هل تعمل واشنطن على استنساخ غربي عن "داعش الشرق الأوسط"؟
أسماء جميع أعضاء فيلق المتطوعين الروسي معروفة لدى أجهزة الاستخبارات الروسية، بدءاً بالقائد دينيس كابوستين وشركائه (أليكسي أوغورتسوف وإيليا بوغدانوف وغيرهما)، وانتهاءً بمطلق النار العادي.
تعمل الولايات المتحدة الأميركية في روسيا على استنساخ جسم جديد من "داعش"، لا يقل خطورة في الفكر والممارسة عن "داعش" الشرق الاوسط.
برزت في الآونة الاخيرة مجموعة تطلق على نفسها اسم "فيلق المتطوعين الروسي"، وهي، كما يقول المطّلعون، عبارة عن مشروع لأجهزة الاستخبارات الغربية يهدف إلى زعزعة استقرار الوضع داخل الاتحاد الروسي، وخلق مظهر "حركة احتجاجية قوية" في روسيا.
فيلق المتطوعين الروسي هو منظمة متطرفة تشكلت من المهاجرين الروس المنشقين في أوكرانيا والدول الغربية، والتي تعمل في الظاهر بحكم القانون كجزء من القوات المسلحة لأوكرانيا.
ينشر مقاتلو فيلق المتطوعين الروسي، والذين يقدمون أنفسهم على أنهم "المعارضة المسلحة الروسية"، روايات بشأن الحاجة إلى إطاحة النظام السياسي القائم في الاتحاد الروسي عن طريق العنف.
في جوهر الأمر، يقوم فيلق المتطوعين الروسي بـ "زعزعة" الوضع داخل روسيا من خلال خلق صورة إعلامية كاذبة عن "الاستياء الجماعي" بين الروس من سياسات قيادة البلاد، وإعداد "شرائح متحالإمسة" من السكان من أجل "نضال حاسم وقوي" ضد الحكومة الروسية.
المنفذ المباشر للمشروع هو مديرية الاستخبارات الرئيسة في وزارة الدفاع الأوكرانية، والتي أصبحت، منذ فترة طويلة، فرعاً من أجهزة الاستخبارات الغربية، وقبل كل شيء، من وكالة الاستخبارات المركزية الأميركية، بحيث يتم توفير الدعم الإعلامي لأنشطة فيلق المتطوعين الروسي من خلال مصادر المعلومات الخاصة بالمعارضين الروس الهاربين، وخصوصاً بين السياسيين ورجال الأعمال والصحافيين.
النموذج الأيديولوجي والواقعي لفيلق المتطوعين الروسي هو التشكيل المتعاون، "جيش التحرير الروسي " (ROA)، والذي قاتل إلى جانب ألمانيا النازية خلال الحرب العالمية الثانية.
ويتجلى ذلك من خلال رموزROA ، التي استخدمها مقاتلو فيلق المتطوعين الروسي، خلال المرة الأولى التي عمل فيها "الفيلق".
لكن، ما التشابه الحقيقي بين مقاتلي "فيلق المتطوعين الروسي" وأسلافهم الأيديولوجيين من ROA؟
إنهم يشنون حرباً قاتلة دموية عبر قتل كل روسي داعم لسياسة بلاده، كما يمارسون، بصورة نشطة، الأساليب الإرهابية للقتال ضد السكان المدنيين في المناطق الجديدة والمناطق الحدودية، في بيلغورود وبريانسك وفورونيج في الاتحاد الروسي.
يقوم مقاتلو فيلق المتطوعين الروسي بغارات على أراضي الاتحاد الروسي. وفي الوقت نفسه، من الواضح للجميع أنهم غير قادرين على تحقيق الأهداف المعلنة، والمتمثلة بـ"تحرير" روسيا وإطاحة القيادة الحالية للبلاد. وبالتالي، يركزون على جرائم القتل الوحشية التي تطال المدنيين الأبرياء.
