في الكاريبي التقى المُحرّرون العالميون.. من سليماني إلى بوليفار
مقاومة ميدانها العالم، منظورها التحرّر العالمي ونهجها عالمية المقاومة.
جزماً وحزماً وحسماً.. إن بقاء أبعد مقاوِم في العالم صامِداً لهو مساوٍ تماماً عندنا لصمود كل فلسطيني في القدس الشريف. يتوقّف أمر العالم من هنا فصاعداً على المقاومة؛ على المقاومة العالمية بلا رَيْب يتوقّف مصير أمَّة المقاومة العالمية، بل أمّة المقاومة الإنسانية. وفي وَضَح السطوع الكافي والمُستحقّ يتعزَّز ويتعمَّق ويتوسّع ويتجذّر الخط الثوري الإنساني العالمي الذي ينحت مستقبل بشرية الحق والاقتدار، البشرية التضامنية، بشرية "الكرامة الأبدية". مقاومة ميدانها العالم، منظورها التحرّر العالمي ونهجها عالمية المقاومة.
يرتسم مدى الجدوى والمعنى والرسالة. وتأخذ حرية المقاومة أبعادها كأنما هي "نفس عُليا" بلغة الفلاسفة. لكأنها جماعة روحية عالمية واحدة وموحّدة. ويستكشف ويستشرف المدى العالمي للمقاومة. المقاومة الروح والذوق والقيمة والفَرادة. ويترجم اعتزازاً وتحدياً ونجاحاً في كسر الحصار وقوّة معنوية هائلة.
يأتي ذلك بالتزامن مع إحياء ذكرى تجسيد الصورة الاستشرافية الجامعة؛ الصورة المستقبلية التمثيلية التي تجسّم صورة التحرير والنصر الآتي الذي سوف تجتمع فيه كل قلوب وعقول وعيون وسواعد وبنادق كل أشراف وأطهار وأحرار العالم النبيل كما نراه في التوثيق الاستشرافي لواقعة دحر الإحتلال من الوجود وزوال نظام الصهيونية العالمية مهما كانت مسافة الزمان الفاصلة. إنه يوم من أيام آيات وصوَر تمهيد يوم القدس العالمي في كل الساحات على أنه يوم من أيام كل مقاومي الهيمنة في كل العالم وليس فقط دفاعاً عن فلسطين.
ليس الخبر مُجرّد وصول ناقلات الجمهورية الإسلامية في إيران إلى أحضان سيادة فنزويلا الحرّة والمستقلّة والموحّدة والمقاوِمة، على الأهمية الاستراتيجية القصوى لذلك على المستويات السياسية والجيوسياسية والاقتصادية والجيو-اقتصادية والاستراتيجبة والجيوستراتيحية، بل النبأ الكبير في الواقعة العظيمة التي وقعت وأبت ألا تقع إلا على أيادي الشرفاء في تشابُك جليل. وما ذلك إلا دليل على أن أصحاب الرسالة، المُرسِل والمُرسَل إليه، قد قرّرا طوراً مهماً من المصير: مصير السيّد سيّد ومصير الذليل ذليل.
نقرأ في الرسالة زماناً ومكاناً وفواعِل ومعنى، نقرأ بشعاع خيوط الشمس خطوط الانفتاح والالتحام ومواجهة الغطرسة والطغيان. إنا نرى روح الشهيد قاسم سليماني تُحلّق تسري تسبح تطير تفوح تطوف فوق مياه الكاريبي مثلما حلّقت في كل الأراضي المُقدّسة في "أسرار" كل محور المقاومة. وإن الروح التي لا تفارِق نهج التحرّر تواصل طريقها أكثر من كونها تعود وتُعانق أرواح خوسي مارتي وسيمون بوليفار وأرنستو غيفارا وفيديل كاسترو وهوغو تشافيز وغيرهم كثيرون.
اليوم فنزويلا وغداً الكتلة الجيوسياسية البوليفارية بأسرها واقليم المقاومة البوليفارية بأسره. اليوم إيران وغداً سوريا والعراق واليمن والجزائر... إن عالم شرطي العالم ولّى وانتهى وإن لم يكن العالم يراه بوضوح. إننا لا نستعجل وإنما نؤكّد على العقيدة الاستراتيجية المقاوِمة الثابتة التي تواجه العقبات وتقدّم التضحيات.
فنزويلا ليست أبداً "بندقية صغيرة". وإيران ليست أبداً فاصلة مُغامِرة عارِضة أو مؤقّتة. ومن هنا فصاعداً على العالم أن يقوم بكل ما يستطيع أن يقوم به، فهذا مثال الانتصار وهذا مثال استراتيجي حيّ وخَرْق ضد الخَنْق لا أسطورة ولا أمثولة ولا مُجرّد سىردية مُصْطًنعة أو مروية تراثية بل قصص ثوري محايد وملازم وواقعي.
لقد وقع ما وقع تحت أنظار العالم وعلى مدى أسابيع في البحار والسماوات المفتوحة لا في الحدائق الخلفية وتحت جَنْح الظلام وبوجوه مكشوفة لا بأدوات عملاء. ومهما يكن ما سوف يقع في المستقبل فإن صوتاً إيرانياً- فنزويلانياً وصل إلى مسامِع العالمين صرخة كُبرى.
اليوم اكتمل وترسّخ اللقاء. وكما قال سفير الجمهورية الإسلامية الإيرانية في كاراكاس حجت سلطاني: "الحب يدفع بالحب. ففي عام 2008 أرسلت فنزويلا تحت قيادة القائد تشافيز الغازولين إلى إيران التي كانت تخضع للعقوبات. واليوم أرسلت هذه الأمّة الفارسية بقيادة الإمام الخامنئي ناقلات الغازولين إلى أرض الأبطال فنزويلا. عاشت الأخوّة إيران – فنزويلا".
طوبى، طوبى، طوبى.