الكهرباء حلم البؤساء

يا قادة الشعب المكلوم إن توماس أديسون اخترع الكهرباء من أجل أمّه المريضة، وذلك حين أجّل الطبيب علاجها حتى الصباح، يا قادتنا لا نطالبكم بأي اختراع جديد، لكن نطالبكم بالتفكير ولو لمرة واحدة بجدية لحل الأزمة، فلا لإدارتها من خلال إلغاء الجمارك عن المولّدات والبطاريات والليدات وغيرها من وسائل الإضاءة كافية ولا استمرار تعطيل مصالح الشعب مجدية....

يؤلمني حين أرى المصوّر الفرنسي ثيري كوهين يعرض مجموعة من الصوَر لأشهر مدن العالم محاولاً إظهارها وهي مظلمة كأنما قطع التيار الكهربائي عنها
ذات يوم كنت أنا وصديقاتي نتجوّل في محيط الجامعة ، إحداهن كانت كفيفة ورغم ذلك كانت الابتسامة لا تفارقنا أبداً، ومع كل خطوة  نخطوها نرسم أحلامنا، نبتسم فتتجدد آمالنا مغرّدةً نحو مستقبل مشرق، يومها نظرت إلى السماء راسمة ً في خيالي  صورة فلسطين البهية  التي دوماً تحتضن أبناءها، ونحن نسير وإذا بمزيونة  تصطدم بشجرة في منتصف الرصيف ،يا له من موقف صعب ، لومت نفسى ووبختها لأنني أهملت الأمانة التي بين يداي، أعتذر لك يا مزيونة أحلامي فاقت حدود الخيال، رسمت صورة لمستقبل ابعادها وصلت حد السماء، ونسيت أن يداك متشابكات بيدي، أكملنا  تجوالنا، وإذا بالاشتباكات تتجدّد بين عناصرمن فتح وعناصر من حماس، إصابات وقتلى في كل مكان، تلاها انقسام استمر عشر سنوات، تلاها العديد من النكبات نصطدم بها كل يوم من بينها انقطاع التيّار الكهربائي بشكل متواصل.

ومع مغيب شمس كل يوم كل شعبنا في غزّة يصبح كفيفا ً لايرى أي شيء ،وذلك يقوده إلى حال من اليأس والبؤس والإحباط، ومع بداية عام 2017  سويعات وصل الكهرباء فقط 3 ساعات، اليوم يا عزيزتي وبعد مرورعشر سنوات أدركت أن الكفيف ليس من حرمه الله نعمة البصر، إنما الكفيف هو ذلك الذي نصّب نفسه قائداً من دون أن يبصر ويرى ومن دون أن يشعر بمعاناة الشعب  الذي نصّب نفسه قائداً له وجل اهتمامه مصالح حزبية ضيقة، تلك هي حكاية مزيونة  والشجرة التي اصطدمت بها، أما نحن اليوم اصطدمنا بواقع أسود تغزوه البطالة والفقر والحصار وفقدان  لأبسط  الحقوق الحياتية  وأهمها الكهرباء، اصطدمنا يا عزيزتي بعشرات الجثث المتفحّمة لأطفال وأشبال كان حلم الياسر أن يرفعوا علم فلسطين على مآذن القدس وكنائس القدس، اصطدمنا يا  صديقتى برؤية  صوَرالرضّع الذين لاقوا حتفهم من شدّة البرد وهم يفتقدون لأبسط حق ألا وهو الكهرباء لتحميهم من البرد ومن برود القادة، أيعقل أن يصل بنا الحال إلى وجود مولدات كهربائية داخل المستشفيات، أيعقل أن تتوقّف الحياة في الأبراج السكنية في غزّة أثناء فترة ساعات القطع، أحمدي الله يا صديقتي مراراً وتكراراً لأنك لم تشاهدي حجم الحوادث والكوارث التي حلّت بنا .

يا قادة الشعب المكلوم إن توماس أديسون اخترع الكهرباء من أجل أمّه المريضة، وذلك حين أجّل الطبيب علاجها حتى الصباح، يا قادتنا لا نطالبكم بأي اختراع جديد، لكن نطالبكم بالتفكير ولو لمرة واحدة بجدية لحل الأزمة، فلا لإدارتها من خلال إلغاء الجمارك عن المولّدات والبطاريات والليدات  وغيرها  من وسائل الإضاءة كافية ولا استمرار تعطيل مصالح  الشعب مجدية....

