واشنطن بين مدِّ "طوفانِ الأقصى" وجَزْرِ البحرِ الأسود
تحرّك واشنطن كان بذريعة منع اتساع رقعة الحرب في المنطقة لكنّ إبحار حاملات الطّائرات كان بمنزلة إعلان الحرب وانضمام الولايات المتحدة إلى الكيان الصّهيونيّ.
إرهابيّون فاق إرهابهم كلّ إرهابٍ، سفّاحون وقَتلةٌ جسّدوا وهْم "الهولوكوست" وحوّلوه من أكذوبةٍ بنوا عليها أمجاد كيانهم إلى حقيقةٍ يستكملون من خلالها توسيع كيانهم العنصريّ على أشلاء أطفال غزّة ونسائها وشيوخها، بدعمٍ دوليٍّ وأمميٍّ اتّخذ قرار العدوان على غزّة تحت عنوان "حقّ إسرائيل بالدّفاع عن نفسها".
استُدعيت حاملة الطّائرات الأميركيّة "جيرالد فورد" التي تعدّ أقوى وأغلى حاملة طائرات في العالم، حاملة الطراد USS Normandy (CG 60)، إضافةً إلى المدمرات USS Thomas Hudner (DDG 116)، وUSS Ramage (DDG 61)، والمدمّرات USS Thomas Hudner (DDG 116)، وUSS Ramage (DDG 61)، يو أس أس كارني (DDG 64)، ويو أس أس روزفلت (DDG 80). وحاملة الطّائرات "أيزنهاور" التي تضمّ في مجموعتها حاملة الطّائرات يو أس أس أيزنهاور وطراد الصّواريخ الموجّهة يو أس أس بحر الفلبين (CG-58)، ومدمّرات الصّواريخ الموجّهة يو أس أس لابون (DDG-58)، ويو أس أس ماسون (DDG-87)، ويو أس أس جرافلي DDG-). 107).
تحرّك واشنطن كان بذريعة منع اتساع رقعة الحرب في المنطقة لكنّ إبحار حاملات الطّائرات كان بمنزلة إعلان الحرب وانضمام الولايات المتحدة إلى الكيان الصّهيونيّ في ظلّ تعزيزٍ عديد القوّات الأميركيّة، كلّ ذلك يؤشّر إلى المشروع الذي فشلت في تحقيقه الولايات المتحدة الأميركيّة في عدوان تموز/يوليو 2006 على لبنان أي فرض شرق أوسط جديد بتأييدٍ دوليٍّ ضمن عدوانٍ أمميٍّ يحمل الآتي:
1 – إعادة ترميم صورة الكيان الهشّ، وتأهيل "جيش" الكيان الصّهيوني وإدارة العمليّات بعد التراجع الملحوظ في أدائه، خاصّة بعد عمليّة "طوفان الأقصى". 2 -محاولة ردع إيران وحزب الله عن التدخّل في العدوان على غزّة. 3 -دعم "جيش" العدوّ الإسرائيليّ وإمداده بالسّلاح والعتاد. 4 جمع المعلومات الاستخباريّة ومراقبة الأجواء في المنطقة عن قربٍ. 5 – فرض واقعٍ جديدٍ في الشّرق الأوسط من خلال طمس القضيّة الفلسطينيّة والقضاء على حركات المقاومة في المنطقة.
من الواضح جدّاً أنّ حضور القوّة الأميركيّة إلى البحر المتوسط شكّل عنصر تصعيدٍ وتهديدٍ في آنٍ معاً، وما يؤكّد ذلك إعلان وزير الدّفاع لويد أوستن في بيانٍ نشر قوّاته وتوجيه المجموعة الهجوميّة لحاملة الطّائرات "يو أس أس دوايت دي أيزنهاور" (CSG) بالبدء في التحرّك إلى شرق البحر الأبيض المتوسّط، "في إطار جهودنا لردع الأعمال العدائيّة ضدّ إسرائيل، أو أيّ جهودٍ تهدف إلى توسيع نطاق هذه الحرب في أعقاب هجوم حماس على إسرائيل" فأميركا الهاربة من جحيم الحرب التي لم تحسمها في أوكرانيا تبحث عن إنجاز ما تحقّقه إدارة بايدن قبل انتهاء ولايته، ولعلّ الإنجاز الأسمى هو إنقاذ كيان "شعب الله المختار".
لكن المهمّة الأميركيّة لن تتحقّق من دون إزالة عناصر التّهديد للكيان المتمثّلة بحركات المقاومة في المنطقة، وهذا يستدعي النّزال والمواجهة مع إدراكها أنّ الثّمن الذي ستدفعه سيكون باهظاً، خاصّة أنّ تجربتها في لبنان عام 1983 كانت مريرةً وحافلةً بالهزائم، وحينها لم تكن المقاومة تمتلك إلّا سلاحاً نوعيّاً لا تزال تحافظ عليه حتى اليوم، وهو سلاح الاستشهاديّين الذين دكّوا حصون قوّات النّخبة من "المارينز" والسّفارة الأميركيّة في بيروت، فولّت حينها حاملة الطّائرات "نيوجرسي" تجرّ خلفها أكبر هزائمها، وتحمل على متنها 241 تابوتاً لجنود وضبّاط النّخبة من قوّات "المارينز".
ومع تصاعد وتيرة المواجهات مع "جيش" العدوّ الصّهيوني في جنوب لبنان وصمود المقاومة في غزّة، بالرّغم ممّا تمارسه آلة القتل الإسرائيليّة- الأميركيّة من ارتكاب مجازر بحقّ المدنيّين فيها لا يزال رعب جبهة الشّمال يؤرق الكيان وقبله الولايات المتحدة الأميركيّة التي لم تكتفِ بإرسال حاملات الطّائرات بل تعمل على تعزيز وحدة الدّفاع الجويّ وفق إعلان وزير الدّفاع لويد أوستن عن إرسال نظام الدّفاع الجويّ "ثاد"، وسط التوترات المتزايدة في المنطقة، ونشر تلك المنظومة في السعوديّة وكردستان العراق والأردن، وفقاً لما تناقلته وسائل الإعلام.
وهذا يعني أن قراراً أميركيّاً اتُّخذ بشأن الحرب، لا سيّما بعد تعرّض العديد من القواعد الأميركيّة في العراق لهجماتٍ صاروخيّةٍ من المقاومة العراقيّة وإسقاط الصّواريخ اليمنيّة والمسيّرات في البحر الأحمر من جانب القوّات الأميركيّة ما رفع نسبة التّهديد للأميركي الذي إذا ما قرّر دخول الحرب فإنّه لن يحصد إلّا مجموع هزائمه المتراكمة من فيتنام إلى أفغانستان والعراق ولبنان وسوريا واليمن، ولن تحمي كيانه المدلّل لا حاملات الطّائرات ولا صواريخ (THAAD).
وعلى حلفائه الذين حوّلوا بلادهم إلى قواعد أميركيّة، وأتاحوا له نصب قواعد الدّفاع الجويّ لحماية الكيان الصّهيوني أن يدركوا أنّهم شركاء في قتل الشّعب الفلسطينيّ، وشركاء في جرائمه ويقع عليهم ما يقع على العدوّ الصّهيوني في المواجهة. فأميركا التي ألبستها روسيا ثوب الهزائم في البحر الأسود سيدفنها "طوفان الأقصى" في البحر الميت.