القاهرة/الرياض.. فلفل وموالح وفواتير معلّقة
أنباء ــ تم تأكيدها مؤخراً ــ عن قرار سعودي بوقف استيراد "الفلفل " من مصر، سبقها قرار مماثل بوقف استيراد الموالح التي تُعدّ السعودية المستورد الأول لها، وقدّرت جهات اقتصادية حجم خسائر القاهرة من القرارين بمئات الملايين ..
على مدار أشهر حرص الجانبان على تأكيد متانة العلاقة واتفاق وجهات النظر، وتوّج " الغزل العلني " بزيارة العاهل السعودي إلى القاهرة، في زيارة وصفت بالتاريخية وإن لم تثمر إلا عن انقسام مجتمعي حاد في مصر بسبب اتفاقية ترسيم الحدود البحرية ومصير جزيرتي تيران وصنافير المصريتين، والذي بات معلقاً بمعركة سياسية وقانونية لا زالت قائمة .
هل بدأ الشرخ في علاقة البلدين برحيل الملك عبدالله والانقلاب الخشن على إرثه السياسي بقيادة وليّ وليّ العهد السعودي محمّد بن سلمان، والذي تزعم مصادر إعلامية عربية وغربية أنه بات الحاكم بأمره في مطبخ القرار السياسي السعودي؟، أم أن الأمر يعود إلى سياسة القاهرة المراوغة منذ الثلاثبن من يونيو، في محاولة صعبة للحفاظ على التوازن السياسي والاقتصادي في ظلّ تقلّبات مُربكة تجتاح الاقليم ؟
في كلا الحالين يبدو أن "فواتير معلّقة " بات موعد استحقاقها باتاً، فواتير لا تتعلّق فقط بدعم الرياض لثورة الثلاثين من يونيو ونظام حُكم الرئيس السيسي، بل برغبة الرياض منذ أواخر السبعينات في " شراء " موقع القاهرة السياسي والاقليمي، وهي الرغبة التي لم يمانع الرئيس الراحل أنور السادات قبولها حينما قال عن الملك الراحل فيصل ــ كلاهما رحل اغتيالاً ــ هذا زعيم العرب وأنا رئيس مصر فقط !!
الرئيس السيسي بات الآن مُطالباً إما بدفع ما تريده الرياض وبن سلمان، لا ما تستحقه فقط، وإما التحوّل إلى هدف لنيران الحملات السياسية والإعلامية المدعومة سعودياً، ولن تنفعه محاولات التوازن على الحبال المشدودة في الاقليم، صحيح أن موقف القاهرة من ملفات مثل سوريا واليمن بات واضحاً لكنه لازال غير مُعلن وهنا تكمن أحد أغرب المفارقات،
ومع توالي الضربات الموجعة لسياسة بن سلمان وإشارات الصراع الداخلي في المملكة، والتراجع الاقتصادي المروّع، يبدو الخيار السعودي بمثابة انتحار سياسي وقد أثبتت الأيام والتجارب أن السيسي أذكى من السقوط في مثل هذا الفخّ.