صفقة القرن فرصة لانتشال السّلطة من وحل أوسلو

المرحلة الآن هي فرصة للهجوم على أميركا و"إسرائيل" وانتشال السلطة من وحل أوسلو. هذا هو الدَّور المطلوب من التنظيمات كافّة، وليس ردم السّلطة بالتراب.

  • صفقة القرن فرصة لانتشال السّلطة من وحل أوسلو
    المرحلة الآن هي فرصة للهجوم على أميركا و"إسرائيل" وانتشال السلطة من وحل أوسلو (أ ف ب)

الأهمّ من البحث في القبضة الأمنيَّة للسّلطة هو البحث عن موقف حركة فتح، وكلّنا يعلم أنَّ السلطة ليست أقوى من "إسرائيل"، والأخيرة لم تكن يوماً قادرة على إحكام القبضة الأمنية على الضفة بالكامل، والسلطة محسوبة على حركة فتح، والحركة لها حضور كبير وسط الشَّعب الفلسطيني، أي أنَّ القبضة الأمنيَّة متينة بسبب حضورها، وهي قوة لا يُستهان بها.

وفي حال اتَّخذت فتح قراراً بالمواجهة، فإنها ستقلب الموازين في الضفة، وستذهب القبضة الأمنية أدراج الرياح، تماماً كما حصل في بداية انتفاضة الأقصى. قاتلت فتح في الضفّة كما قاتل عناصر القوى الأمنية في السلطة أيضاً. إذاً، القبضة الأمنية ليست مشكلة، والأهمّ هو القبضة السياسيّة واتخاذ قرار سياسي من حركة فتح بالمواجهة، وبالتالي ستصبح عندها السلطة تلقائياً جزءاً من المواجهة.

بغضِّ النظر عن الآراء بمشروع السلطة السياسيّ، لكن لا ينكر أحد أنَّ السلطة لديها مشروع سياسيّ تمثّل في اتفاق أوسلو، وهو إقامة دولة فلسطينية في حدود الـ67 (القدس الشرقية والضفة وغزة مع تبادل لبعض الأراضي)، وأنها كانت جادة في المضي بهذا المشروع، بغض النظر عما حقَّقته وعن الطرق التي سلكتها لتحقيق مشروعها السياسيّ (هذا ليس موضوع المقال).

راهنت السلطة بشكل كبير لتحقيق مشروعها السياسي على الأميركيين و"إسرائيل" والأوروبيين، وعلى العرب في المبادرة العربية. الآن، صفقة القرن تنسف ما تبقى من أوهامٍ لمشروع السلطة السياسيّ. وهنا يكمن الخطر على السلطة، ذلك أنَّ صفقة القرن تنسف مشروعها التي قامت من أجله، وكأنها تقطع الحبل السري عنها. لذلك، في تقديري، إنَّ السلطة جادة باتخاذها مواقف تصعيدية لا يمكن التنبؤ بتحديد شكلها. ربما تكون أمنيّة أو شعبيّة، لكن بالتأكيد ستكون هناك خطوات تصعيدية.

البعض يذهب في السياسة إلى الشماتة والقول إنَّ القائمين على السلطة أثبتوا أنهم خونة وراهنوا على الفشل، ثم إطلاق الشتائم، ولكن شتم السلطة الآن غير مُجدٍ، والضَّغط عليها أيضاً غير ذي منفعة، فالحالة الفلسطينيَّة لا تحتمل الشتم والتراشق أو الضغط، والأفضل هو الضَّغط على أميركا بالقول إنَّها هي التي دمَّرت مشروع السلطة، وإن الرهان عليها كان فاشلاً، وقد آن الأوان للسلطة لكي تنضم إلى الكلّ الفلسطيني لإعادة المشروع الوطني وترميمه وترتيبه.

المرحلة الآن هي فرصة للهجوم على أميركا و"إسرائيل" وانتشال السلطة من وحل أوسلو. هذا هو الدَّور المطلوب من التنظيمات كافّة، وليس ردم السّلطة بالتراب، تماماً كما يفعل الداعية، فهناك من ينتشل السّكير من الخمّارة إلى المسجد ليصبح داعيةً مثله، وهناك من يُخرِج الناس من المسجد إلى الخمارة بسبب دعوته السيئة.

المطلوب من الداعية أن تكون نية هداية الناس حاضرةً في قرارة نفسه، أن يكون محباً لهداية الناس، شديداً على الكفار، ورحيماً على إخوانه. المطلوب أن تكون صفقة القرن ساعةً للنّهوض والمواجهة، وهي ساعة أيضاً لمغادرة الأوهام، والمطلوب أيضاً إعادة النظر في أدوات النضال، وإعادة تصنيف الأعداء والأصدقاء والحلفاء، ومغادرة الرهانات الخاسرة.

 

سنتان من التحضير والتنازلات من قبل إدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب من أجل إعلان ما بات يعرف بـ "صفقة القرن"؛ هذه الصفقة التي يراد منها الإمعان في ظلم وسرقة الشعب الفلسطيني وإنتهاك حقوقه.