الميادين.. ليس كمثلها بيت

القناة الصاخبة الهادئة في آن. المفعمة بروح الشباب. النشطة بهدوء وضجيج. ضجيج منتج.

 تلك الوليدة ذات العود القاسي. العاتية أمام الرياح. منذ الاعلان عن تأسيسها ظلمت وحملت الكثير. رسمت لها الأجندات ووزعت لها حقائب السفارات. وظُن بها السوء عن سابق إصرار وتصميم. فحوربت ولا تزال سراً وعلانية.

لعل التجربة في هذه القناة تختلف عن أي قناة أخرى. مع إشراقة كل صباح تجربة جديدة غنية بكل ما للكلمة من معنى. فكل اجتماع صباحي هو مشوار عمر حقيقي، فيه تقدم ثمرة خبرات وتجارب وقناعات والتزامات تجعلنا أمام مأثرة إبداع فنان شغوف يرسم لوحة غاية في التعقيد والبساطة والجمال في آن.

بالرغم من ذلك، لم نصل في أي يوم الى مرحلة الرضى والاكتفاء، فنشرات الميادين تُحبك كأنها سجادة يدوية الصنع. ليست أبداً معلبة أو مقولبة. هدفها وبوصلتها فلسطين، حين عز الناصر والمعين، ودائماً لها الأولوية قبل أي خبرٍ آخر.

 كانت الميادين ولا تزال صادقة في زمن الكذب الممنهج والمبرمج. مساحة الأمل في الميادين كبيرة، الأمل برسم خارطة عربية متآخية بعيدة عن الاحتراب والتقاتل والخداع والمكر والكذب والدجل والنفاق وشراء الذمم وبعيدة عن التقسيم والتهجير والقتل والذبح وشق الصدور وأكل الاكباد.

لم تحجب ضيفاً ولا وضعت "فيتو" على خبر، حتى وإن كان "خارج سياساتها"، فلو كُشف الغطاء عن الميادين لن تزدادوا إلا يقينا. المئات من التعميمات بعدم تغييب المعارضين لأي نظام كان، وتعميمات بعدم المقاطعة - أتركوا الضيوف - طالما هم ضمن الأدب والمفردات السياسية المشروعة في عالمنا العربي والإقليمي. فهذا حقهم وحق من يمثلون. هذه التعاميم ليست للتذكير بالتوجيه السياسي الداخلي والخارجي للقناة بل هي تلاحق ويتابع تنفيذها.

 لم تحجب خبراً لأجل رفع معنويات فريق على حساب فريق آخر، لأن في ذلك خداع لجمهورها قبل غيره، حتى عند خسارة جولة لبعض المحاور، كانت تصر على نقل الخسارة كما هي دون "رتوش"، لأن الميادين هي الخبر الصادق. هي الخبر كما هو وليس كما يشتهي زيد أو عمر أن يكون. لم يعش جمهور الميادين في روحية انتصار اكتوبر 1973. فرضت الميادين أن هناك أيام تذكرنا بنكسة 1967.. لقد قال مظفر النواب يوماً: "القدس عروس عروبتكم".. فماذا كان سيقول بالميادين يا ترى وهي ابنة فلسطين الوفية؟

نعم أنا مياديني الهوى والهوية والقضية. وشعارها وسام شرف وعزة على صدر كل شريف ومحب وغيور على هذه الأمة...