"كورونا" وأخواتها على مواقع التواصل.. لماذا ازدواجية المعايير؟
كشف فيروس "كورونا" ازدواجية معايير الشركات الكبرى في التعامل مع الأخبار المضلّلة المنتشرة حوله.
بما أنَّ عمالقة مواقع التواصل الاجتماعي أكثر من يواكب المستجدّات، كي تجعل العالم الإفتراضيّ عالماً يتماهى مع الواقع، قامت أضخم شركات مواقع التواصل منذ أسبوع بتسهيلاتٍ للمستخدمين للحدّ من انتشار عدوى "كورونا"، من خلال سلسلةٍ من الإجراءات التي تُعنى بالمواضيع التي تغزو الفضاء الافتراضي، وتتعلَّق بالفيروس الفتاك الَّذي غزا الصين وعدداً من الدول الأخرى مؤخراً.
حلّة صحّية
لبس الفضاء الافتراضي الحلّة الصحّية هذه المرة، إذ قامت شركات "فايسبوك" و"غوغل" و"تويتر" بحسب زعمها بمنع انتشار الأخبار والتقارير المزيّفة والمضلّلة حول فيروس "كورونا"، واتّخذت إجراءاتٍ فعّالةٍ تخدم المستخدم.
وقامت شركة "فايسبوك" بمحاربة المعلومات والأخبار الكاذبة المتعلّقة بالفيروس، وعملت بجديةٍ على "فلترة" المعلومات المنتشرة حوله. وقد أعلن "فايسبوك" أنّه أصدر 9 مراجعات للمعلومات المزيفة المنتشرة حول "كورونا"، بالتعاون مع 7 منظمات، وخفض ظهورها على صفحات المستخدمين الأساسية.
كذلك، حاربت الشركة انتشار المعلومات الخاطئة بين مجموعات "فايسبوك"، والّتي تتضمّن مزاعم مضلّلةً لأساليب العلاج، كتلك التي تدّعي أن زيت الزعتر البري يعالج الفيروس، على سبيل المثال لا الحصر. وأكَّد العملاق الأزرق منع انتشار أخبارٍ كاذبةٍ تتعلّق بالفيروس قد تثير الفتن عالمياً.
أما "تويتر"، فيمكن تسميته الآن "العصفور الأحمر"، على غرار "الصليب الأحمر"، ذلك أنّه قام منذ الأسبوع المنصرم بإرشاد المستخدمين الَّذين يبحثون من خلاله عن المراكز الصحّية الّتي تقوم بتصنيف الشخص وتحديد إصابته بالفيروس وكيفية الوقاية منه لعدم انتقال العدوى إليه، وفقاً لصحيفة "واشنطن بوست".
جهود كلٍّ من "فايسبوك" و"تويتر" تُضاف إليها مبادرةٌ لافتةٌ من منصة "يوتيوب"، المملوكة لشركة "غوغل"، إذ أعلنت أن خوارزمياتها أصبحت تمنح المصادر الموثوقة حول "كورونا" الأولوية، ولفتت إلى أنَّ عدداً من مقاطع الفيديو التي تحتوي معلوماتٍ مزيّفةٍ - كما أيّ شائعةٍ على منصات مواقع التواصل - حقَّق نسب مشاهداتٍ عاليةٍ على الموقع. لذا، يستطيع التحديث الجديد للخوارزميات أن يحدّ من المشكلة حتماً.
الحدّ من انتشار العدوى
يبدو أنَّ عدوى "كورونا"، المتمثلة بالأخبار المضلّلة المنتشرة حوله، لن تنتقل إلى مستخدمي روّاد المنصات الـ 3، بعد أن قامت عمالقة منصات مواقع التواصل بحملة هجومٍ عنيفةٍ عليها، على الرغم من الصعوبة البالغة في الحد من انتشار المعلومات المزيّفة بين الأخبار التي تهمّ المستخدم بشكلٍ شخصيٍّ في الفضاء الافتراضي.
ماذا عن الأخبار السياسيّة المضلّلة؟
تأتي هذه المبادرة الفرديّة في الحدّ من انتشار المعلومات المضلّلة والأخبار الكاذبة، في وقت تطلب الدول والحكومات أجمع من "فايسبوك" و"تويتر" و"يوتيوب" الحدّ من انتشار الأخبار السياسية المزيّفة التي قد تتحكَّم بمصير العالم، ولا سيّما خلال الانتخابات، إلّا أنّ الجهود الفعلية التي تبذلها عمالقة مواقع التواصل ضئيلةٌ، ولا تُلبّي الغرض المطلوب، في حين لا تملك الحكومات سوى الضغط المادي عليها، من خلال رفع دعاوى عليها عند نشر معلومات مغلوطة ومحاكمتها وفرض الضرائب عليها لا أكثر.
إذاً، كشف فيروس "كورونا" ازدواجية معايير الشركات الكبرى في التعامل مع الأخبار المضلّلة المنتشرة حوله، والتي استطاعت محاربتها بسلسلة إجراءاتٍ صارمةٍ، في وقتٍ تغزو الأخبار المزيفة الفضاء الالكتروني، على أمل أن تتكرَّر التجربة، وأن تحارب عمالقة مواقع التواصل الاجتماعي فيروس "الأخبار السياسيّة المضلّلة" التي تلقى انتشاراً أكبر من "كورونا" بين المستخدمين.