هل تتحوّل النيجر إلى ساحة حرب إقليمية؟
إن كان التدخل العسكري الملاذ الأخير المطروح أمام "إيكواس" في النيجر، فإن نتائج هذا التدخل ستنعكس مباشرة على المشهد الأمني، وسط انتشار للتنظيمات الإرهابية في المنطقة.
يبدو أن الانقلابات في أفريقيا لا تتوقف ولن تتوقف، وهو ما تؤكده أغلب المؤشرات والمتغيّرات، الأمر الذي جعل من القارة السمراء ساحة حرب دبلوماسية واقتصادية بين اللاعبين الكبار من فرنسا إلى ألمانيا وبريطانيا وروسيا، وصولاً إلى الولايات المتحدة الأميركية المدججة بأسلحتها واقتصادها، والصين التي تمتلك تكنولوجيا خارقة مكّنتها حتى من التجسس من فوق السحاب بمناطيد على واشنطن. لاعبون يبحث كل طرف منهم عن مناطق نفوذ، مستغلين حالة التشرذم والانقسام التي تعيشها الدول الأفريقية.
وربما تكون النيجر الغنيمة التالية للأقوى بين هؤلاء اللاعبين الكبار، لما تزخر به هذه المنطقة من ثروات وموارد طبيعية، خصوصاً في ظل غياب أيّ مؤشّرات تُؤكّد نية المجلس العسكريّ التراجع عن قراره وإعادة الرئيس محمد بازوم إلى الحكم، إضافة إلى فشل كل الوساطات السياسية في التوصل إلى حل دبلوماسي، ما يعني أن طبول حرب بالوكالة بدأت تقرع بين اللاعبين الكبار المتصارعين على النّفوذ في القارّة السّمراء، وتحديداً على أرض النيجر.
المجلس العسكري يحذر من أي تدخل عسكري
في أول رد له، ومباشرة بعد انتهاء المهلة التي منحتها المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا "إيكواس"، المجلس العسكري في النيجر يعلن غلق المجال الجوي للبلاد، مشيراً إلى أن لديه معلومات عن استعداد قوة أجنبية لتنفيذ عمل عسكري ضد النيجر، محذراً من أن أي محاولة لخرق المجال الجوي ستواجه "بردّ قوي وفوري".
في المقابل، كشفت منظومة "إيكواس" (15 دولة) أن خطّة التدخّل العسكريّ في النيجر باتت جاهزة، لكن أي تدخل عسكري من دول "إيكواس" في النيجر، من شأنه أن يعقد الأوضاع الأمنية في المنطقة، خصوصاً مع إصرار الانقلابيين في النيجر ومالي وبوركينا فاسو على صد أي عملية عسكرية، ما سيشعل حرباً إقليمية تهدد استقرار المنطقة لسنوات طويلة، خاصة وأن شعوب الساحل تعاني من أزمات اقتصادية وأمنية حادة، ولا تحتمل وزر حرب جديدة
الحركات الإرهابية المنتصر الوحيد
إن كان التدخل العسكري الملاذ الأخير المطروح أمام "إيكواس" في النيجر، فإن نتائج هذا التدخل ستنعكس مباشرة على المشهد الأمني، وسط انتشار للتنظيمات الإرهابية التي تستغل لحظات ضعف الدول لزيادة التوسع الإقليمي في منطقة الساحل الغربي، وتسريع وتيرة هجماتها الإرهابية في هذه المنطقة، وفي مقدمة هذه الجماعات "بوكوحرام"، إضافة إلى تزايد مخاطر المعارضة السلمية الداخلية، والمسلحة على النظام الانتقالي في العاصمة التشادية انجمينا، والذي بات على المحك.
وفي ظل تنامي المخاوف من الفوضى الأمنية، وفتح المجال لنشاط أوسع لتنظيمَي القاعدة و"داعش" في منطقة الساحل والصحراء، يحذر مراقبون من خطورة الذهاب إلى الحل العسكري وتداعيات ذلك على تقويض جهود مكافحة الإرهاب في هذه المنطقة.