تناطح الكباش الخليجية.. الأسد يتفرّج
يستفيد الرئيس السوري بشار الأسد من الأزمة الخليجية في ظل كلام جهات خليجية عن الإرهاب شبيه بكلام الدولة السورية.
الحرب السورية تدخل مرحلةَ تحوّلٍ مفصلي أسّس لها الاقتتال السياسي لخصوم دمشق
لا أحد ربما أكثر من
الرئيس الأسد يسرّه المشهد المُستعر في الخليج هذه الأيام، والاتّهامات المتبادَلة
وتصاعد ألسنة النيران التي تُعشّش في خطاب المُتخاصمين هناك. اتهاماتٌ باتت تتحدّث
بمنطق الدولة السورية منذ الأشهر الأولى للحرب. وزير الدولة الإماراتي للشؤون
الخارجية أنور قرقاش اتّهم من بريطانيا قطر وتركيا بعسكرة الأزمة السورية، بينما
أجرت البحرية الأميرية القطرية والقوات الخاصة مناورات بحرية مع البحرية الملكية
البريطانية، ما يعزِّز القول ‘ن كل الكباش الخليجي المستعر اليوم، يأتي في إطار
الرعاية الغربية وإدارة "
تجارية" صرفة لليد الأَميركية، التي تبتزّ المتصارعين
لحصد المزيد من الأموال من خلال اللعب على كافة الحبال، وهذا ما دلّت عليه تسريبات صحيفة "واشنطن بوست" بوست الأميركية نقلاً عن مسؤولين في الاستخبارات الأميركية، وهو أنّ الإمارات متورّطة في اختراق موقع وكالة الأنباء القطرية، بعد أيام قليلة من تجديد
ترامب حديثه عن دعم قطر للإرهاب، ما يشير إلى أنّ القاعدة التي تستند إليها
أميركا ترامب في التعامل مع الأزمة الخليجية هي في إطار " ادفع تَسْلَم".إفرازات التناطح
الخليجي باتت تشكّل العمود الفقري للتحوّل في جبهة سوريا، إذ يبدو الرئيس الأسد
الأكثر حصاداً في السياسة والميدان، لجهة انعكاسات الانشغال الخليجي بالأزمة المتفاقمة،
والتي تتمظهر فيها بوضوح حالات التملّص من دعم الأطراف الخليجية لفصائل بعينها في
سوريا. من هنا نفهم التخبّط والتكفير وكَيْل الاتّهامات المُتنامية بين فصائل
الغوطة الشرقية، التي استجاب فيها جيش الإسلام المدعوم سعودياً، لمبادرة المجلس
العسكري في الغوطة لجهة التوحّد في جسم عسكري واحد، فيما رفض فيلق الرحمن المُتحالف
مع جبهة تحرير الشام النصرة سابقاً، الفكرة بكُليّتها، مطلقاً اتّهاماته لخصومه
لمستوى وصل إلى حد التعامل مع الدولة السورية.
تَعزّز الخلاف بين
الفصائل المسلّحة على الأرض، يجعل من الرئيس الأسد المتفرّج الأوحد في
حلبة الصراع التي تنبئ عن تصادم الخصوم المؤدّي والمؤسّس لكل عوامل الانهيار
التدريجي. هذا ما بدأ يعكسه تقدّم الجيش السوري في كثير من الجغرافيا، وآخرها السيطرة على حقلَيْ نفط جنوب الرقة.
الحرب السورية تدخل
مرحلةَ تحوّلٍ مفصلي أسّس لها الاقتتال السياسي لخصوم دمشق من جهة، والاتفاق
الروسي الأميركي في الجنوب السوري من جهة أخرى.
النقطة الوحيدة التي
تبقى موضع التشابك والتعقيد والتي تسعى موسكو لإدارتها وحسمها، هي تطوّرات الشمال
وما سُرّب مؤخراً عن دخول عشرات الآليات العسكرية الأميركية ووصولها للحسكة، من
هنا نقرأ ونفهم المباحثات التي أجراها نائب وزير الخارجية الروسي مع نظيره
الأميركي، والتي ستؤسّس لصيغة سياسية تقولب الاندفاعة الكردية والحميّة التركية الملتهبة.
السياسة كما الحياة
دولاب، ومن توعّد ووعد، وانتصرت حميّتُه، وتصدّر المهمات، وربّت على صدره، وأطلق
المراجل في سوريا، هو ذاته اليوم من يستجدي الحلول لأزماته، وبات يتحدّث بمنطق
الدولة السورية، عن الإرهاب ودعم الإرهاب.