كوهين  أرجوك أن تحضر إلى غزّة

يؤلمني حين أرى المصوّر الفرنسي ثيري كوهين يعرض مجموعة من الصوَر لأشهر مدن العالم محاولاً إظهارها وهي مظلمة كأنما  قطع التيار الكهربائي عنها، وأطلق حينها على تلك المجموعة إسم( المدن  المظلمة)، كوهين راوده العديد من الأسئلة، منها ماذا لو اختفت الكهرباء وأصبحت جميع المدن  مظلمة ؟؟؟ وهل سنعود إلى أضواء السماء والنجوم التي تغنّى بها أجدادنا عبر التاريخ؟؟؟ .... كوهين أرجوك أن تحضر إلى غزّة والتقط صوراً كما شئت، ومن أية مدينة في قطاع غزّة أردت، كوهيين تغنّى وغنّي كما  أحببت،  كوهين الصوَر من غزّة لا تحتاج لأية معالجة على الفوتوشوب فهى صوَر حقيقية لمدينة مظلمة، أرجوك أن تلتقط صوراً لمدينتا وهي تغرق في الظلام ولا تنسى أن تلتقط صوراً لقادتنا وهم يغرقون في بحر الظلمات  وأكوام الدولارات    ..... كوهين سترجع حتماً لبلدك ولديك كم هائل من الصوَر ، صوَر سوداء وسوداوية  لا بصيص  نور فيها  ولا أمل .

الكهرباء ما بين احتياج المواطن وقرار الحاكم

تعالت أصوات  البؤساء في الفترة الأخيرة ، تارة بالدعاء على شركة  توزيع الكهرباء وتارة  على شركة توليد الكهرباء، تارة على سلطة الطاقة ، تارة ترى مسيرات للصغار والكبار بالشموع لإيصال رسائل احتجاجية وللتعبير عن غضبهم بسبب القطع المتواصل للكهرباء، وتارة يعبّرون عن ضجرهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي، ومرة أخرى ينظمون مؤتمرات  وندوات تنتج منها مناقشات واقتراحات، وتارة يقوم  المواطنون بالتهّجم على شركة الكهرباء عند كل كارثة تحدث و يموت فيها أطفالنا، ورغم كل ذلك القضية ما زالت  معلّقة ما بين السماء والأرض، لا سامع لصرخات أطفالنا وطلابنا وشبابنا ومرضانا وعمالنا إلا الله، ولندع كل ذلك ونفكّر بالمنطق  سكان القطاع في 1997 كان  عددهم مليون نسمة، أما في 2007  فكان عددهم 1.4 مليون نسمة أي خلال عشر سنوات ازداد عدد سكان القطاع 400000 الف نسمة أي ما يقارب النصف مليون.

 وفي عام 2016  تجاوز عدد سكان القطاع 2 مليون نسمة  ونتيجة لذلك تزداد نسبة الطلب على الكهرباء، والقطاع يحتاج إلى 450 ميغاوات من الكهرباء في حين ما يتم توفيره فقط 120  ميغاوات من إسرائيل و28 من دولة مصر الشقيقة و100 ميغاوات من محطة  توليد الكهرباء  المُهترئة، ومن المتوقّع في عام 2020 أن يحتاج القطاع إلى 820 ميغاوات من الكهرباء في ظل  نمو سكانى وعمراني  متواصل، أي أن إذا كانت الكهرباء في 2017 تأتى 3 ساعات وصل بالتأكيد في 2020 ستكون ساعة وصل فقط  هذا إن وجدت كهرباء، إذن ما هو الحل ؟؟ وإلى متى ستستمر عذابات أبناء شعبنا في قطاع غزّة  في ظلّ غياب قرار الحاكم؟؟؟؟

حلول استيراتيجية  و حلول فورية

الحل حسب وجهة نظري  يكمن في العديد من الخطوات الاستراتيجية وأخرى فورية .

الحلول الاستراتيجية :ـ 1 ربط قطاع غزّة بشبكة اقليمية لتغطية احتياجات القطاع الحالية والمستقبلية .

2ـ التقليل من الاعتماد على الشبكة الاقليمية بتنمية وتطوير الاستفادة من الطاقة الشمسية.

3ـ وجود جهة رسمية قادرة ومعنية بحل أزمة الكهرباء وتبعاتها .

أما الحلول  الفورية :ـ1ـ يجب زيادة حصة غزّة المورّدة من مصر والكيان الإسرائيلي وبحسب تصنيف الخبراء الدوليين فإن غزّة ما زالت تحت  السيطرة الفعّالة حتى وإن لم يوجد أي جندي إسرائيلي يعمل  داخل غزّة وبناء على ذلك على الاحتلال تحمّل مسؤولياته نحوشعبنا المحتل في غزّة.

2ـ العمل على تفعيل المحطة بتكاليف تشغيلية تتناسب مع أسعار الكهرباء المورّدة وقدرة إنتاجية أكبر بحيث  تتلاءم مع التزايد المستمر على طلب الكهرباء.