت أيضاً كمُهمة مُلحّة وهدف مباشر غير قابل للتأجيل عملية سدّ الثغرة الرقمية في شبكات التواصل الأجتماعي.
مرة أخرى.. الإعلام
أما وسائل الاتصال والإعلام التي يحتكرها اليمين في قبضته، فقد تحوّلت من خلال قوالبها الإعلامية، ووفقاً لما قاله أمير صادر إلى "العمود الفقري لليمين" الذي لم يتوقّف يوماً عن السعي للحفاظ لاستعادة مواقع السلطة التي تم انتزاعها منه. وما التجارب في فنزويلا والأرجنتين والبرازيل إلا أدلّة كافية، كيف أن الصحافة اليمينية باتت العنصر الرئيس في الهجوم المُضادّ من قِبَل الأوليغارشيات والأمبريالية الأمريكية. والحال نفسها في الأكوادور وبوليفيا، لعبت الصحافة الاحتكارية دور المُحرّك لخطط زعزعة الاستقرار فيها. وبات الهجوم المُنظّم على القيادات يُشكّل نمطاً اقليمياً يعتمد على الأكاذيب والافتراءات والاختلاقات والأحكام المُشينة المُسبَقة مستغلّين تموضعهم المُتقدّم على الساحة الإعلامية وعلى مستوى التكنولوجيا والدعم المالي والصدى الدولي لما يُطلقونه من أكاذيب. وفي بعض الحالات مثل الباراغواي والأرجنتين والبرازيل، فقد كان للتواطؤ مع قطاعات سياسية وهيئات مؤسّساتية قضائية وتشريعية الدور الرئيس. تشافيز، مادورو، كريستينا، ديلما، لوغو، كورّريا وإيفو عاشوا عن كَثَب عمليات واسعة الطيف من صنع وتصميم الولايات المتحدة الأميركية. أما بالنسبة إلى البلدان التي لم يصل فيها اليسار بعد إلى الحكم، فنرى كيف أن الصحافة المُحافِظة لا تعطيهم مساحة للمشاركة السياسية وهو الأمر الذي يندرج في إطار جهود النظام لتجريم النشاطات اليسارية وتشويه سمعة قادتها والتّحريض على تقسيمهم. وقد يكون المؤسف فعلاً هو ما ترتكبه بعض القوى اليسارية في أميركا اللاتينية من تقليلٍ من شأن نفسها ومن أهمية دور وسائل الإعلام وتأثيرها على مجريات الأحداث، ومن هنا تبرز الحاجة المُلحّة لدقّ ناقوس الخطر حول هذا الموضوع، فالتنوّع والديمقراطية في ملكية وسائل الإعلام لمواجهة تلك التي يحتكرها اليمين حالياً، يجب أن يكونا في صلب أهداف نضال اليسار الاقليمي والعالمي، من أجل مكافحة الهيمنة الرأسمالية الثقافية والإعلامية السائدة. وبهذه الطريقة تُسدّد الضربة القاضية لإحدى الركائز الرئيسية لحياة اليمين السياسية.ولا بد في الوقت عينه من أن يقوم إعلامٌ تحرّري يتجاوز المُزايدات والشعارات الفارغة، ويعمل على تطوير فعّالية أنظمة التواصل والإعلام البديل وكذلك الخيارات الإعلامية الأخرى وأن يُبْنى جسر من التعاون في ما بينها، سواء على المستوى الداخلي في البلدان أم على المستوى الاقليمي والدولي، لنشر الحقائق والمواقف والإنجازات التي حقّقتها القوى السياسية والاجتماعية التقدمية وحكوماتها بقوّة أكبر. إضافة إلى ما تقدّم فقد برزت أيضاً كمُهمة مُلحّة وهدف مباشر غير قابل للتأجيل عملية سدّ الثغرة الرقمية في شبكات التواصل الأجتماعي.هناك العديد من التجارب الإيجابية مثل تيليسور في منطقة أميركا اللاتينية والميادين في المنطقة العربية وغيرها من الشبكات الإعلامية البديلة الأخرى، ومع ذلك فإنها لا تزال غير كافية لمواجهة معركة الفكر في ظلّ الأنتكاسات الحالية الواضحة. وقد قال خوسيه مارتي خلال الأشهر الأولى من حرب الاستقلال في كوبا والتي تجدّدت في عام 1895 محذّراً : "بالفكر يحاربوننا، فلننتصر عليهم بالفكر أيضاً. يقاتلونا بخطابهم الملتوي، فلنقفل عليهم الطريق بخطابنا الأفضل".