ماذا يمنع المقاومة الفلسطينيّة من استهداف منصات الغاز؟

لا يمنع الفلسطينيين شيء من المطالبة والضغط بكل الوسائل، بما في ذلك العسكرية، للمطالبة بالحق الفلسطيني بالغاز.

  • ماذا يمنع المقاومة الفلسطينيّة من استهداف منصات الغاز؟
    ماذا يمنع المقاومة الفلسطينيّة من استهداف منصات الغاز؟

بعدما أثبتت المقاومة الفلسطينية خلال معركة "سيف القدس" أنّ لديها القدرات التي تمكّنها من استهداف منصات الغاز قبالة شواطئ قطاع غزة، تعطي المتغيرات الدولية والإقليمية للمقاومة الفلسطينية فرصة للتحرك للمطالبة بحق الشعب الفلسطيني في ثرواته المنهوبة، وخصوصاً الغاز قبالة قطاع غزة.

ينظر الفلسطينيون باهتمام كبير إلى التطورات الدولية والإقليمية، وخصوصاً أزمة الغاز بين روسيا وأوروبا، والتوتر الشديد بين المقاومة الإسلامية في لبنان وكيان الاحتلال على خلفية حقل "كاريش"، وباتت القناعة أكبر بأنّ الوقت الحالي مناسب للمطالبة بالحقوق الفلسطينية المنهوبة، في ظلّ رغبة الاحتلال في زيادة كمية الإنتاج من الغاز، استغلالاً لزيادة الطلب في أوروبا بعد وقف روسيا إمدادات الغاز.

خلال الشهر الماضي، قدّمت المقاومة في قطاع غزة مجموعة من الرسائل السياسية والميدانية حول ملف الغاز، بما في ذلك إطلاق طائرات مسيرة انتحارية فوق فعالية تطالب بالحق الفلسطيني بالغاز قبالة سواحل قطاع غزة، فيما نفّذت سلسلة من التجارب الصاروخية تجاه البحر، في إشارة إلى تطوّر قدراتها على إحداث ضرر مؤثر في المنصّات، إضافةً إلى امتلاكها أنواعاً مختلفة من الطائرات المسيرة التي يمكنها أن تصل إلى منصات الغاز وتستهدفها.

بعد معركة "سيف القدس"، بات واضحاً أنّ المقاومة الفلسطينية تمتلك من القدرة والجرأة ما يُمكِّنُها من الدخول في مواجهة جديدة مع الاحتلال لأهداف وطنية وتحقيق إنجازات ضمن المواجهة المستمرة. وبناء عليه، فإنّ أيَّ حسابات لا تأخذ هذا المعطى بعين الاعتبار تكون قاصرة، ولا تفهم الجرأة الكبيرة التي تمتلكها المقاومة الفلسطينية.

من يعتقد أنّ التحسينات الاقتصادية، كالسماح لآلاف الفلسطينيين بالعمل في الداخل المحتل وبعض المنح، يمكنها أن تكون كابحاً لتحركات المقاومة سيكون واهماً ولا يعرف التغييرات التي تمّ تثبيتها خلال معركة "سيف القدس" في العام الماضي، إذ إنّ الوسطاء وتحركاتهم لن يستطيعوا كبح جماح المقاومة الفلسطينية عن المطالبة بإنهاء الحصار، وأقلّه فتح ممر بحري لقطاع غزة.

الفلسطينيون في قطاع غزة، في ظلّ استمرار حالة الحصار والتضييق المستمر على حياتهم ومعيشتهم، لا يوجد لديهم ما يخسرونه. وبناءً عليه، فإنّ فرص الذهاب إلى المواجهة لإنهاء الحصار وتثبيت الحقوق في الثروات الطبيعية ترتفع مع الوقت، في ظل ضجر كبير لدى المواطنين من استمرار الحصار.

لا شكّ في أنّ كيان الاحتلال وبعض الأطراف العربية يريدون سحب البساط من تحت أرجل المقاومة في قطاع غزة في قضية المطالبة بالغاز الفلسطيني، عبر الإعلان عن سماح كيان الاحتلال لمصر باستخراج الغاز لمصلحة السلطة الفلسطينية.

ترى المقاومة في قطاع غزة أن هذا الأمر غير مقبول، في ظلِّ تجاهل متعمّد لقطاع غزة وحقوق المواطنين المحاصرين فيه. وقد كانت رسالة المقاومة واضحة بأنّها تمتلك القدرة على تعطيل البيئة الآمنة التي تحتاج إليها شركات التنقيب لبدء العمل.

إنّ تمرير مثل هذا المخطط من دون العودة إلى المقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، ومن دون مناقشتها في تفاصيله، قد يدفعها إلى تحركات تؤدي إلى وقف هذا المشروع الالتفافي، إذ إنّ مثل هذا المشروع لم يعرض على أبناء الشعب الفلسطيني، وتوجد معلومات بوجود فساد في إدارته من السلطة الفلسطينية في رام الله، ووجود سرقة متعمّدة بالتواطؤ مع الاحتلال وأطراف أخرى.

الغزّيون لا يمكن أن يقبلوا بمزيد من التهميش في قضية الغاز، وهم يرون أنّ هناك حلولاً يمكن مناقشتها بشكل فعلي لإعطاء القطاع حصّته. وهنا، يمكن مناقشة مجموعة من المشاريع المهمة للغزيين، وخصوصاً في مجال إعادة إعمار الأبراج المدمرة خلال الحروب وتعويض المنشآت التجارية، إضافةً إلى معالجات استراتيجية لملف الكهرباء والبنية التحتية.

لا يمنع الفلسطينيين شيء من المطالبة والضغط بكلّ الوسائل، بما في ذلك العسكرية، للمطالبة بالحقّ الفلسطيني بالغاز. ولا خلاف في صحّة ما حذّر منه مصدر إسرائيلي في الآونة الأخيرة من أنّ الاتفاق البحري المتبلور مع لبنان يشكّل سابقة في كلّ ما يتعلّق بالنزاعات البحرية بين "إسرائيل" من جهة، وقطاع غزة وقبرص ومصر من جهة أخرى، وأنّه سيفتح شهية حركة "حماس" للحصول على حقل "لفيتان" قبالة عسقلان، بعد حصول لبنان على كل المنطقة البحرية المتنازع عليها.

لا يوجد لدى المقاومة الفلسطينية ما يمنعها أو يردعها عن استهداف منصات الغاز قبالة قطاع غزة، في ظل التهميش المتعمّد للمقدّرات والمكوّن الفلسطيني في غزة، فهي لا تخشى المواجهة العسكرية، ولا تخشى مزيداً من الحصار الَّذي لا يزال متواصلاً على القطاع منذ أكثر من 16 عاماً.