وهم الحسم العسكري يطيل الحرب في اليمن
التهديد بمقاطعة مشاورات الكويت، يشير إلى استمرار المراهنة على حرب عبثية لا تؤدي إلى نصر عسكري. لكنها حرب لشفاء الغليل بالحرب.
من مشاهد الحرب على اليمن
على حين غرّة يصل الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، إلى
سبأ بصحبة نائبه علي محسن الأحمر. يعِد الرئيس "باحتفال قريب في صنعاء"
كالاحتفال السابق في عدن بحسب تعبيره. لكنه يتوعّد أنصار الله "بمنعهم من
إقامة دولة فارسية" في اليمن، ويهدّد الأمم المتحدة بمقاطعة مشاورات الكويت
إذا أصرّت الأمم المتحدة على استمرار ما وصفه بالضغوط، للحل السياسي.
على الأثر حثّه مراسل فضائية عربية شغوفة بالحرب، ما إذا
كانت الزيارة مع القائد العسكري علامة "على تدشين معركة تحرير صنعاء التي طال
انتظارها" كما قال. لكن الرئيس ردّ على غير هوى الحرب بالنظارات، فقال لا
يوجد شيء اسمه معركة تحرير صنعاء الآن. على الرغم من هذا النفي استمرّ الحديث عن
معركة نهم قرب العاصمة اليمنية وعن وصول قوات النخبة السعودية وفريق خاص يشرف على
المدفعية الثقيلة في شرق العاصمة، استعداداً للمعركة الحاسمة.
ما تؤكده المعلومات المتقاطعة هو أن المعركة يشنّها
الجيش وأنصار الله في منطقة كرش بمحافظة لحج الجنوبية، في اتجاه جنوب البحر الأحمر
إلى باب المندب. في هذا الصدد تردد أن التعزيزات العسكرية لقوات الرئيس هادي تأتي
من عدن، بعد نداء استغاثة من منطقة الصبحة في المحافظة، بينما يتهم علي الأحمدي
الناطق باسم "مجلس المقاومة الشعبية في عدن"، التحالف السعودي بأنه ليس
لديه حكومة أو جيش ووزراة دفاع في عدن وفي الجنوب.
على الجبهات الأخرى ولاسيما في الضالع وتعز، لا تشي
المعارك المستدامة بأن قوات الجيش واللجان تتراجع أمام وعود طال انتظارها بالحسم،
بل على العكس من ذلك تتخذ هذه القوات زمام المبادرة وتقوم بتحسين مواقعها.
في هذا السياق وبالنظر إلى موزاين القوى الحالية
والبعيدة المدى، لم يعد من الممكن المراهنة على حسم عسكري، بحسب شبه إجماع
المهتمين في الِيمني عدا قلة قليلة متعطشة للدم. بهذا المعني قد يكون من المستحيل
فرض شروط الاستسلام العسكري والسياسي التي تجهر بها حكومة الرئيس هادي. ولا تبدو
تقارير الأمم المتحدة والمنظمات الانسانية في اليمن حافزاً لوقف الدمار وقتل
الأطفال، بل ربما يجري التعويل على تراجع الأمم المتحدة عن بعض تقاريرها التي تتهم
السعودية، ما أن تهدّد السعودية بقطع مساهمتها المالية، وفق بان كي مون.
الجهود الكويتية الطويلة أسفرت عن اضطلاع اسماعيل ولد
الشيخ أحمد بمسؤولية الاتفاق على تشكيل حكومة وحدة وطنية تقوم بالإعداد لحوار
سياسي ومشاركة مجمل الأطراف في "خريطة طريق" وصولاً إلى برّ الأمان. هذا
الاتفاق الهش هو ما يحاول الرئيس هادي الاطاحة به قبيل موعد استئناف المشاورات.
أما المتحدث باسم الحكومة فقد نفى أن يكون هناك رؤية أو خريطة طريق، بل كانت
أفكاراً شفهية رفضتها الحكومة في الكويت، بحسب قوله.
الحرب المأساوية
في اليمن ولّدت إدماناً مألوفاً على الحرب، والحرب لو يعلمون تستعر نيرانها في
القلوب، يقول ميخائيل نعيمة.