محمد بن سلمان "ملكاً".. رُحّلت أزمة قطر والقادم أعظم
الترحيب الكبير لوسائل الإعلام الإسرائيلية بالمنصب الجديد لمحمد بن سلمان، ووصفها للأمير بالشريك الاستراتيجي، وماكشفته صحيفة هآرتس عن زيارات سرية قام بها ولي العهد الجديد لإسرائيل في العام 2015 وكذلك عن لقاء بين ضباط سعوديين وإسرائيليين في الأردن، وربطاً مع اتهام موسكو لواشنطن نشرها بطاريات صواريخ في منطقة الحدود السورية الأردنية، يشي بالكثير عن تطورات في المرحلة القادمة.
السؤال الأبرز في حضرة الجديد السعودي، هو ماهية السلوك السعودي خلال الفترة القادمة، وما هو شكل السياسة ولاسيما الخارجية منها، التي سيرسمها "الملك" الشاب، والمهم أيضاً مآلات الأزمة مع قطر كيف ستكون وكيف سترسو نهاياتها؟
في اعتقادنا، ماعبرت عنه الولايات المتحدة على لسان الناطقة باسم خارجيتها هيثر ناورت عن دهشتها لعدم تقديم السعودية عن تفاصيل تبرر الحصار المفروض على قطر، وأنه كلما مر الوقت فإن الفشل سيكون مصير الإجراءات السعودية الإمارتية وتساءلت هيثر، هل بالفعل أن الإدعاء بدعم قطر للإرهاب هو السبب وراء الأزمة أم أن الخلاف يعود لأسباب خلافية قديمة؟ وكذلك اتصال ترامب بمحمد سلمان وتهنئته بالمنصب الجديد ومناقشته سبل حل الخلاف مع قطر، وأيضاً اتصال الأمير القطري مهنئاً بولي العهد الجديد، كل ذلك يؤكد ولاسيما بعد صفقة الأسلحة بين قطر والولايات المتحدة، ترحيل الخلاف مع قطر لأجل غير مسمى، وربما دفنه بالكامل.
الترحيب الكبير لوسائل الإعلام الإسرائيلية بالمنصب الجديد لمحمد بن سلمان، ووصفها للأمير بالشريك الاستراتيجي، وماكشفته صحيفة هآرتس عن زيارات سرية قام بها ولي العهد الجديد لإسرائيل في العام 2015 وكذلك عن لقاء بين ضباط سعوديين وإسرائيليين في الأردن، وربطاً مع اتهام موسكو لواشنطن نشرها بطاريات صواريخ في منطقة الحدود السورية الأردنية، يشي بالكثير عن تطورات في المرحلة القادمة، ولاسيما أن الجيش العربي السوري وحلفاءه عززوا من تواجهم العسكري هناك، ولا يبدو أن شيء سيعرقل تقدمهم مهما كلف الأمر.
النقطة الأهم هي في جرئية حديث محمد بن سلمان مؤخراً عن نقل المعركة لإيران، وهذا مابدأ يتأتى من التفجيرات والعمليات المسلحة التي شهدتها مؤخراً طهران، واتهم فيها المسؤولون الإيرانيون السعودية بشكل مباشر بالوقوف وراءها، وأن السياسات التصعيدية للعربية السعودية لم تعد تُحتمل.
المشهد في كليته يتحدد من المصلحة الإسرائيلية في إذكاء الفوضى وتقسيم المنطقة طائفياً ومذهبياً، وهو ما لا تعيه العربية السعودية في مضيها في التماهي وتطبيق الغايات الإسرائيلية التي لن تكون السعودية بمنأى عن تداعياتها وجغرافيا مآلاتها.
كتب لويس برنارد في وول ستريت جورنال في العام 2007 عن مؤتمر أنابوليس للسلام، وهو صاحب المخطط الأشهر في تقسيم الأقطار العربية الذي قدمه في ثمانينيات القرن الماضي في العام 1983 وأقره الكونغرس، وفي فترة كانت حرب الخليج الأولى في ذروتها، كتب برنارد لويس يقول : علينا النظر لهذا المؤتمر كونه مجرد مؤتمر تكتيكي موقوت هدفه تعزير التحالفات ضد الخطر الإيراني، وسيكون مهماً العمل على تقسيم المنطقة لكانتونات وإثنيات طائفية ومذهبية ودفع الأتراك والأكراد والعرب والإيرانيين والخليج للاقتتال فيما بينهم تماماً كما فعل الأميركان مع الهنود الحمر.
السعي السعودي للمواجهة مع إيران وتطبيق نظرية برنارد لويس التي تشكل جوهر الأجندات الإسرائيلية عن قصد أو غير قصد، لن يجلب إلا مزيد من الكوارث والتدمير والقتل لهذه المنطقة، وتغذية النيران لن يكون معها الداخل السعودي "محصناً" وبعيداً عن ألسنتها.
لا أحد يعرف أي مستقبل ينتظر المنطقة سيما مع "الحمية المرعبة" التي تكتنز شخصية وسلوك "الأمير الشاب" الذي بعواصف حزمه طفح اليمن قتلاً وجوعاً وتشريداً وخراباً وأوبئةً لم تبق ولم تذر، ولا نعرف ماذا سيحمله القادم الذي لانتمنى أن يكون أعظم من الماضي.