الجزيرتان إلى الواجهة مجدداً ... أما قبل

على أبواب ذكرى جديدة ــ السادسة ــ لحراك يناير، يعود الحديث الهامس حيناً، والصاخب أحياناً حول صراع الأجهزة، مع استدلالات يبدو بعضها وجيهاً بسقوط رجال لهذا الجهاز أو ذاك ، أو تلقيه ضربة موجعة ، لكن مصر الدولة المركزية الأعرق في التاريخ، لا تناسبها التوازنات ولا المحاصصة ، ويعلمنا التاريخ أن طرفاً لا بدً وأن يحسم الصراع لصالحه ، وعادة ــ بحسب التاريخ أيضاً ـ ما ينكل بمناصري خصمه بل والمتعاطفين معه ، الأمر الذي يعني ــ تحليلاً ــ أما احتدام الصراع وصولاً إلى ذروة ينجح طرف في حسمها لصالحه ، وأما تنامي قوة طرف وتسليم الآخر له والانضواء تحت جناحه طوعاً.

لا تكتفي عبثية الجدل المجتمعي الدائر في دوائر عدّة بمصر حول ملكية أو تبعية الجزيرتين المصريتين "تيران وصنافير "
لا تكتفي عبثية الجدل المجتمعي الدائر في  دوائر عدّة بمصر حول  ملكية أو تبعية الجزيرتين المصريتين "تيران وصنافير "،على كونها السابقة الأولى في التاريخ التي تسلّم فيها دولة جزءاً من أرضها إلى دولة أخرى طوعاً.

ولا حتى على كون الجدل في معظمه ــ كله إلا قليلاً ــ يدور في القاهرة، وبين مصريين ليس من بينهم من أوكله الطرف الآخر ــ السعودية ــ بالدفاع عن حق مزعوم لها، بل تتجلى تلك العبثية في مخاصمة البداهة، وافتراض أن ارتكاب الخطأ ذاته للمرة الألف قد يجلب نتائج إيجابية .

الجدل الدائر، عبر دوائر النُخب والشارع والقصف المتبادل عبر منصّات إعلامية وسياسية ، بمشاركة قانونيين وحقوقيين وإعلاميين بعضهم حسب فترة على النظام، وبعضهم يعرف الجميع خلف أستار المسرح السياسي أنهم " لا ينطقون عن الهوى "، أعاد إلى الأذهان ما تواتر سابقاً، في مراحل عدة  اثناء صيرورة التحوّل السياسي في مصر منذ سقوط "مبارك"، حول الصراع الخفي بين الأجهزة السيادية والأمنية ، واستعانة كل منهم بـ"رجاله " في معركة بدأت هادئة، لكن حرارتها ترتفع باطراد غير مسبوق.

الجهات المعنية تنفي تماماً، وجود مثل هذا الصراع، وتحاول استعادة التعليقات الساخرة من قبيل " صراع الأجنحة ..والأوراك، دولة كنتاكي ..الخ " وهي التعليقات التي سبق استخدامها عند إثارة الأمر قبل سنوات، وتحديداً أثناء إدارة المجلس العسكري لدفّة البلاد عقب تنحّي  الرئيس الذي بات " أسبقاًــ مبارك .

ربما يكون الصراع حقيقياً ، وربما يكون صراعاً بين أجهزة الدولة من جانب، وكيانات أخرى اقتصادية وسياسية تحالفت مع "محترفين أمنيين " استغنت عنهم الدولة، ولازالت شبكة علاقاتهم طازجة وقادرة على التأثير في المشهد، لكن الأمر بات أكثر من "مجرّد تخبّط "،وهو الطرح الذي سبق وقدمه مراقبون ، في واقعة مثل حبس الباحث إسلام بحيري بتهمة ازدراء الأديان ، عقب أيام من دعوة الرئيس السيسي تجديد الخطاب الديني في قلب الأزهر .

على أبواب ذكرى جديدة ــ السادسة ــ لحراك يناير، يعود الحديث الهامس حيناً، والصاخب أحياناً حول صراع الأجهزة، مع استدلالات يبدو بعضها وجيهاً بسقوط رجال لهذا الجهاز أو ذاك ، أو تلقيه ضربة موجعة ، لكن مصر الدولة المركزية الأعرق في التاريخ، لا تناسبها التوازنات ولا المحاصصة ، ويعلمنا التاريخ أن طرفاً لا بدً وأن يحسم الصراع لصالحه ، وعادة ــ بحسب التاريخ أيضاً ـ ما ينكل بمناصري خصمه  بل والمتعاطفين معه ، الأمر الذي يعني ــ تحليلاً ــ أما احتدام الصراع وصولاً إلى ذروة ينجح طرف في حسمها لصالحه ، وأما تنامي قوة طرف وتسليم الآخر له والانضواء تحت جناحه طوعاً.

ساسة وإعلاميون يحاولون الآن استكشاف المسارات المحتملة ، وترتيب أوراقهم للقفز من المراكب الغارقة واللحاق بقوافل الناجين ، لكن الغموض لا يزال سيّد الموقف ...