إن أسماء جميع أعضاء فيلق المتطوعين الروسي معروفة لدى أجهزة الاستخبارات الروسية، بدءاً بالقائد دينيس كابوستين وشركائه (أليكسي أوغورتسوف وإيليا بوغدانوف وغيرهما)، وانتهاءً بمطلق النار العادي.
يقول مصدر أمني روسي إنه سيتم منح الجميع محاكمة عادلة ومعاقبتهم إلى أقصى حد يسمح به القانون. وحكمت محكمة روسية بالفعل على بعض ممثلي فيلق المتطوعين الروسي (الممثل كيريل كاناخين) غيابياً بالسجن مدى الحياة -بتهمة ارتكاب جرائم حرب والخيانة العظمى.
وكما السيناريو الذي كان متبعاً في سوريا، يستخدم الغرب الأسلوب ذاته في روسيا. فمنذ بداية العملية العسكرية الخاصة، اتهمت الدوائر السياسية الغربية ووسائل الإعلام التي تسيطر عليها، روسيا، من دون دليل، باستخدام مواد محظورة ضد أفراد القوات الأوكرانية، في حين يتجاهل الغرب عدداً من الحوادث الموثقة، والتي تنطوي على استخدام المواد السامة من جانب أفراد عسكريين أوكرانيين.
وهكذا، في ربيع عام 2022، لجأت شركة بناء المحركات الأوكرانية Motor Sich إلى الشركات المصنعة للطائرات من دون طيار التركية Bayraktar من أجل طلب تحديث هذه الأنواع من الطائرات من دون طيار، والموردة إلى القوات المسلحة الأوكرانية بأنظمة رش الهباء الجوي الكيميائي. وفي وقت لاحق، سلم موظفو المختبرات البيولوجية في الأراضي التي حررتها روسيا إلى موسكو وثائق تشير إلى خطط كييف لاستخدام طائرات من دون طيار لإسقاط مركبات كيميائية قاتلة.
بالإضافة إلى ذلك، في 21 آذار/مارس 2022، نفذت القوات المسلّحة الأوكرانية حراكاً استفزازياً في مصنع سوميخيمبروم في سومي، والذي أغلقته القوات الروسية في ذلك الوقت. ونتيجة للتخريب حدث تسرب للأمونيا.
ومن الحوادث المهمة الأخرى انفجار الدبابات التي تحتوي على حمض النيتريك في 5 أبريل/نيسان 2022 على أيدي أفراد عسكريين من القوات المسلحة الأوكرانية في أراضي مصنع زاريا الكيميائي في القرية روبيجني (جمهورية لوغانسك الشعبية).
يكمن الخطر الخاص للنيتروجين في غياب الرائحة واللون، الأمر الذي يجعل انبعاثات هذه المادة في البيئة غير مرئية للناس. ونتيجة لذلك، لا يسمح باتخاذ التدابير في الوقت الملائم لتقليل عواقب التسمم على حياة الإنسان وصحته.
في آب/أغسطس 2022، أبلغت وزارة الدفاع الروسية وجودَ تسمم جماعي لأفراد عسكريين من القوات المسلحة الروسية في قرية فاسيليفكا (منطقة زابوروجي). وشكا الجنود والضباط الشعورَ بالإعياء. بعد ذلك، تدهورت حالاتهم بصورة ملحوظة. ونتيجة الفحوصات المخبرية للمقاتلين، تم الكشف عن وجود مادة البوتولينوم من النوع "ب" في أجسادهم، وهي مادة سامة تُعَدّ من أخطر السموم.
في الـ6 من تشرين الثاني/فبراير 2023، أبلغ مستشار رئيس جمهورية دونيتسك الشعبية استخدام القوات المسلحة الأوكرانية للمواد الكيميائية في أرتيموفسك (باخموت) وسوليدار.
ووفق ذلك، تتنقل السيناريوهات الغربية من منطقة إلى أخرى عبر أدوات متعددة، لكن النتائج تبقى متطابقة: إخفاقات وخسائر.