الميادين.. فكرة المواجهة عندما تتحوّل إلى مؤسسة
أثبتت الميادين برسالتها وصورتها وتغطيتها وكوادرها أنها الأقدر على تلبية احتياجات المواطن العربي في شتى الجوانب السياسية والمعرفية.
تمرّ الذكرى الحادية عشرة لانطلاق قناة الميادين تزامناً مع جملة من الأحداث والذكريات، وسط ثبات في الرؤية وانحياز واضح للمشاهد العربي الواعي، وباتت قبلة لجميع الأحرار في المنطقة والعالم للاطلاع على الحقيقة كما هي.
مثّلت قناة الميادين الصورة والمحطة الأبرز للإعلام المقاوم في المنطقة، خاصة في ظل المحتوى الأخلاقي والثقافي المعرفي الغزير الذي تقدّمه للمشاهدين في العالم العربي والإسلامي، إذ إنها الأقرب إلى شعوب المنطقة، في ظل تبنّيها لخط وبرنامج المقاومة الذي يرفض الهيمنة والتبعية للولايات المتحدة ودولة الاحتلال الإسرائيلي.
الميادين تحمل رسالة المقاومة الإسلامية في لبنان ودفاعها عن الأرض اللبنانية وحماية حقوق الشعب العربي اللبناني، بل كان لها الدور الأبرز في إعلاء صوت المقاومة التي انتصرت في معاركها السابقة، وأبرزها حرب تموز عام 2006، وقد حملت الميادين رسالة المقاومة الإسلامية اللبنانية في مناصرة القضية الفلسطينية وهذا الأمر يجعلها دائماً في مواجهة الزيف الذي يصوّر التطبيع والانبطاح مصلحةً وتطوّراً وتماشياً مع الرغبة العالمية التي تقودها الولايات المتحدة لمصلحة "إسرائيل" في المنطقة.
الميادين اليوم تحمل رسالة المقاومة الفلسطينية بشتى فصائلها، وتقدّم لهم المساحة الكافية التي يعبّرون من خلالها عن توجّهاتهم وبرنامجهم المقاوم في وجه الاحتلال، وهذا الأمر يؤهّلها في العشرية الثانية لها لأن تكون في صدارة الإعلام في المنطقة، وهذا الأمر يمكن استنباطه من التحوّلات الكبيرة التي تشهدها المنطقة، إذ تنبئ الأحداث بأن المستقبل لخيار وبرنامج المقاومة وأن سياسات الخيانة والتطبيع ستكون في انحسار ولن يكون لها أي مستقبل في ظل الرفض الشعبي المتنامي لها.
لقد كانت لقناة الميادين محطات مهمة في مناصرة القضية الفلسطينية، فقد كانت الرائدة في تغطيتها للحرب على غزة عام 2014، وخلال مسيرات العودة في العام 2018، وفي 17 جولة قتالية بين المقاومة والاحتلال خلال الأعوام التي تلتها، وقد تجلّت أجمل صور دعمها للمقاومة الفلسطينية خلال معركة سيف القدس في العام 2021، وأخيراً وليس آخِراً تغطيتها في معركة وحدة الساحات 2022.
وأصبحت الميادين الرفيق الحقيقي للرواية الفلسطينية المقاومة، إذ لا تسمح بالروايات المزيّفة، ولا تعطي المساحة لمن يحملون الأفكار المزيّفة، بل لا تعطي أي مجال للاحتلال لنقل روايته المضللة التي تحمل أبعاداً من الحرب النفسية، ولهذا تعدّ الميادين منارة الإعلام المقاوم في المنطقة.
أثبتت الميادين برسالتها وصورتها وتغطيتها وكوادرها أنها الأقدر على تلبية احتياجات المواطن العربي في شتى الجوانب السياسية والمعرفية، على الرغم من محاولات التشويه التي تعرّضت لها خلال السنوات الماضية من جهات تحارب المقاومة ومشروعها.
إن تبنّي قناة الميادين لسردية الحقيقة الرافضة للسياسات الغربية التي تريد استعمار الشعوب وانتقاص حقوقهم وسلب ثرواتهم جعلها في محل الاستهداف من قبل الكثير من الأطراف التي تدور في فلك الإدارة الأميركية، بل إن إصرار إدارتها على التمسّك بهذا الخط عقّد من مهمتها في الميدان، لكنه في الوقت ذاته جعلها الأقرب والأصدق من وجهة نظر المشاهدين.
وعند الحديث عن السرديات التي تتبنّاها قناة الميادين لا يمكننا إغفال أنها نقلت المشاهد العربي من سردية المقهور والمغلوب على أمره من العدو إلى سردية المنتصر أو الذي يتجهّز للانتصار على من يحتل أرضه، ومن يشاهد شاشتها أو يتابع أدواتها الإعلامية الأخرى يلحظ روح المقاومة والتضحية والفداء، والمواجهة، ورفض الغطرسة والهيمنة.
واستطاعت بناء سردية عربية مضادة للسرديات الإسرائيلية والغربية، أو مقاومة لها، عبر تفكيك أساطيرها وأبطالها وحبكاتها، ونقل صورة مختلفة حول قضايا الأمة والقضية الفلسطينية على وجه التحديد، واستطاعت رسم صورة المقاوم في القدس ودمشق وصنعاء وغيرها من العواصم، بل وحملت رواية اللاجئين والمطرودين والمنفيين والمغيّبين وحوّلتهم إلى أبطال يمكنهم مواجهة التجبّر والتكبّر.
بكل صدق الميادين في عامها الحادي عشر تستحقّ الإشادة والشكر، لدورها العظيم في دعم المقاومة وخيارات الشعوب والمستضعفين في دول العالم، ولدعمها مدّ الإنسان بالحقيقة، ولكونها تعبّر عن فكرة المقاومة التي تحوّلت إلى مؤسسة ضمن مشروع استراتيجي كبير.